61

Muhammadu Ali Jinnah

القائد الأعظم محمد علي جناح

Nau'ikan

وقد شهدت الهند والباكستان صفحة أخرى لهذه الصرامة عند نشأة الدولة، وإلحاح المشكلات الخارجية عليها في إبان التقسيم.

في تلك الفترة كانت صرامة جناح شدة تتلوها شدة، وإصرار على هذه الشدة لا يعرف الهوادة أو المساومة.

في تلك الفترة صادر كثيرا من الدعوات، واعتقل كثيرا من القائمين بها، وأنكر أن يكون هناك غرض سليم وراء المقاومة التي يقدم عليها معارضوه.

وانتقد المنتقدون، واعتذر المعتذرون.

أما المنتقدون فقد استندوا إلى مبادئ الحرية والديمقراطية، وأما المعتذرون فقد شبهوا الحالة يومئذ بحالة الحرب، بل بحالة الخطر على سلامة الأمة، وقالوا: إن في حياة الأمم أياما يباح فيها للحاكم الموثوق بإخلاصه ما لا يباح له في كل يوم.

حجتان سمعتا في أقطار كثيرة غير الباكستان، وانتقاد واعتذار لم ينقطعا فيما مضى ولا ينقطعان في هذا الزمان، وأقل ما يكون ذلك الانتقاد وذلك الاعتذار أحسن ما يكون، فما من أحد يزعم للسلطان المطلق أو للحرية المقيدة أنهما أكثر من ضرورة مكروهة في جميع الأحيان.

وقد سبقت الإشارة إلى مخالفة جناح لزعماء الهند من المسلمين والبراهمة في مسلكهم، أو مسالكهم المتلاحقة، في مسألة الخلافة، ويجوز أن يقع في الخاطر أن جناحا لا يعنى بالأمم الإسلامية أو الأمم الشرقية خارج بلاده، وأنه لا يشعر بالعطف لغير وطنه وأمته، وهو خاطر يجوز أن يقع في الخاطر كما أسلفنا قبل الاطلاع على آراء الطرفين في كل مرحلة من مراحل هذه المسألة المعقدة المفعمة بالنقائض بين ظواهرها وبواطنها، وحسبنا منها في الهند قيادة غاندي لحركتها وإحجام جناح وإقبال في بعض المواقف عن مجاراتها.

أما الحقيقة التي يسفر عنها الاطلاع عن الآراء المتقابلة في المراحل المتعاقبة؛ فهي أن جناحا كان يعترض على العبث ولا يعترض على الجد في هذه الحركة وما يماثلها.

كان ينكر تضييع الجهود حيث يكون تضييعها خسارة على الهند ولا يرجى منه نفع للخلافة، وكان بثاقب نظره يرى النزاع بين السلطان العثماني والرعايا المطالبين بالحقوق الوطنية والحرية الدستورية فيفصل بين المسألتين، ولا يحب أن يكون مؤيدا «للخليفة» وخاذلا لرعاياه.

وفيما عدا ذلك لم يتوان يوما عن تعقب أخبار الشرق من اليابان إلى أقصى المغرب، ولم يسكت قط عن كلمة نافعة تقال في قضية من قضايا الأقطار الإسلامية على الخصوص، فصرح للحاكم العام في إبان الحرب العظمى بأن معاونة المسلمين معلقة على ضمان الوطن الإسلامي في فلسطين، وخرج على المعهود من اتزانه في عباراته الرسمية فحذر الغرب يوما من تلك السياسة التي ترمي إلى استئصال السيادة الإسلامية في جميع بلادها، واحتج على خطط هولندة في «إندونيسيا» واستعدى هيئة الأمم عليها ، وتابع الاطلاع على أطوار القضية المصرية حتى قيل له مرة: لماذا لا تنال القضية الهندية مثل هذا الاهتمام من بريطانيا العظمى؟ فقال: وهل عندكم هنا «جامع أزهر» تخرج جموعه بالرايات السود كلما حزب الأمة المصرية حازب، فلا تبلغ نهاية الطريق حتى يكون الخبر في دوننج ستريت؟

Shafi da ba'a sani ba