Maharraban Littattafai na Timbuktu
مهربو كتب تمبكتو: السعي للوصول إلى المدينة التاريخية والسباق من
Nau'ikan
غير أن مصدر القلق الأكبر لإسماعيل كان يتمثل في مخطوطاته. كان مشغولا في مكتبة فوندو كاتي الخاصة به، وبحلول يوم الأربعاء كانت الوثائق قد صارت مخبأة في أماكن رفض أن يبوح بها حتى بعد عامين ونصف. وكان كل ما قاله: «بهذه الطريقة، حتى وإن أتى الرجال إلى المبنى، ما كانوا سيجدون أي شيء.»
لم يكن هو الوحيد الذي يخفي المخطوطات. كانت مكتبة الونجري - التي كان يقال إنها تعتمد على المجموعة الأصلية للشيخ محمد باغايوغو (بغيغ)، العلامة الذي عاش في تمبكتو في القرن السادس عشر - تحت رعاية القائم عليها محمد سيسيه بينما كان مالكها في الخارج. في الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الخميس، انزعج سيسيه من تحذير جاءه في مكالمة هاتفية من مجهول. قال المتحدث: «توخ الحذر، فالأشرار واقفون أمام بوابتك.»
جعلت المكالمة سيسيه يقع في حيص بيص. ماذا كان بوسعه أن يفعل؟ كان عليه أن يذهب ليرى من هؤلاء «الأشرار» ويعرف مبتغاهم. عندما بلغ مبنى المكتبة، القائم في أحد التقاطعات في متاهة الشوارع الواقعة خلف مسجد سيدي يحيى، رأى شاحنتين صغيرتين من شاحنات الجهاديين واقفتين بالخارج أمام واجهة المبنى. حسبما بدا له، لم يكن الرجال المسلحون ينوون الدخول، ولكن مع ذلك كان قلقا. في تلك الليلة اتصل بمالك المكتبة، مختار بن يحيى الونجري، ليخبره بما حدث، واتفقا على أنه ينبغي نقل المخطوطات. وبعد يومين، جاء سيسيه وشقيق مختار الأكبر في جنح الظلام ببضع حقائب وبعض الخزائن لبدء عملية النقل.
تذكر سيسيه الأمر قائلا: «تأملت الجو العام [حول المكتبة]، وتحققت مما إذا كان هادئا حقا وأنه لم يكن يوجد أشخاص مسلحون يتسكعون عند الناصية.» كان الشارع خاليا من المارة؛ لذا انسلا إلى الداخل وأغلقا الباب خلفهما، وشرعا في إنزال المخطوطات من فوق الأرفف ووضعها في الحقائب والخزائن. ومن شدة ارتباكهما لم يعطيا الأولوية للمخطوطات الأكثر أهمية؛ وإنما أخذا ما استطاعا أخذه. استغرق الأمر من نصف ساعة إلى ساعة لملء كل خزانة. أضاف قائلا: «في كل مرة كنا نأخذ مخطوطة، كان يتعين علينا أن نفعل ذلك برفق، وأن نتوخى الحذر حتى لا نتلفها؛ لأن المطويات قديمة جدا. كان ذلك هو السبب في استغراق الأمر الكثير من الوقت.» عندما كان أحد الصناديق يمتلئ، كان يغلق بقفلين. وضعا بعض المخطوطات في حقائب أيضا، لكن كان يصعب حمل هذه الحقائب.
أصغيا بانتباه قبل أن يغادرا، وعندما كان الشارع في الخارج هادئا، أخذا نفسا عميقا وفتحا الباب. حمل أحد الرجلين الخزائن على عربة يد، بينما أحضر الآخر الحقائب الثقيلة. كان شقيق مختار يقطن على مسافة قريبة، على الطريق الرئيسي في الناحية المقابلة لمسجد سيدي يحيى، وأخذا المخطوطات إلى منزله ووضعاها في غرفة مظلمة، وغطياها بأغراض منزلية أخرى بحيث حتى لو جاء أحد ما وتفقد المكان، ما كان سيراها.
