فتحرك الجريح قليلا وشخص
6
بعيني الخوري، وقد ظهرت على شفتيه ابتسامه معنوية، وبصوت هادئ ناعم عميق قال: أنا الشيطان.
فصرخ الكاهن صوتا هائلا، ارتعشت له زوايا ذاك الوادي، ثم نظر إليه محدقا، فرأى أن جسد الجريح ينطبق بتفاصيله ومعالمه على هيئة الأبالسة في صورة الدينونة المعلقة على جدار كنيسة القرية ثم صرخ مرتجفا: «لقد أراني الله صورتك الجهنمية، ليزيد بك كرهي، فلتكن ملعونا إلى أبد الآبدين!»
قال الشيطان: لا تكن متسرعا يا أبتاه، ولا تضيع الوقت بالكلام الفارغ، بل اقترب وضمد جراحي قبل أن يسيل ما في جسدي من الحياة.
فقال الخوري: «إن أصابعي التي ترفع الذبيحة الربانية في كل يوم، لن تلمس جسدك المصنوع من مفرزات الجحيم فمت ملعونا من ألسنة الدهور وشفاه الإنسانية؛ لأنك عدو الدهور والعامل على إبادة الإنسانية!»
فقال الشيطان متململا:
7 «أنت لا تدري ما تقول، ولا تعلم أي ذنب تقترفه نحو نفسك، اسمع فأخبرك حكايتي؛ كنت اليوم سائرا وحدي في هذه الأودية المنفردة ولما بلغت هذا المكان، التقيت بجماعة من أجلاف
8
الملائكة، فهجموا علي وضربوني ضربا مبرحا، ولو لم يكن مع أحدهم سيف ذو حدين، لفتكت بهم جميعا، ولكن ماذا يفعل الأعزل مع المسلح؟»
Shafi da ba'a sani ba