Muharrar Wajiz
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز
Editsa
عبد السلام عبد الشافي محمد
Mai Buga Littafi
دار الكتب العلمية - بيروت
Lambar Fassara
الأولى - 1422 هـ
والقدر فهي تقتضي التفضيل وإن لم يكن للكفار من القدر نصيب، كما قال تعالى: أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا [الفرقان: 24] ، وتحتمل الآية أن المتقين هم في الآخرة في التنعم والفوز بالرحمة فوق ما هم هؤلاء فيه في دنياهم، وكذلك خير مستقرا من هؤلاء في نعمة الدنيا، فعلى هذا الاحتمال وقع التفضيل في أمر فيه اشتراك، وتحتمل هذه الآية أن يراد بالفوق المكان من حيث الجنة في السماء والنار في أسفل السافلين، فيعلم من ترتيب الأمكنة أن هؤلاء في الجنة وهؤلاء في النار، وتحتمل الآيتان أن يكون التفضيل على ما يتضمنه زعم الكفار، فإنهم كانوا يقولون: وإن كان معاد فلنا فيه الحظ أكثر مما لكم، ومنه حديث خباب مع العاصي بن وائل، وهذا كله من التحميلات حفظ لمذهب سيبويه والخليل في أن التفضيل إنما يجيء فيما فيه شركة، والكوفيون يجيزونه حيث لا اشتراك.
وقوله تعالى: والله يرزق من يشاء بغير حساب يحتمل أن يكون المعنى: والله يرزق هؤلاء الكفرة في الدنيا فلا تستعظموا ذلك ولا تقيسوا عليه الآخرة، فإن الرزق ليس على قدر الكفر والإيمان بأن يحسب لهذا عمله ولهذا عمله فيرزقان بحساب ذلك، بل الرزق بغير حساب الأعمال، والأعمال ومجازاتها محاسبة ومعادة إذ أجزاء الجزاء تقابل أجزاء الفعل المجازى عليه، فالمعنى أن المؤمن وإن لم يرزق في الدنيا فهو فوق يوم القيامة، وتحتمل الآية أن يكون المعنى أن الله يرزق هؤلاء المستضعفين علو المنزلة بكونهم فوق، وما في ضمن ذلك من النعيم بغير حساب، فالآية تنبيه على عظم النعمة عليهم وجعل رزقهم بغير حساب، حيث هو دائم لا يتناهى، فهو لا ينفد، ويحتمل أن يكون بغير حساب صفة لرزق الله تعالى كيف تصرف، إذ هو جلت قدرته لا ينفق بعد، ففضله كله بغير حساب، ويحتمل أن يكون المعنى في الآية من حيث لا يحتسب هذا الذي يشاؤه الله، كأنه قال بغير احتساب من المرزوقين، كما قال تعالى: ويرزقه من حيث لا يحتسب [الطلاق: 3] ، وإن اعترض معترض على هذه الآية بقوله تعالى: عطاء حسابا [النبأ: 36] ، فالمعنى في ذلك محسبا، وأيضا فلو كان عدا لكان الحساب في الجزاء والمثوبة لأنها معادة وغير الحساب في التفضل والإنعام.
قوله عز وجل:
[سورة البقرة (2) : الآيات 213 الى 214]</span>
كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم (213) أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب (214)
قال أبي بن كعب وابن زيد: المراد ب الناس بنو آدم حين أخرجهم الله نسما من ظهر آدم، أي كانوا على الفطرة.
Shafi 285