عبد الله بن أبي الشيص:
حذِرْتُ الهوى حتى رُميتُ مَن الهوى ... بأصْرَدِ سهمٍ في قِسيِّ الحواجبِ
رَمَينَ فأصْمَيْنَ القَلوبَ مكانَها ... وتُخطي يَدُ الرامي له في المغايِبِ
محمد بن عبد الرحمن الكوفي:
وَمُستلِبٍ عينَ الغزالِ وقد تُرى ... بِجبهتِهِ عينُ الغزالةِ ماثِلا
تَنادَلَ قوسَ الحاجِبينِ مُفَوَّقًا ... بأسْهُمِ ألحاظٍ تَشُكُّ المَقَاتِلا
خالد الكاتب:
له مِن مهاةِ الرملِ عيْنٌ مَريضةٌ ... ومِن ناضِرِ الريْحانِ خُضْرَةُ شارِبِ
ومن يانعِ التُفَّاحِ خدٌّ مورَّدٌ ... ومن خَطِّ حُلوِ الخطِ تقويسُ حاجبِ
ومن ناعِمِ الأغصانِ قَدُّ وقامةٌ ... ومن حالِكِ الحِبْر اسودادُ الذَوائبِ
ومن كُلِّ ما تهوى النفوسُ وتَشْتَهي ... نَصيبٌ، وما فيهِ نَصيبٌ لِعائِبِ
آخر:
غَزاني الهوى في جَيشِهِ وجُنودِه ... وعبَّا عليَّ الخيلَ من كُلِّ جانِبِ
بِمَيْسَرةٍ أعلامُها أعينُ المها ... ومَيْمَنَةٍ تَقضي بِزُجِّ الحواجبِ
وأثْبَتَ شخصَ البدرِ في حَوْمَةِ الوغى ... بِرايتِهِ الكُبرى لِفَلَّ الكتائِبِ
الموصلي:
فوقَ العيونِ حواجبٌ زُجُّ ... تحتَ الحواجبِ أعيُنٌ دُعْجُ
ينظرنَ من خَلَلِ النقابِ وإنَّما ... تحتَ النِقابِ ضواحكٌ فُلْجُ
وإذا نظرنَ رَمَقْنَ عن مُقلٍ ... تَسبي العقولَ وحَشوُها غُنْجُ
وإذا ضَحِكنَ ضَحِكْنَ عن بَرَدٍ ... عَذْبٍ الرُضاب كأنّه ثَلْجُ
وإذا نَزعن ثيابَهُنَّ تَرَسَّلَتْ ... فوق المتون ذوائِبٌ سُبجُ
وافيْنَ مكَّةَ للحَجيجِ فلمْ ... يَسلمْ بهنَّ لُمحرِمٍ حَجُّ
الباب الثامن
العيون والزرقة والشهلة والحول والرمد
قال الأصمعي: ما وصف أحد العيون بمثل ما وصف به عدي بن الرقاع:
وكأنها بين النِساءِ أعارها ... عَينيهِ أحورُ من جآذرِ جاسِمِ
وسْنانُ أقصَدَُ النُعاسُ فرنَّقَتْ ... في عينِهِ سنةٌ وليس بِنائمِ
الناجم:
كادَ الغزالُ يكونُها ... لكنَّما هُو دونُها
والنرجسُ الغضُّ الجنيُّ أغضُّ منهُ جُفونُها
مَنْ كانَ يعرفُ فَضلَها ... فعنِ القياسِ يصونُها
جرير:
لولا مُراقبةُ العيونِ أرْيننا ... حدقَ المها وسوالِفَ الآرامِ
ونظرنَ، حين سمِعْنَ جَرْسَ تحيَّتي ... نظرَ الجيادِ سمِعْن صوتَ لجامِ
ابن المعتز، والناس يستبدعونه:
عَليمٌ بما تحتَ الصدورِ من الهوى ... سريعٌ بكرِّ اللحظِ والقلبُ جازعُ
ويجرحُ أحشائي بعينٍ مريضةٍ ... كما لانَ مَسُّ السيفِ والسيفُ قاطِعُ
البحتري:
ويحسُنُ دلُّها والموتُ فيهِ ... وقد يُستحسَنُ السيفُ الصقيلُ
وقد قال سلم الخاسر في الرشيد:
طلعَ الخليفةُ مطلعَ الشمسِ ... فَعَلا رقابَ الجِنِّ والإنسِ
وعليهِ مصقولٌ عوارضُهُ ... خَشِنُ الكريهةِ ليِّنُ المسِّ
وتقول العرب: الحية لين لمسها، قاتل نهشها.
وقول ابن المعتز في معناه حسن:
إن زَنَتْ عينُهُ بغيركَ فاضرِبْها بطول السُهادِ والدمعِ حَدّا
وقد كرر فقال:
أتَتْني تؤنِّبُني في البُكاء ... فأهلًا بها وبتَأنيبِها
تقولُ، وفي قولِها حشمةٌ ... أتَبْكي بعينٍ تَراني بها
فقلتُ: إذا استحسَنَتْ غيركُمْ ... أمرتُ الُدموعَ بتأديبِها
وهذا من مختار شعر ابن المعتز. إلا أنه عكس قول الأخطل:
فلا تلمُمْ بدارِ بني كُليبٍ ... ولا تقرَبْ لهمُ أبدًا رِحالا
فإنَّ لهم نساءً مُبرقاتٍ ... يكدْنَ ينِكْنَ بالحدَقِ الرِجالا
قال أبو المثنى: أنشدني خالد لنفسه بديهة:
عَينهُ سفَّاكةُ المهجِ ... مِن دَمي في أعظمِ الحَرَجِ
أسْهرتْني وهي لاهيةٌ ... باحْوِرارِ العيْنِ والدَعَجِ
قُلْ لظبيٍ كلُّهُ حَسنٌ ... عَجَبي من فِعلكَ السَمِجِ
لا أتاحَ اللهُ لي فَرَجًا ... يومَ أدْعو منكَ بالفرجِ
قال: فأنشدتها وهبًا الهمداني فأنشدني لنفسه بديهة:
تعملُ الأجفانُ بالدَّعجِ ... عملَ الصَّهباء بالمُهَجِ
1 / 12