Mughalatat Lughawiyya
مغالطات لغوية: الطريق الثالث إلى فصحى جديدة
Nau'ikan
7
مهددون نحن بالذوبان في عصر العولمة إذا لم نحكم قبضتنا على جمرة اللغة.
لم يعد الاحتلال احتلال أرض أو موارد مادية، إذن لكان الخلاص منه أيسر بما لا يقاس، الاحتلال اليوم هو احتلال العقل، احتلال الوعي، يتأتى بالمعلومة وبالمخترع وباللغة، ولا يتم الاحتلال اليوم بالقهر والإرغام، وإنما بالرضا والوفاق وطيب الخاطر، وربما برغبة من المهزوم ولهفة وولوع. لم تعد كلمة «محتل» اسم فاعل بل اسم مفعول. يذكرنا هذا الاحتلال الجديد بقصر اللابرنت الذي صنعه ديدالوس لمينوس ملك كريت، ومن خصائصه أن من دخله لا يستطيع أن يجد منه مخرجا. في رواية «ثيسيوس» لأندريه جيد، يقول ديدالوس مخاطبا ثيسيوس: «وقد قدرت أن ليس هناك سجن يستطيع أن يمتنع على رغبة السجين في الفرار، وأن ليس هناك أسوار ولا خنادق تستعصي على الجراءة والعزم، فرأيت أن الخير أن أقيم البناء وأنظمه بحيث لا يكون معجزا لساكنه عن الهرب بل مانعا له من التفكير في الهرب، فجمعت في هذا البناء ما يستجيب لشهوات الناس على اختلافها ... وكان يجب أيضا بل قبل كل شيء أن أضعف إرادتهم ... فاتخذت مواقد لا تخمد نارها في ليل أو في نهار ... والأبخرة التي تصاعد منها لا تنيم الإرادة وحدها، ولكنها تشيع سكرا خلابا، وتدفع إلى فنون من الخطأ المغري، وإلى ضروب من النشاط الفارغ ... ولكن أشد من هذا كله غرابة أن هذه العطور إذا استنشقها الإنسان حينا لم يستطع أن يستغني عنها؛ لأن الجسم والعقل قد اتخذ منها متاعا لا قيمة بإزائه للحياة الواقعة ولا رغبة في العودة إليها، وإنما هو البقاء المتصل باللابرنت.»
8
هذا هو حالنا اليوم في سجن العولمة، وفي لابرنت التبعية الاختيارية، والتنفج
9
والاستهلاك والتغريب.
كان غاندي يولي أهمية عظمى لقضية اللغة الوطنية، وينظر إليها باعتبارها رمزا سياسيا، «وكان مما أعلنه غاندي عام 1920 أن الأمة قد عانت كثيرا من استخدام اللغة الإنجليزية؛ مما حرم الأجيال من اكتساب الخبرات المتراكمة بلغة وطنية، وضرب غاندي مثلا باليابان التي لا توجد بها لغة أجنبية تحل محل اللغة الوطنية في البحث والتعليم؛ مما مكنها من تقديم كل شيء منافس للغربيين بلغتهم اليابانية، وقد تطلب منهم ذلك ترجمة المفيد إلى اللغة الوطنية فحولوا التراث الغربي بذلك إلى تراث وطني.»
10
ومن نكد الدنيا على الحر أن يعظه خصمه، ويهديه عدوه سبل الرشاد: فها هي اللغة العبرية تكشف إصداراتها من الكتب عن اعتزاز باللغة الوطنية: فمن بين 1147 عنوانا طبعت عام 86 - 87 ظهر 84٪ منها ابتداء بالعبرية، و16٪ ترجمة إلى العبرية، دون إصدار شيء بلغة أخرى.
Shafi da ba'a sani ba