العصر، وكذلك دراسة أساليب المؤلفين، فإن لكل عصر أسلوبه ومصطلحاته وعلومه، ولكل مؤلف أسلوب يُمكن التهدي إلى معرفة صاحبه، بِمقارنة أسلوب الكتاب بالأساليب المشابهة في الموضوعات المشابهة في الكتب الأخرى، وإذا عثر المحقق على طائفة من نصوص الكتاب متضمنة في كتب أخرى، فإن ذلك يسهل الوصول إلى حقيقة المؤلف، مع ملاحظة أن وجود اسم المؤلف لا يَمنع من وقوع التصحيف والتحريف فيه؛ ولابد في كل هذه الأحوال من الرجوع إلى فهارس المكتبات وتراجم المؤلفين للتثبت وقطع الشك باليقين.
التحقيق من نسبة الكتاب إلى مؤلفه:
وفي حالة كون المخطوط كاملًا، فيه عنوان الكتاب واسم المؤلف، ينبغي التثبت من صحة نسبة الكتاب إلى مؤلفه، وخاصة بالنسبة للكتب المغمورة التي ليست لها شهرة، فبعض الكتب لا تتناسب مادتها العلمية مع مكانة وعلم مؤلفها، ومن المؤلفين من لم يعرف عنه أنه خاضَ في موضوع بعيد عن اهتماماته، أو أن أسلوب الكتاب لا يوافق أسلوب المؤلف في كتبه الأخرى، وحقِّا إن المؤلف الواحد قد تتفاوت مستويات مؤلفاته باختلاف سني عمره، فإن فترة الشباب يعتريها الضعف، وإن فترة علو السن يتضح فيها النضج والخبرة، ومع اعتبار كل ذلك، فلابد من التثبت والتحقق، فإن هناك مَجموعة من الكتب نسبت إلى مؤلفين معروفين، اتضح بالتحقيق أنها منسوبة إليهم ومَحمولة عليهم، والأمثلة في هذا كثيرة نَجتزيء بذكر بعض منها:
من ذلك كتاب باسم "كتاب تنبيه الملوك والمكايد" المنسوب للجاحظ، وفيه حكايات وأخبار حدثت بعد عصر الجاحظ، من ذلك وجود باب فيه بعنوان (نكت من مكايد كافور الإخشيدي)، و(مكيدة توزن بالمتقى لله)، وبين الْجَاحظ (ت ٢٥٥ هـ)، وكافور (ت ٣٥٧ هـ)، وبين
1 / 13