Muharrar Wajiz
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز
Bincike
عبد السلام عبد الشافي محمد
Mai Buga Littafi
دار الكتب العلمية - بيروت
Lambar Fassara
الأولى - 1422 هـ
قال: «والنصب في الراء على ضربين: على الحال كأنك قلت أنعمت عليهم لا مغضوبا عليهم، أو على الاستثناء كأنك قلت إلا المغضوب عليهم، ويجوز النصب على أعني» . وحكي نحو هذا عن الخليل.
ومما يحتج به لمن ينصب أن غير نكرة فكره أن يوصف بها المعرفة، والاختيار الذي لا خفاء به الكسر. وقد روي عن ابن كثير، فأولى القولين ما لم يخرج عن إجماع قراء الأمصار.
قال أبو بكر بن السراج: «والذي عندي أن غير في هذا الموضع مع ما أضيف إليه معرفة، وهذا شيء فيه نظر ولبس، فليفهم عني ما أقول: اعلم أن حكم كل مضاف إلى معرفة أن يكون معرفة، وإنما تنكرت غير ومثل مع إضافتهما إلى المعارف من أجل معناهما، وذلك إذا قلت رأيت غيرك فكل شيء سوى المخاطب فهو غيره، وكذلك إذا قلت رأيت مثلك فما هو مثله لا يحصى لكثرة وجوه المماثلة، فإنما صارا نكرتين من أجل المعنى فأما إذا كان شيء معرفة له ضد واحد وأردت إثباته، ونفي ضده، وعلم ذلك السامع فوصفته بغير وأضفت غير إلى ضده فهو معرفة، وذلك كقولك عليك بالحركة غير السكون، وكذلك قولك غير المغضوب لأن من أنعم عليه لا يعاقبه إلا من غضب عليه، ومن لم يغضب عليه فهو الذي أنعم عليه، فمتى كانت غير على هذه الصفة وقصد بها هذا المقصد فهي معرفة» .
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: أبقى أبو بكر الذين على حد التعريف، وجوز نعتها ب غير لما بينه من تعرف غير في هذا الموضع، وغير أبي بكر وقف مع تنكر غير، وذهب إلى تقريب الذين من النكرة إذ هو اسم شائع لا يختص به معين، وعلى هذا جوز نعتها بالنكرة، والمغضوب عليهم اليهود، والضالون النصارى. وهكذا قال ابن مسعود، وابن عباس، ومجاهد، والسدي، وابن زيد، وروي ذلك عدي بن حاتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك بين من كتاب الله تعالى، لأن ذكر غضب الله على اليهود متكرر فيه كقوله: وباؤ بغضب من الله [البقرة: 61، آل عمران: 112] ، وكقوله تعالى: قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير [المائدة: 60] فهؤلاء اليهود، بدلالة قوله تعالى بعده: ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين [البقرة: 65] والغضب عليهم هو من الله تعالى، وغضب الله تعالى عبارة عن إظهاره عليهم محنا وعقوبات وذلة ونحو ذلك، مما يدل على أنه قد أبعدهم عن رحمته بعدا مؤكدا مبالغا فيه، والنصارى كان محققوهم على شرعة قبل ورود شرع محمد صلى الله عليه وسلم، فلما ورد ضلوا، وأما غير محققيهم فضلالهم متقرر منذ تفرقت أقوالهم في عيسى عليه السلام. وقد قال الله تعالى فيهم:
ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل [المائدة: 77] .
قال مكي رحمه الله حكاية: دخلت لا في قوله ولا الضالين لئلا يتوهم أن الضالين عطف على الذين.
قال: «وقيل هي مؤكدة بمعنى غير» .
وحكى الطبري أن لا زائدة، وقال: هي هنا على نحو ما هي عليه في قول الراجز:
فما ألوم البيض ألا تسخرا- أراد أن تسخر- وفي قول الأحوص: [الطويل]
Shafi 77