المجلد الأول مقدمة ... بسم الله الرحمن الرحيم وبه أستعين رب يسر قال الشيخ الإمام الزاهد الموفق أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروز أباذي أسعده الله في الدارين: الحمد لله وفقنا لشكره وهدانا لذكره وصلواته على محمد.

1 / 13

خير خلقه وعلى آله وصحبه هذا كتاب مهذب أذكر فيه - إن شاء الله - أصول مذهب الشافعي ﵀ بأدلتها وما تفرع على أصوله من المسائل المشكلة بعللها وإلى الله ﷿ أرغب وإياه أسأل أن يوفقني فيه لمرضاته وأن ينفعني به في الدنيا والآخرة

1 / 14

إنه قريب مجيب وعلى ما يشاء قدير وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب وهو حسبي ونعم الوكيل.
كتاب الطهارة باب ما تجوز به الطهارة من المياه وما لا تجوز يجوز رفع الحدث وإزالة النجس بالماء المطلق وهو ما نزل من السماء أو نبع من

1 / 15

الأرض فما نزل من السماء ماء المطر وذوب الثلج والبرد والأصل فيه قوله ﷿ ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ﴾ [لأنفال:١١] وما نبع من الأرض ماء البحار وماء الأنهار وماء الأبار والأصل فيه قوله ﷺ في البحر "هو الطهور ماؤه الحل ميتته١" وروي أن النبي توضأ من بئر بضاعة". فصل: ولا يكره من ذلك إلا ما قصد إلى تشميسه فإنه يكره الوضوء به ومن أصحابنا من قال: لا يكره ما تشمس بنفسه في البرك والأنهار والمذهب الأول والدليل عليه ما روي أن النبي ﷺ قال لعائشة ﵂ وقد سخنت ماء _________ ١ رواه أبو داود في كتاب الطهارة باب ٤١. الترمذي في كتاب الطهارة باب ٥٢. النسائي في كتاب الطهارة باب ٤٦. ابن ماجه في كتاب الطهارة باب ٣٨. الموطأ في كتاب الطهارة حديث ١٢. الدارمي في كتاب الوضوء باب ٥٣. أحمد في مسنده "٢/٢٣٧، ٣٦١، ٣٧٨".

1 / 16

الشمس "يا حميراء لا تفعلي هذا فإنه يورث البرص" ويخالف ماء البرك والأنهار لأن ذلك لا يمكن حفظه من الشمس فلم يتعلق به المنع فإن خالف وتوضأ به صح الوضوء لأن المنع منه لخوف الضرر فلم يمنع صحة الوضوء كما لو توضأ بما يخاف من حره أو برده. فصل: وما سوى الماء المطلق من المائعات كالخل وماء الورد والنبيذ وما اعتصر من الثمر أو الشجر لا يجوز رفع الحدث ولا إزالة النجس به لقوله تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾ [النساء:٤٣] فأوجب التيمم على من لم يجد الماء فدل على أنه لا يجوز الوضوء بغيره ولقوله ﷺ لأسماء بنت أبي بكر الصديق ﵂ في دم الحيض يصيب الثوب "حتيه ثم اقرصيه ثم اغسليه بالماء" فأوجب الغسل بالماء فدل على أنه لا يجوز بغيره. فصل: فإن كمل الماء المطلق بمائع بأن احتاج في طهارته إلى خمسة أرطال ومعه أربعة أرطال فكمله بمائع لم يتغير به كماء ورد انقطعت رائحته ففيه وجهان قال أبو علي الطبري: لا يجوز الوضوء به لأنه كمل الوضوء بالماء والمائع فأشبه إذا غسل بعض أعضائه بالماء وبعضها بالمائع ومن أصحابنا من قال: إنه يجوز لأن المانع استهلك في الماء فصار كما لو طرح ذلك في ماء يكفيه.
باب ما يفسد الماء من الطاهرات وما لا يفسده إذا اختلط بالماء شيء طاهر ولم يتغير به لم يمنع الطهارة به لأن الماء باقي على إطلاقه وإن لم يتغير به لمرافقته الماء في الطعم واللون والرائحة كماء ورد انقطعت رائحته ففيه وجهان: أحدهما: عن كانت الغلبة للماء جازت الطهارة به لبقاء اسم الماء المطلق وإن كانت الغلبة للمخالط لم يجز لزوال إطلاق اسم الماء والثاني: إن كان

1 / 17