وقد تلقيت بعد ذلك رسالة من سعد باشا زغلول بتاريخ 18 نوفمبر 1923، حاول فيها أن يعطي الأمور اتجاها آخر. وهذا يبدو من سطور الرسالة المنشورة مع هذه المذكرات.
على أن ما يعني هنا هو أن هذا الخلاف قد أثار حوارا ساخنا على صفحات الجرائد.
فقد كتبت إحدى الصحف تقول:
يأبى الوفد أن يدعو هدى هانم لحضور حفلته بأنها مخالفة لنظريته، فهو يحكم بحرمانها من التشرف بحضور اجتماعاته عقابا لها على حرية رأيها، ولكنه لا يريد أن يعلم الناس بأن هدى هانم مخالفة له في هذه النظرية، إذن يجب أن يذكر اسم هدى هانم بين الحاضرين الذين قالوا إنهم صفقوا لنسيم وهتفوا باسم نسيم، يجب أن يذكر اسم هدى هانم - ويجب أن تقبل هدى هانم بهذا الحكم.
فالوفد أجبن من أن يتحرش بهدى هانم، ولكنه أهل لأن يدس اسم هدى هانم دسا في بلاغه للصحف، ليخدع الناس ويضللهم.
ولكن هدى هانم شجاعة وجريئة، فهي لا تهاب تحرش الوفد ولا تقبل دسه؛ تعلن على رءوس الملأ براءتها من نظريته في نسيم وتفضح دسه عليها.
وردت صحيفة أخرى على ما نشرته صحيفة «الليبرتية»، فقالت: يتعرض ذلك الكاتب السفيه في الليبرتية لهدى هانم، فيصف كلمتها للصحف بأنها باعثة على السخرية والضحك، لا يستحي هؤلاء المتطفلون على مصر أن يرموا أبر أبناء مصر بسفاهاتهم ووقاحتهم ... ولكن ماذا يضير كتاب الليبرتية أن يطعنوا في كبار مصر وكبيراتها؟
يظهر هؤلاء الكتاب التحمس لسعد ولنسيم؛ لأن مال سعد وفير، ولأن نسيما أغدق عليهم النعم في وزارته، وسعد ونسيم لا يهمهما إلا أن يطعن كل إنسان يحاول أن يحتفظ بكرامته وحرية رأيه فكيف إذن تجرؤ هدى هانم على تبرئة نفسها من أي مخالفة لرأي أريد إلصاقه بها غصبا؟!
ولست أريد أن أستطرد في ذكر تفاصيل كل ما حدث في ذلك الوقت، ولكنني فقط أردت أن أبين أبعاد الموقف الذي حدث في احتفال 13 نوفمبر 1923، وهو الموقف الذي ترتب على حوار سابق دار بيني وبين سعد باشا زغلول أثناء عودته إلى مصر من منفاه، فقد حدث أنني كنت في أوروبا في ذلك الوقت، وشاءت الأقدار أن أعود على الباخرة نفسها التي عاد عليها سعد، وتطرق الحديث أثناء رحلة العودة إلى مسائل شتى، إلى أن انتهى عند موقفي من وزارة نسيم باشا بسبب التفريط في السودان.
ورغم أنني ذهبت إلى بيت الأمة مهنئة بعد عودة سعد باشا إلى البلاد، فإنه ظل على موقفه مني، وبدا ذلك بوضوح في احتفال 13 نوفمبر 1923، وإن كان قد حاول أن يغلف هذا الموقف بدواع وتفسيرات أخرى، أراد بلباقته أن يردها إلى موقف لجنة الاحتفال، وليس إلى موقف الوفد نفسه.
Shafi da ba'a sani ba