Gabatarwa Mai Girma

Abu Macshar Balkhi d. 273 AH
54

Gabatarwa Mai Girma

Nau'ikan

فأما بعض الناس فإنما تكون تقدمة معرفته بالأشياء بالتجربة فيدفع عن نفسه مكروه ما تقدمت معرفته له وهم العامة وبعضهم تكون تقدمة معرفته بالأشياء بانتقال الأزمنة وحالات الطبائع فيتقدم في دفع المكاره بما تقدمت له معرفته وهم الأطباء وأما بعضهم فإن تقدمة معرفته تكون بقوة أفاعيل الكواكب في هذا العالم فيتقدم في دفع المكاره على قدر ما تقدم من معرفته به وهم المنجمون فأما الذين تكون تقدمة معرفتهم بالتجربة فكالعامة فإنها لما تقدم علمها بالتجربة بوقت الحر أو بوقت البرد تقدمت هي أيضا في التوقي والاحتراس منهما قبل هجومهما عليهم فأعدت للحر التبريد والمواضع الباردة وللبرد التسخين والمواضع الكنينة والأشياء الحارة ليدفع أذاهما عنهم بما يعدون لهما من ذلك وقد يرون في بعض الأوقات في السماء غيما مخيلا للمطر على قدر ما جر بوا وهم في السفر أو في الحضر فيتقدمون قبل مجيء المطر إلى المواضع التي تكنهم من المطر عند مجيئه أو يتقدمون في حمل لباس يكنهم من المطر عند كونه وإذا تقدم علم الإنسان أن عدوه يريد الهجوم عليه تقدم قبل ذلك الوقت في الاستعداد له بما يدفع عنه شر ذلك العدو عند هجومه عليه

فكل العامة لم يدفع ذات الشيء وحدوثه ولكنها حين عرفت بالتجربة على طول الأيام أو علمت ببعض الأسباب أوقات الأشياء التي تؤذيهم تحرزوا منها بما دفعوا به أذاها عن أنفسهم حتى لم ينلهم مكروهها لأن الذي علم أنه يكون الحر أو البرد أو المطر في وقت كذا وكذا فتحرز بالتقدم فيما يدفع مكروهه عنه قبل هجومه عليه فهو لم يدفع كون الحر ولا كون البرد ولا مجيء المطر ولكنه لما تقدمت معرفته به وبأوقاته بالتجربة احتال لدفع مكروهة ذلك الشيء عن نفسه فهذا وكثير مثله من هذا الجنس الذي يتقدم فيه معرفة العامة بالتجربة وقد يستعدون له قبل حدوثه وهجومه وقد يستعمل تقدمة المعرفة بالتجارب جميع الصناع في صناعتهم كأصحاب الزروع والغروس والرعاء والنساء القوابل ويتقدمون في التحرز من المكاره الذي يتخوفونها قبل هجومها عليهم

Shafi 152