187

Mudhakkirat Huda Sha'arawi

مذكرات هدى شعراوي

Nau'ikan

أما المسألة الثانية، فإننا فضلا عن استيائنا لإهمال الوزارة جانب المرأة وحقوقها في هذا التعديل، فقد دهشنا كل الدهشة عند قراءة هذا السبب الغريب، إذ ليس من المعقول أن يعطل إصلاح عام حجم المزايا لفرض جزئي نادر الوقوع، على أن طلب الطلاق قد يكون من جانب المرأة لمثل هذه الأسباب أو غيرها.

ولو فرضنا وقوع مثل هذا الحادث الشائن، يظن أن الأولى بالتفكير في وقاية سمعة الأبناء والأحفاد هما الأبوان دون المشرع، وهما لا يعدمان حيلة تدبير الأسباب المعقولة لعرضها على القاضي عند طلب الطلاق.

وإذا فتشنا عن أسباب الطلاق، قل أن نجد من بينها مثل السبب الذي يخشاه المشرع.

بيد أن تقييد الطلاق بإذن القاضي قد يحفظ كيان الأسرة ويضمن طمأنينتها وسعادتها وفيه مجال للتريث وأناة، وهذا هو ما يرمي إليه القرآن الكريم إذ أمر بالتحكيم بين الزوجين إذا خيف شقاق بينهما، فقال تعالى:

وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا .

فنرجو الوزارة باسم العدالة والحق أن تعير هذا المشروع ما يستحقه من العناية والرعاية، واضعة نصب أعينها أن سعادة الأسرة مرتكزة على سعادة المرأة، وأن امرأة اليوم ليست هي امرأة الأمس، وأنها لن تستطيع صبرا على هضم حقوقها إرضاء لشهوة الرجل.

ولنا أمل عظيم أن الوزارة تقدر الموقف، وتتدارك ما عسى أن يكون من ثورة نفس المرأة ونتائجها، فلا يكون نصيب هذا المشروع الحيوي المفيد في عهد وزارة الإصلاح الحاضرة نصيب قانون سن الزواج الذي سنته وزارة صاحب الدولة يحيى إبراهيم باشا، فجاءت وزارة المرحوم سعد باشا وأردفته بمنشور جرده من كل مزاياه وذهب بالفائدة التي كانت مرجوة منه، إذ أباح لموثقي العقود أن يكتفوا بشهادة الآباء والأولياء في تحديد السن دون أن يقدموا وثيقة رسمية بشهادة الميلاد أو شهادة طبيب تثبت السن الحقيقية.

وكان الغرض من سن هذا القانون، وقاية البنت من الزواج المبكر وحمايتها من تحكم آبائها وأوليائها في زواجها.

وبهذه المناسبة، نلفت نظر الوزارة إلى ما أحدثه هذا المنشور من إباحة زواج الصغيرة، وإلى الضرر المادي والمعنوي الذي ينشأ من هذا التصرف كالتشجيع على الكذب والتزوير وتضحية صحة الصغيرة والقضاء على نسبها.

ولنا رجاء عظيم أن الوزارة تحقق آمالنا فيها، ولا تتبع سنة بعض الوزارات السابقة كل منها تهدم ما بنته سالفتها. وأن يكون رائد وزارة الإصلاح في كل مشروع تقوم بتنفيذه العدل والإنصاف. وفقها الله إلى الخير والسداد.

Shafi da ba'a sani ba