لم يكن إخفاء المخطوطات خيارا متاحا للمكتبة الأكثر ظهورا للعيان، الكائنة في مبنى أحمد بابا الجديد في سانكوري، التي احتوت على حوالي 15000 وثيقة من جملة وثائق المعهد البالغ عددها 38803 وثائق. كان رئيس المعهد عاكفا على العمل في هذه المهمة في أيامه الأخيرة ثم سلمها إلى مدير جديد، ولاذ بالفرار من المدينة في ذلك الأسبوع. كان عبد الله سيسيه، وهو رجل طويل القامة ذو وجه بارز العظام، هو الآن أقدم موظفي المؤسسة في تمبكتو. وفي يوم الخميس، تلقى هو الآخر تحذيرا من مجهول. قيل له: «ثمة عصابات تريد أن تأتي وتدمر مكتبتك.» قرر أنه يوجد شيء يمكنه فعله؛ وهو أن يطلب المساعدة من المحتلين الجدد للمدينة.
انطلق صوب معسكر الجيش، الذي كان الجهاديون يتخذونه قاعدة لهم في ذلك الوقت، وسأل حارسا ملتحيا يرتدي زيا عسكريا إن كان يمكنه أن يتحدث مع إياد آغ غالي. لكن قائد جماعة أنصار الدين لم يكن هناك، وبدلا من ذلك أحيل سيسيه إلى قائد آخر، وهو رجل تشادي يدعى أداما الذي سيشتهر بأنه يرتدي سترة انتحارية أينما ذهب. أوضح له سيسيه أنه كان قد تلقى تهديدا بأن مبنى أحمد بابا سيتعرض للنهب، وأخبره أنه يجب حمايته مهما كلف الأمر. وعده أداما بأنه سيرى ما بوسعه فعله.
بعد يومين، وصلت مجموعة من الجهاديين إلى سانكوري وبدأت في الانتشار حول المبنى. ذهب سيسيه ليتحدث إليهم، وأخبرهم أنه كان يعمل لحساب المعهد وأنه تمبكتي؛ قال: «أنا من المدينة ولن أغادرها»، وأنه يتعين عليه أن يأتي بانتظام ليتحقق من أن كل شيء في أمان، فتلك كانت وظيفته. اتفقوا على أن يدعوه يتفقد المكان متى أراد، واستمر في زيارة المبنى كل بضعة أيام ليتأكد من أنه لم يحدث أي ضرر به.
في مبنى أحمد بابا القديم في شارع شيمنيتز، كان متعهد المبنى أبا تراوري وحفيده حاسيني يحاولان أن يصدا مجموعات اللصوص الذين طلبوا منهم أن يفتحوا المخازن، وكانا يخبرونهم بأنهما لم يكن معهما أي مفاتيح. وعندما شرحا هذه المشكلة للجهاديين، تلقيا رسالة باللغة العربية مفادها أن المبنى كان تحت حمايتهما وأنه يجب أن يترك وشأنه. تذكر حاسيني قائلا: «عندما كان يجيء اللصوص، كنا نريهم الرسالة، وكانوا يذهبون على الفور.» ثم أردف: «هكذا تعاملنا مع الأمر.» •••
طوال شهر أبريل، مع ازدياد حرارة الجو، انحسر الناس من شمال مالي. جهز اللاجئون أمتعتهم بالقليل من الأشياء الأساسية، وأغلقوا بيوتهم، ومضوا لركوب أي وسيلة مواصلات استطاعوا أن يجدوها. غادر البعض إلى بلدان مجاورة - موريتانيا، وبوركينا فاسو، وكوت ديفوار - حيث انتهى بهم الحال إلى معسكرات لاجئين؛ وذهب آخرون إلى جنوب مالي، متوقفين في سيجو، أو موبتي، أو باماكو. غادر قرابة نصف مليون شخص الشمال في ذلك العام. ذهب البعض للإقامة مع أقربائهم، وتشاركوا في شقق صغيرة مع عائلات كانت تكدح من أجل لقمة العيش حتى قبل الأزمة، وعاشوا على هبات من برنامج الغذاء العالمي ومنظمات خيرية كانت موجودة في البلاد منذ عقود. فقد البالغون وظائفهم، وفقد الأطفال تعليمهم، وفي كل مرحلة من مراحل هروبهم كان اللاجئون يتعرضون للنهب، على يد المتمردين في الأرض التي كانوا يلوذون بالفرار منها وعلى يد «العسكريين» في الإقليم الذي كانوا يهربون إليه.
Shafi da ba'a sani ba