Mughalatat Lughawiyya
مغالطات لغوية: الطريق الثالث إلى فصحى جديدة
Nau'ikan
p. 215 ) 215)، وأما الشهادة الثانية فهي شهادة
Stephen Gaukroger
الأستاذ بكلية الفلسفة بجامعة سيدني في مجلة
Metascience
إذ يصدر عرضه لموسوعة عن العلم العربي صدرت في لندن عام 1996 بقوله: «كانت اللغة العربية لغة العلم من القرن التاسع حتى نهاية القرن الحادي عشر، بمعنى أنها كانت اللغة العالمية لعلماء المسلمين من سمرقند إلى غرناطة، أيا كانت لغاتهم الأصلية، وبمعنى أن الحضارة العربية كانت مستودع العلم الكلاسيكي والمبتكرات العلمية المعاصرة في ذلك الزمان.» يقول د. عبد الحافظ حلمي: «ولي تحفظ على مدى الزمن الذي أشار إليه الأستاذ، فكثير من مؤرخي العلم يبدءونه من القرن الثامن ويمدونه حتى نهاية القرن الخامس عشر الذي ظهر فيه ابن خلدون.»
24 (2-3) تحفظ د. فؤاد زكريا
في كتابه «خطاب إلى العقل العربي» يسجل د. فؤاد زكريا بعض التحفظات الوجيهة تجاه مسألة التعريب، ويكشف عن الصعوبات التي تقف في طريقها، وينوه إلى الخطأ الكبير في تشبيه حركة التعريب المعاصر بنظيرتها التي تمت في العصر العباسي، ويحذر من التأثيرات العكسية التي يمكن أن يفضي إليها التعريب في ظروف التراجع والانهزام التي نمر بها في الزمن الراهن. يقول د. فؤاد زكريا: «أول ما تنبغي ملاحظته، في صدر المقارنة بين الحركتين القديمة والحديثة، أن الأولى كانت لنتاج ثقافي ينتمي إلى حضارة كانت قد توقفت عن العطاء في الوقت الذي اهتدت فيه الثقافة العربية إليها ... أما اتصالنا المعاصر بالحضارة الغربية وسعينا إلى تعريب نواتجها، فهو اتصال بحضارة دائمة التغير، تتخذ في كل يوم موقعا جديدا، وتفاجئنا دائما بتحولات وثورات غير متوقعة في ميادين العلم والفكر والأدب. وهكذا انقلبت الأدوار اليوم، فأصبحنا نحن أصحاب التراث المحدد الذي توقف منذ وقت طويل عن التجدد والعطاء، وأصبحوا هم أصحاب الثقافة المتوثبة الطموح، التي لا تظل لحظة واحدة في موقع ثابت. ويترتب على هذا اختلاف آخر أساسي بين الحالتين: فقد حدثت حركة التعريب القديمة في إطار تفوق عربي شامل، كانت فيه الشعوب التي نقلنا ثقافتها قد تدهورت، ولم يكن واحد منها ندا للأمة العربية التي كانت صاحبة الكلمة العليا في تلك المرحلة من تاريخها، ولا جدال في أن حركة التعريب التي تتم في ظل السيادة والتفوق تختلف كل الاختلاف عن تلك التي تتم في ظروف التراجع والانهزام، وهي الظروف التي تميز موقفنا الراهن إزاء الحضارة الغربية. هذه الأوضاع تشكل فوراق هامة ينبغي أن نعمل حسابها قبل أن نتسرع بتشبيه حركة التعريب في أيامنا هذه بنظيرتها في عهد الخليفة المأمون. ففي عصرنا الراهن يصنع التقدم العلمي والفكري عندهم، لا عندنا، وتظهر الكتابات والأبحاث التي تقف في الصف الأول من إنتاج العقل البشري في بلادهم لا في بلادنا، وتظهر بلغاتهم لا بلغتنا، وهذه الحقيقة البسيطة، والأليمة في نفس الوقت تضفي على حركة التعريب في عصرنا