Maharraban Littattafai na Timbuktu
مهربو كتب تمبكتو: السعي للوصول إلى المدينة التاريخية والسباق من
Nau'ikan
ذكرت دورية «كوارترلي ريفيو» أن «هذا الصياح والأنين الأبدي حول «غيرة» و«منافسة» إنجلترا» لا يدل إلا على «إدراك دائم التكرر للأفضلية الفكرية والجسدية لمواطنينا على مواطنيهم»، ومضت بعد ذلك لتبذل قصارى ما في وسعها للطعن في «تدليس» كاييه. وأردفت أن لينج كان المكتشف الحقيقي لتمبكتو، بينما كان كاييه «شخصا جاهلا»، وأن جومار لم يفعل ما يمليه عليه ضميره في التحقق من رحلته. وأضافت: «إننا لن نبدي أي رأي بشأن ما إذا كان السيد كاييه قد بلغ تمبكتو أم لم يبلغها، لكننا لن نتردد في أن نقول، فيما يتعلق بأي معلومات عاد بها، بشأن جغرافيا وسط أفريقيا، أو بشأن مسار «جوليبا»، إنه ربما كان من الأفضل لو أنه كان قد بقي في وطنه.» واختتم النقد اللاذع برواية مطولة وجيدة الإحاطة لنظرية المؤامرة البريطانية التي مفادها أن روسو والدغيس قد سرقا أوراق لينج.
تأذى كاييه بشدة من هذه الهجمات، التي أثرت فيه، حسبما قال، أكثر من «كل المشقات، والمتاعب والشظاف» التي كان قد جابهها في الداخل الأفريقي.
في طرابلس، دفع الاحتفال بالفرنسي وارينجتون إلى أن يمشط الصحراء أكثر مما مضى بحثا عن يوميات لينج، التي كانت حينئذ تتحمل عبئا مزدوجا من إنقاذ لمجد بلاده ومجد زوج ابنته. وفي أكتوبر من عام 1828، كتب إلى وزارة الحرب والمستعمرات عن «المؤامرة البائسة» التي كان لديه فيها «ما يدعو إلى الاشتباه في أن القنصل الفرنسي ربما يكون قد سرق أوراق الميجور لينج.» وبحلول شهر مايو من عام 1829، كان يبلغ الحكومة البريطانية بأن الدغيس لم يكن ينتظر فحسب وصول نسخة من كتاب «تاريخ تمبكتو» وإنما أيضا وصول مؤلفه «سيدي علي بابا الأرواني» من توات. (هذا بغض النظر عن حقيقة أن «أحمد» بابا كان قد توفي منذ أكثر من مائتي سنة.)
قال وارينجتون إنه، في البداية، كان يميل إلى السخرية من فكرة أن تأريخا لتمبكتو قد صدر في أفريقيا؛ لأنه لم يكن يعتقد أن أي أفريقي سيهتم بماضي بلده. وتساءل: «هل من المحتمل أن يكون سيدي علي بابا هذا قد فحص السجلات وكتب تاريخ تمبكتو؟ صدقني، إن قصعة كسكسي لهي موضع للبحث عند أي من المور أكثر من تاريخه.» ومع ذلك، كان حينئذ مقتنعا بأن لينج لا بد أن يكون قد تحصل في تمبكتو على تأريخ «علي بابا»، وأن هذا من ثم كان دليلا على المخطط الفرنسي. وأعلن أنه «من المؤكد أنه يحق لنا أن نصدق أن لينج كان بحوزته تاريخ تمبكتو.» كانت ثمة خطوة قصيرة ما بين هذا التوهم واستنتاج أن من كان بحوزته نسخة من هذا «التاريخ» فإن بحوزته أيضا يوميات لينج.
لإجبار الباشا على إخراج الوثائق، قطع وارينجتون العلاقات الدبلوماسية في يونيو من ذلك العام ونكس العلم البريطاني. أما الباشا، الذي اعتمد بقاؤه على أن يستعين بالنفوذ البريطاني في مواجهة الفرنسيين، فقد أصابه الذعر. وفي الخامس من أغسطس أعلن أن مجموعة من الناس كانوا آتين من الصحراء سيشهدون بالتأكيد بأن أوراق لينج قد أعطيت إلى الدغيس والقنصل الفرنسي. وبعدما استقرأ الدغيس الرياح السياسية، قرر أن يهرب؛ وبعد ثلاثة أيام هرب إلى خارج طرابلس على متن فرقاطة أمريكية صغيرة. وبعد ذلك بوقت قصير، أمر الباشا بتنكيس العلم الفرنسي من فوق قنصلية روسو.
