بخس دراهم معدودة، فرعاه الله، وجعله عند من يكرم مثواه، ومكَن له في الأرض، وعلمه من تأويل الأحاديث، والله غالب على أمره، ولكنَ أكثر الناس لا يعلمون.
وبعد أن مكَّن الله له، واجتمع بإخوته لم ينتقم لنفسه، بل صَفَحَ عن الزَلَّة، وعفا عند القدرة، ونبأهم بما سبق من سوء صنيعهم معه في الصًغر.
﴿قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ - قَالُوا أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ - قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ - قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ [يوسف: ٨٩ - ٩٢]
الثالث: عفَة فرجه، ونزاهة نفسه، مع توافر دواعي الشهوة، وتهيئ أسباب الجريمة، من دوام الخلوة، ومزيد الخلطة، والدعوة إلى الفاحشة، وحياته معها في بيتها، وأخذها الحيطة في إغلاق الأبواب. لقد كان يوسف من المخلصين لله، فاستعاذ به، واستقبح أن يقابل جميل من أحسن مثواه بخيانته في عرضه. وذكر ما يصيب الظالمين في العواقب من الخسار أو الدمار،
1 / 72