الراهن سمات ينبغي أن نواجهها بصراحة وشجاعة؛ ذلك لأنها تفرض على التعريب حدودا لا يستطيع أن يتعداها، فإذا كان التعريب على مستوى التعليم العام، وربما على مستوى التعليم الجامعي أيضا، ضرورة قومية، فإنه لا يستطيع أن يمتد إلى المستويات العليا من البحث العلمي المتخصص؛ وذلك لأنه من المستحيل عمليا تعريب ذلك الفيض الهائل من الأبحاث التي تنتجها الدول المتقدمة علميا بمعدل متزايد، ومن ثم يتعين على من يريد متابعة أعلى صور التقدم في ميدان تخصصه أن يقرأ ما يكتب بلغة أخرى غير العربية. وفضلا عن ذلك فإن الفجوة بيننا وبينهم، في ظل أوضاعنا المتردية الراهنة، تزداد اتساعا على الدوام، وفي كل عام يتدفق كم هائل من التعبيرات والمصطلحات الجديدة، وتطرق ميادين لم تكن معروفة من قبل، وتتراكم خبرات لم نكتسبها وتجارب لم نعشها. كل ذلك يضع أمام حركة التعريب صعوبات عملية ونظرية يكاد يكون من المستحيل التغلب عليها ... وهكذا أصبحنا الآن نعيش في ظل أوضاع ثقافية تحتم علينا أن ندقق ونعيد النظر في المفاهيم التي اعتدنا أن نتداولها على ألسنتنا، وأعني بها أن التعريب هو في كل الأحوال طريقنا إلى خلق ثقافة قومية متميزة؛ ذلك لأن أمورا كثيرة تتوقف على الجو العقلي والثقافي الذي يتم فيه التعريب، ففي كثير من الأحيان قد يؤدي التعريب، إذا ما حدث في إطار من التدهور الثقافي، إلى مزيد من الاعتماد على الثقافات الأجنبية، وأيا كان الأمر، فليس من الحكمة أن نسارع إلى تشبيه حركة التعريب في عصرنا الراهن بما حدث في فترة ازدهار الحضارة العربية، وإنما ينبغي علينا أن نضع حركة التعريب المعاصرة في إطارها الخاص، ونتنبه إلى الظروف المميزة التي تتسم بها هذه الحركة، والتي تضع عقبات كأداء أمام تحقق الهدف المنشود للتعريب، وأعني به خلق ثقافة قومية أصيلة.»
25
ليس من الحكمة أن نستهين بهذه المحاذير، ومن الحصافة أن نأخذها بعين الاعتبار وأن نتركها تتفاعل جدليا مع دعوى التعريب، فنخلص إلى جماع رأي أقرب إلى الرشد بسطه د. محمود محفوظ حين ألح على ضرورة إتقان اللغة الأجنبية و«التعلم» بها. يقول د. محفوظ: إن العلوم ثابتة الأصل تنتقل بلغة ناقلها ومستخدمها؛ فالطب في الصين باللغة الصينية وفي ألمانيا بالألمانية وفي فرنسا بالفرنسية، وهذا ما يعرف ب «التعليم»، إنما التقدم العلمي هو الذي يتطلب القدرة والتمكن من لغة أجنبية شائعة في ربوع المعرفة العلمية، فكما كانت العربية هي الشائعة في العصر الوسيط، واللاتينية في عصر النهضة، فإن الإنجليزية هي الشائعة في عالمنا المعاصر، وعن طريق التمكن من اللغة الأجنبية تأتي القدرة على استيعاب المعرفة والمعلومات، وسرعة نقلها من اللغة الأجنبية إلى اللغة الوطنية، وهو ما يعرف ب «التعلم». على ذلك يكون «التعليم» باللغة الأم، وأما «التعلم» والتقدم العلمي والتكنولوجي فيكون بالتمكن من اللغة الأجنبية نطقا وكتابة؛ لأن الاطلاع على المراجع الأجنبية لا يتحقق بغيرها.
26
Shafi da ba'a sani ba