تتكشف حالة وارينجتون العقلية في رسالة كتبها إلى وكيل وزارة المستعمرات، آر دبليو هاي، في العاشر من أغسطس، من عام 1829، والتي قال فيها بوضوح: «إن رغبت في أن تتخذ أي خطوات مع السلطات الفرنسية فيمكنك أن تتخذها باطمئنان وثقة؛ لأنني أخشى من أن السيد روسو سيهرب إلى أمريكا هو الآخر، ما إن يسمع بأن فعلته الشائنة قد اكتشفت. إنه لم يختلس من الحكومة الإنجليزية يوميات ومخطوطات الميجور لينج فحسب، وإنما أيضا سرق خطابات لزوجته، ولي، ولعائلتي.»
واختتم وارينجتون بقوله إن الأمر «حقا مروع للغاية ولا يمكنني المتابعة.»
وبعد يومين، توج هجوم وارينجتون المخبول على روسو بعرض للمبارزة. كان البارون بالفعل قد تحمل ما فيه الكفاية؛ وخوفا على حياته، طلب من الولايات المتحدة أن تساعده في الهروب من طرابلس، وهرب، مثل الدغيس، على متن سفينة أمريكية. وبعد أن صارت «مسألة لينج» أزمة دبلوماسية كاملة، عينت الحكومة الفرنسية لجنة للتحقيق في مزاعم وارينجتون. وفي وقت لاحق من ذلك العام، أعلنت أن روسو بريء من كل التهم.
لم تكن التداعيات قد انتهت بعد. كانت تلك الأحداث قد جعلت فرنسا تبدو بلهاء واحتاجت إلى تدارك ذلك. في عام 1830، وصلت سفينة حربية فرنسية إلى مرفأ طرابلس وأمر الباشا علنا بأن يسحب كل التهم التي وجهها إلى القنصل الفرنسي وأن يسدد إلى دائنيه الفرنسيين ديونا بقيمة 800 ألف فرنك. وإذ كانت قاعة عرش الباشا في نطاق المدافع الفرنسية، اضطر إلى أن يقبل. وبعد أن أصبحت الأسرة الحاكمة القرمانلية مفتقرة إلى المال وكذلك إلى المصداقية، كان حكمها يشارف على نهايته؛ وفي عام 1832 أطيح بالباشا من فوق عرشه وعين حاكم عثماني بعد ذلك بفترة وجيزة. توفي الرجل، الذي كان يوما ما حاكم طرابلس القوي، وهو يرتدي أسمالا بالية في كوخ على مسافة قصيرة من القصر الذي كان قد سكنه وقتا طويلا جدا.
كان حال روسو أفضل قليلا. يبدو أنه لم تصل إليه أي نسخة من كتاب «تاريخ السودان»، وهو المخطوط الذي كان من الممكن أن يجعل اسمه بارزا. وبعد التدخل الفرنسي، عاد إلى طرابلس، لكن الشكوك في باريس ولندن ظلت قائمة بشأن مسلكه، ومات بعد ذلك بوقت قصير، في عام 1831. انتهت قصة كاييه نهاية أسعد قليلا. اختير عضوا في جوقة الشرف وكوفئ بمعاش منتظم، وجعله الكتاب الذي يحوي روايته لأسفاره في ثلاثة مجلدات، والذي نشر على نفقة الدولة في عام 1830، رجلا مشهورا. وعلى الرغم من أنه لم ينجح في أن يحظى بدعم من أجل المزيد من الحملات إلى أفريقيا، فقد عاش مع زوجته وأطفاله في مزرعة في غرب فرنسا حتى وقع ضحية لمرض السل وتوفي في السابع عشر من مايو من عام 1838. أما وارينجتون فبقي في طرابلس حتى عام 1846، وعند ذلك الحين أجبر على الاستقالة بعد شجار مع قنصل نابولي على علبة سيجار. وانتقل إلى باتراس، باليونان، حيث مات في العام التالي. ولم يكن قد عثر على يوميات لينج.
Shafi da ba'a sani ba