Muhalafa Thulathiyya
المحالفة الثلاثية في المملكة الحيوانية
Nau'ikan
أرني ما كتبت، وأخذ الحصان النسخة من الجحش وقرأها، ثم قال: ألم أقل لك: «واقبل أيها الأخ المحترم» فلماذا كتبت عوضها: «الأخ المكرم» ألا تعلم بأن هذا النعت يعد شتيمة بين معشر البغال والخيل والحمير؟
الحصان في مكتبه.
الجحش :
أليس لفظة مكرم اسم مفعول من كرم يكرم، ألا تعني هذه اللفظة التوقير والاعتبار؟ فهل نكون شتمنا الحمار إذا نعتناه بالمكرم؟ هل لك أن تفهمني الفرق بين اللفظتين إذا لم أكن مصيبا بما قلته.
الحصان :
أنت مخطئ؛ فالفرق بين المكرم والمحترم هو أن الأول بعيد عن الهوان والذل والاحتقار واللؤم، والثاني قريب من الغيرة والمجد والاعتبار والأبوة.
الجحش :
أما والأسد فأنا لا أرى فرقا قط بين الاثنين، فمن كان بعيدا عن اللؤم يكون بالطبع قريبا من الأبوة، ومن كان قريبا من المجد يكون بعيدا عن الذل والهوان، أفلا يكون للفظتين نفس المعنى؟ لا يا سيدي أنا لا أظن أن في نعتنا الحمار بالمكرم شتيمة له، وعندي أن لفظة مكرم هي أعذب من لفظة محترم؛ لأن الأولى لا تقدر تصوغ منها إلا كلمات حسنة مثلها، والثانية يشتق منها الحرام والحرامي، والمحرم والحرم ... إلخ.
الحصان :
قد سحمت لك أن تتفلسف، فغير الآن العبارة واكتب: «أيها الأخ المحترم» واذهب بالنسخة هذه إلى المطبعة، وأوص على طبع خمسمائة نسخة منها. ولما خرج الجحش من الإسطبل طفق الحصان يتمشى متهللا فرحا وهو يقول: «سيخلد ذكري بين الحيوانات، وسترتجف المملكة البشرية من قوتي إلى الممات، إن عملي هذا لعمل شريف، وإن كانت ضدي كل الغطاريف، لا أخاف ما زال معي الأسد القوي المخيف. نعم، إني على جانب عظيم من القوة والمكانة، فياللسرور، أي حظ وأي انتصار مبين، لا بد من أن أقول بعد هذه المأدبة قول الشاعر:
Shafi da ba'a sani ba