فإذا تقدمت معرفته بحركات الكواكب وحالاتها تقدم هو أيضا بالاستدلال على حالات الأشخاص والقول فيها بما يكون من جميع أحوالها قبل كونها بزمان من الأزمنة فأحكام النجوم إنما قدر على علمها الأولون من مثل هذه الجهة التي ذكرنا فإن عرض فيه الخطاء فليس ذلك من قبل هذه الصناعة بل إنما ذلك من تقصير علم كثير من أهل النظر في هذه الصناعة عن الإحاطة بعلمها وضعفهم عن فهم لطائف الأسباب والعلل التي يقاس عليها بكنهها وقلة حذقهم بتأليف قوى حركات الكواكب وطبائعها في اتفاقها واختلافها في هذا العالم وذلك لأن صاحب هذه الصناعة يحتاج إلى أن يكون عالما بمجاري الكواكب ومسيرها وحالاتها ودرجها ودقائقها من برجها على الحقيقة في كل وقت يحتاج إليه وبمعرفة طبائع الكواكب وقواها الفاعلة في هذا العالم في أحوال السنة وتركيب الطبائع واتفاقها واختلافها وطبائع الأشياء وتركيبها وامتزاجها وكيفية النشوء والتوالد واختلاف أحوال الحيوان والنبات والمعادن وما يحدث في كل واحد منها عند تغيير الأزمنة في الأقاليم كلها وأشياء سنذكرها فيما يستقبل فإن قصر عن معرفة شيء مما ذكرنا أحد من أصحاب هذه الصناعة كان غير كامل لما يحتاج إليه في صناعة أحكام النجوم ولأن كثيرا ممن يستعمل هذه الصناعة لا يقدر أن يحيط علما بهذه الأشياء كلها للطافتها وغموضها واختلاف أسبابها وقواها فهم لا يسلمون في بعض الأوقات من الخطاء والزلل في بعض ما يحتاجون إلى النظر فيه
Shafi 74