فَقَالَ رَسُولُ الله ﷺ: وَإِن أَكَلَتهَا الجِرذَانُ! وَإِن أَكَلَتهَا الجِرذَانُ! وَإِن أَكَلَتهَا الجِرذَانُ! قَالَ: وَقَالَ نبي الله ﷺ لِأُشَجِّ عَبدِ القَيسِ: إِنَّ فِيكَ لَخَصلَتَينِ يُحِبُّهُمَا اللهُ: الحِلمُ وَالأَنَاةُ.
رواه أحمد (٣/ ٢٣)، ومسلم (١٨)، والنسائي (٨/ ٣٠٦).
* * *
ــ
وأشجُّ عبد القيس اسمه: المنذر بن عائذ، بالذال المعجمة، وقيل: المنذر بن الحارث، وقيل: هو عبد الله بنُ عَوف، وقيل: قيس، والأوَّلُ أصحُّ.
وقد روى أبو داودَ، من حديثِ أُمِّ أَبَانَ بنتِ الوازعِ بن زارع، عن جَدِّها زارع، وكان في وَفدِ عبد القيس، قال: فلمَّا قَدِمنَا المدينةَ، تبادَرنَا مِن رواحلنا نُقبِّلُ يدَ النبيِّ ﷺ وَرِجلَهُ، وانتظَرَ المنذرُ حتى أتى عَيبَتَهُ (١)، فَلَبِسَ ثوبه، ثم أتى النبيَّ ﷺ، فقال له: إِنَّ فِيكَ لَخَصلَتَينِ يُحِبُّهُمَا اللهُ ورسوله: الحِلمُ، والأَنَاةُ، فَقَالَ: يَا رسولَ الله، أَنَا أَتَخَلَّقُ بِهِمَا، أَمِ اللهُ جَبَلَنِي عَلَيهِمَا؟ فَقَالَ: بَلِ اللهُ جَبَلَكَ عَلَيهِمَا، قَالَ: الحَمدُ للهِ الَّذِي جَبَلَنِي عَلَى خُلُقَينِ يُحِبُّهُمَا اللهُ وَرَسُولُهُ (٢).
والحِلمُ هنا: هو العَقلَ، وهو بكسر الحاء؛ يقال منه: حَلُمَ الرجلُ يَحلُمُ، بضم اللام: إذا صار حليمًا، وتحلَّم: إذا تكلَّف ذلك. والأناة: الرفقُ والتثبُّت في الأمور؛ يقال منه: تأنَّى الرجل يتأنَّى تَأَنِّيًا؛ ومنه قولُ الشاعر:
أَنَاةً وحِلمًا وانتِظَارًا بِهِم غَدًا
وقد يقال الحِلمُ على الأناة. وقد ظهَرَ من حديث أبي داود: أنّ نبي الله ﷺ إنما قال ذلك للأشَجِّ؛ لِمَا ظَهَرَ له منه مِن رِفقِهِ وتَركِ عجلته. وقد رُوي في غير