فقال اللورد: «ونحن أيضا قد نحتاج إلى المراجعة، وقد تأخذ بعض أيام.»
قلت: «وأنا أيضا في حاجة لمراجعة زملائي.»
قال اللورد: «إني أرجو ألا تجعل لحديثنا اليوم إلا وجها واحدا، هو رغبة الجانب البريطاني في احترام سيادة مصر عند عرض أي حل من الحلول ...!»
وانتهى الحديث عند ذلك، وقد دام ساعة ونصف الساعة.
وقد فاتني أن أذكر أنه في أثناء الحديث قلت: إن مثل المطالب التي بدت اليوم لا تحول دون تحقيق الجلاء الشامل، واشتمال المعاهدة على نصه المطلق، على أن تكون التدابير والاشتراطات من الجانبين محل مكاتبات تدور بين ممثلي الدولتين؛ لأنها ترتيبات مؤقتة لا تمس الموضوع الأساسي.
الجلاء قبل المفاوضات
إذا تحدثت عن نجاحي في حمل الحكومة البريطانية على إصدار بيان قبل المفاوضات، تعرض فيه موافقتها على الجلاء التام برا وبحرا وجوا عن الأراضي المصرية، فلست أريد أن أفاخر بجهودي، أو أمن على بلادي بأني أول من ظفر بذلك من الحكومة البريطانية، وأن مبدأ «لا مفاوضة إلا بعد الجلاء» قد وافق عليه القوم لا على أنه شرط لا مناص من قبوله؛ بل لأنه النتيجة الحتمية للاعتبارات، والضرورات السياسية والعسكرية التي كنا بصدد معالجتها.
والواقع أن محادثاتي مع السفير البريطاني واللورد ستانسجيت، كانت تهدف على الدوام إلى ذلك، وقد صارحتهما منذ اللحظة الأولى بأنه لا أمل في اتفاق، أو محالفة مع مصر إذا لم يكن أساسها الجلاء التام برا وبحرا وجوا، في غير احتفاظ على أرض مصر أو مياهها أو هوائها بأية بقية من بقايا القوات البرية أو البحرية أو الجوية مهما ضؤلت، وبأي مظهر ظهرت، وبأي لباس بدت ... وقلت في محادثاتي معهما في 22 أبريل: «إن مثل المطالب التي بدت اليوم لا تحول دون تحقيق الجلاء الشامل، واشتمال المعاهدة على نصه المطلق، على أن تكون التدابير والاشتراطات من الجانبين محل مكاتبات تدور بين ممثلي الدولتين؛ لأنها ترتيبات مؤقتة.» (1) 30 أبريل سنة 1946
وفي صباح ذلك اليوم زارني برياسة مجلس الوزراء اللورد ستانسجيت، والسفير البريطاني، وبدأ السفير حديثه قائلا:
نحن مشبعون بواجبات المحالفة، ومع أنها تقتضي تحملنا أعباء؛ فإننا جئناكم اليوم لنقبل إخلاء القوات البريطانية، لأرض مصر كلها.
Shafi da ba'a sani ba