فأما الذي ينفعل منه من قوى حركات الكواكب بإذن الله مما ليس للطبائع ولا للصورة فإن ذلك بين وهو دلالتها على تفصيل نوعه وأشخاصه من سائر الأنواع والأشخاص ودلالتها على تركيب كل شخص طبيعي وامتزاج الصورة والطبائع في المطبوعات واتفاق النفس الحيوانية والناطقة مع البدن وأشياء أ خر مثل حسن الصورة وقبحها والطول والقصر والتذكير والتأنيث والألوان والحركة والشجاعة والجبن وحسن الخلق والسمن والهزال والغلظ والرقة وسائر ما يشبه هذا فقد ظهر لنا أنه قد اجتمع في الشخص الواحد الأشياء الأربعة لأنه شخص من أشخاص النوع الذي هو منه ومركب من الطبائع الأربعة وتبين لنا ما في كل شخص من خاصية الطبائع وخاصية الصور وما فيه مما ينفعل عن قوى الكواكب بإذن الله وإن كل شيء ينطبع من هذه الطبائع الأربعة وتفصيل جميع الأنواع والأشخاص من الطبائع والصور وتركيب الأشخاص الطبيعية بكيفياتها المختلفة واتفاق النفس الحيوانية والناطقة في البدن وسائر حالاتها إنما هو عن ما يدل عليه قوة حركات الكواكب بما جعل لها الخالق البارئ من الحركات التي تنفعل عن قواها هذه الأشياء والكواكب السبعة كلها باتفاق حالاتها واختلافها تشترك في الدلالة على حالات كل شخص في هذا العالم صغر ذلك الشخص أو كبر إلا أن لبعضها في بعض الأجناس أو الأنواع أو الأشخاص من الدلالة أكثر مما للكواكب الأ خر وذلك كدلالة الشمس على الحياة الجنسية التي هي لكل حيوان متنفس نام منتقل ودلالة عطارد على نوع الناس فإذا كان لكوكب من الكواكب الدلالة العامية على شيء من الأشياء ثم تمم دلالته على ذلك الشيء في بعض الأشخاص اشترك هو بعد ذلك مع باقي الكواكب في الدلالة على تمام أجزاء ذلك الشخص وذلك كالشخص الواحد من الناس الذي تممت الشمس دلالتها الحيوانية فيه بالحياة الجنسية التي له ثم تمم عطارد دلالته النوعية فيه بالإنسانية والنطق اللذين له ثم اشتركا هما الكواكب بالدلالة في تمام أعضائه وكيفياته فللشمس من شخص الإنسان الدلالة المنفردة على الحياة العامية التي هي الجنس والدلالة على الدماغ والقلب بمشاركتها للكواكب ولعطارد الدلالة المنفردة بالإنسانية التي هي النوع والدلالة على اللسان والفم بمشاركته للكواكب ولزحل دلالة الطحال وللمشتري دلالة الكبد وللمريخ دلالة الدم وللزهرة دلالة الكليتين ومجرى المنى وللقمر دلالة المعدة وكذلك تكون دلالة كل واحد منها على جزء من أجزاء البدن حتى يتم جميع أجزائه
فربما صار للكوكب الواحد الدلالة على عدة أجزاء من أجزاء شخص الإنسان بكيفياتها لاشتراكها كلها فيه على النحو الذي وصفنا ويصير لكل عضو مكان من البدن وطبيعة وفعل وحال ليست لغيره من الأعضاء وكذلك الأ ترجة الواحدة لها شكل ولها جلد ولحم وحماض وحب ولحبها قشران وفي جوف ذلك الحب حب آخر ولكل واحد منها طبيعة خاصية فعل فلبعض الكواكب دلالة الريحان الذي هو جنسه ولآخر دلالة الأ ترجية التي هو نوعها ثم يشترك بعد ذلك كلها في الدلالة كلها في أجزائها فيكون لبعضها دلالة الجلد ولبعضها دلالة اللحم حتى تتم دلالتها كلها في تمام أجزائها بكيفياتها باشتراكها كلها فيها وكذلك الياقوتة الواحدة لها طبيعة وكمية وشكل ولون وصفاء ولها إنها أشد صلابة واسترخاء من جوهر آخر من جنسها ولها خاصية فعل فلبعض الكواكب دلالة الجوهر الذي هو جنسها ولآخر دلالة نوع الياقوت ولكوكب آخر دلالة شيء من الأشياء حتى تتم أجزاؤها باشتراك الكواكب فيها
Shafi 102