351

Muharrar Wajiz

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

Editsa

عبد السلام عبد الشافي محمد

Mai Buga Littafi

دار الكتب العلمية - بيروت

Bugun

الأولى - 1422 هـ

نزلت، لأنه كان يطوف الرجل في القوم الكثير يطلب من يشهد له فيتحرجون هم عن الشهادة فلا يقوم معه أحد، فنزلت الآية في ذلك، وقال الحسن بن أبي الحسن: الآية جمعت أمرين: لا تأب إذا دعيت إلى تحصيل الشهادة، ولا إذا دعيت إلى أدائها، وقاله ابن عباس، وقال مجاهد: معنى الآية، لا تأب إذا دعيت إلى أداء شهادة قد حصلت عندك، وأسند النقاش إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه فسر الآية بهذا، قال مجاهد: فأما إذا دعيت لتشهد أولا، فإن شئت فاذهب، وإن شئت فلا تذهب، وقاله لا حق بن حميد وعطاء وإبراهيم وابن جبير والسدي وابن زيد وغيرهم.

قال القاضي أبو محمد: والآية كما قال الحسن جمعت أمرين على جهة الندب، فالمسلمون مندوبون إلى معونة إخوانهم، فإذا كانت الفسحة لكثرة الشهود وإلا من تعطل الحق فالمدعو مندوب، وله أن يتخلف لأدنى عذر وإن تخلف لغير عذر فلا إثم عليه ولا ثواب له، وإذا كانت الضرورة وخيف تعطل الحق أدنى خوف قوي الندب وقرب من الوجوب، وإذا علم أن الحق يذهب ويتلف بتأخر الشاهد عن الشهادة فواجب عليه القيام بها، لا سيما إن كانت محصلة، وكان الدعاء إلى أدائها، فإن هذا الظرف آكد لأنها قلادة في العنق وأمانة تقتضي الأداء، ولا تسئموا معناه تملوا، وصغيرا أو كبيرا حالان من الضمير في تكتبوه، وقدم الصغير اهتماما به، وهذا النبي الذي جاء عن السآمة إنما جاء لتردد المداينة عندهم، فخيف عليهم أن يملوا الكتب وأقسط معناه أعدل. وهذا أفعل من الرباعي وفيه شذوذ، فانظر هل هو من قسط بضم السين؟ كما تقول: «أكرم» من «كرم» يقال: أقسط بمعنى عدل وقسط بمعنى جار، ومنه قوله تعالى: أما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا

[الجن: 15] ومن قدر قوله تعالى: وأقوم للشهادة بمعنى وأشد إقامة فذلك أيضا أفعل من الرباعي، ومن قدرها من قام بمعنى اعتدل زال عن الشذوذ، وأدنى معناه أقرب، وترتابوا معناه، تشكوا وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي. «يسأموا» و «يكتبوا» و «يرتابوا» كلها بالياء على الحكاية عن الغائب.

قوله عز وجل:

[سورة البقرة (2) : آية 282]</span>

يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا ولا تسئموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها وأشهدوا إذا تبايعتم ولا يضار كاتب ولا شهيد وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم (282)

لما علم الله تعالى مشقة الكتاب عليهم نص على ترك ذلك ورفع الجناح فيه في كل مبايعة بنقد، وذلك في الأغلب إنما هو في قليل كالمطعوم ونحوه لا في كثير كالأملاك ونحوها. وقال السدي والضحاك:

هذا فيما كان يدا بيد تأخذ وتعطي، وأن في موضع نصب على الاستثناء المنقطع، وقوله تعالى:

تديرونها بينكم يقتضي التقابض والبينونة بالمقبوض، ولما كانت الرباع والأرض وكثير من الحيوان لا تقوى البينونة به ولا يعاب عليه حسن الكتب فيها ولحقت في ذلك بمبايعة الدين وقرأ عاصم وحده «تجارة» نصبا ، وقرأ الباقون «تجارة» رفعا، قال أبو علي وأشك في ابن عامر، وإذا أتت بمعنى حدث ووقع غنيت

Shafi 383