والعلة الثانية التي تكون من علة طول مكث القمر فوق الأرض أن الليل إذا كان أطول من النهار فإن القمر إذن طلع بالليل وخاصة ما بين أول الليل إلى نصفه فإنه يكون في البروج الطو يلة المطالع فيكون لبثه فوق الأرض في الربع الشرقي فتدوم لذلك حركة الماء فلدوام حركته يكثر تحليل أجزائه وارتفاعه من عمق البحر إلى أعلاه فيكون ماء المد بالليل في زيادة الليل على النهار أقوى وأكثر من ماء مد النهار فأما إذا كان المد في هذا الوقت بالليل والقمر في الربع الثالث فيما بين المغرب إلى الرابع فإنه لا تكون قوة ماء المد فيه كقوة المد الذي يكون والقمر فيه فوق الأرض وكلما كان القمر في وقت المد في بروج طو يلة المطالع يطول فيها بقاؤه وكان ماء المد في ذلك الوقت أكثر وأغلب وأطول زمانا فصار الآن أقوى ما يكون ماء المد وأغلبه من هاتين العلتين اللتين ذكرناهما إذا كانت الشمس في القوس والجوزاء ئلا إلا أن الشمس إذا كانت في الجوزاء فإنه يكون ماء المد بالنهار أغلب وأقوى من مد الليل وإذا كانت الشمس في القوس فإنه يكون ماء المد بالليل أغلب وأقوى من ماء مد النهار وإذا كانت الشمس في أول الحمل وأول الميزان كان مد الليل والنهار متساو يين في القوة
فيتفق من هذه الجهة أن يكون حال قوة المد وضعفه واعتداله في السنة الواحدة التي تقطع فيها الشمس البروج الاثني عشر شبيه بما كنا ذكرناه من حال المد في كل شهر لأن قوة المد الذي يكون بالليل والشمس في القوس والقمر فوق الأرض هي شبيهة بقوة المد الذي يكون عند اجتماع الشمس والقمر وقوة المد الذي يكون بالنهار والشمس في الجوزاء والقمر فوق الأرض هي شبيهة بقوة المد الذي يكون والقمر في الامتلاء في مقابلة الشمس والمد الذي يكون والشمس في أول الحمل وأول الميزان هو شبيه بقوة المد الذي يكون في كل شهر والقمر في تربيعي الشمس أعني التربيع الأول والثاني
وكل شيء تقدم قولنا فيه من ذكر زيادة ماء المد من وقت إلى وقت أو نقصانه فليست تلك الزيادة ولا ذلك النقصان بمستوي القدر والكمية بل مختلف لأنه ربما زاد في بعض الأيام ماء المد شيئا من الأشياء ويزيد بعده أو قبله أكثر منه أو أقل وكذلك النقصان فاعلم ذلك
Shafi 304