ولستُ أخا ذنبٍ فأخشى نكالهُ ... وإن كنتُ ذا ذنبٍ فحلمكَ أوسعُ
وله أيضًا:
يا أيها المولى الذي لم أبتهل ... إلا سألتُ لهُ البقاءَ إلهي
أشكو إليك، وكيف أشكو خلتي ... إلا إليكَ، وأنتَ بابُ اللهِ
وله أيضًا:
غاب عنا فغاب كلُّ سرورٍ ... وأتانا بالبشرِ والترحيبِ
طاويًا بالدنوّ ما نشر البع ... د علينا من الجوى والكروبِ
سافرًا عن أسرةٍ تخجل الشم ... س، وتخزي وجه الزمان القطوبِ
وله أيضًا:
نمَّ في الليل عرفها وسناها ... ووشى حليها فهبَّ الرقيبُ
فخشينا الواشي فقلنا أستري ما ... نمَّ، قال، والقول منها عجيبُ
هب سترت الحليَّ، أو ضوء وجهي ... كيف أخفي نشري، وكلي طيبُ
وله ايضًا:
إذا كنت لا أقري الضيوف وأخرق ... وأغني كلَّ عافٍ ومدقعِ
وإلا فبدلتَّ القناة بمغزلٍ ... وسرجي بخدرٍ، واللئامَ ببرقعِ
ذكر أم غيلان بنت جرير
تزوج حبيب الرياحي أم غيلان. وكان لها ابن عم يدعى جعدًا، قد خطبها، فأبى جرير أن يزوجه. فجعل جعد وابن عم له يكنى أبا موزون يقعان في زوجها، ويزعمان أنه عنين، فقال:
أصبح جعدٌ وأبو موزون ... يرمون قسطاطي بالظنونْ
ما ساق خمسًا قبلهُ عنين ... يسأل في المهرِ ويستدينْ
فسمع جرير الشعر، فقال: هذا شعر أعرفه.
ذكر بلال بن جرير
له يرثي أباه جريرًا:
إني رأيتُ جريرًا يوم فارقنا ... أبكى ربيعة، وأختلتْ له مضرُ
باتَ المحامي عن الأحساب قد علموا ... والمحرزَ السبقَ لما أعظم الخطرُ
إما ثويتَ مقيمًا فوقَ رابيةٍ ... فقد مضت لك أيامٌ لها غررُ
قد كان في الحرب ليثًا ذا مزابنةٍ ... شعبًا إذا استحصدت، من حربه، المررُ
وكان يكوي ذوي عرٍّ فيبرئهم ... وكان يعفو كثيرًا، وهو مقتدرُ
وربَّ داعٍ دعا في الكيل أطلقه ... والخطو من قيده في الخطو مقتصرُ
وباب ملكٍ نفعت النازلين به ... والبابُ ممن يردُّ الباب محتصرُ
فأنعى جريرًا إلى الأخلافِ إذْ نزلوا ... وللأرامل لما أخلفَ المطرُ
ويقول جامع هذا الكتاب: إني مجب بهذه القطعة، وهذا، والله، الشعر.
وولد بلال عقيل
قال عقيل: سمعتني إعرابية وأنا أنشد شعرًا:
وكم ليلة قد بتها غير آثمٍ ... بمهضومةٍ الكشحينِ، ريانةِ القلبِ
فقالت لي: هلا أثمت أدينًا أم عنينًا؟ وقال في رجل حلف يمينًا كاذبة:
لا حلف يقطع حقَّ خصمٍ شاغبٍ ... إلا كحلف عبيدةَ بن سميدعِ
أمضى اليمين على الغموس لجاجةً ... عضَّ الجموحِ على اللجامِ المقدعِ
وعمارة ولد عقيل بن بلال
وكان عمارة اشعر ولد جرير، وهو غزير الشعر، كثير التصرف، وأخذ عنه ابن الأعرابي وابن السكيت. ومن شعره:
أرى الناسَ طرًا حامدين لخالدٍ ... ومأكلهم أفضت إليه صنائعهُ
ولن يترك الاقوام أن يحمد الفتى ... إذا كرمت أخلاقه وطبائعهُ
فتى أمعنت ضراؤهُ في عدوهٍِ ... وخصت وعمت في الصديق منافعهُ
فأخذ هذا المعنى أبو هفان، فمدح به ابن ابي دواد، فقال:
ما لي إلى ابن أبي دؤادٍ حاجةٌ ... تحدو إليه، ولا له عندي يدُ
إلا يدٌ عمت فكنت كواحدٍ ... ممن يعين على الثناء ويسعدُ
نال البعيدَ عرفه، فشكرته ... والحرُّ يشكرُ أن ينال الأبعدُ
وقال أيضًا:
وكم قد رأينا من كهامٍ، وجفنه ... حديدٌ، ورثّ الغمد، وهو جديدُ
ومغتمضٍ في العين صدق ٍلقاؤهُ ... ومن مالئٍ للعين وهو بليدُ
وشبيه بهذا المعنى:
خلائقُ المرءِ في الدنيا تزينهُ ... ما إن يزينه طولٌ ولا عظمُ
قد يخلفُ المرءُ، والمرآةُ معجبةٌ ... وقد يسودُ الفتى في كشحهِ هضمُ
ومثله:
وقد يعجزُ المرءُ السمينُ عن العلى ... وقد يمنعُ الضيمَ الفتى وهو أعجفُ
وله وقد أسن:
كبرتُث ودقَّ العظمُ مني، وقني ... بنيَّ، وأجلتْ عن فراشي القعائدُ
وأصبحتُ أعمى لا أرى الشمسَ بالضحى ... تعيرني بين البيوتِ الولائدُ
وأكثر هجري أهلُ بيتي ومنزلي ... وبتُّ كأني منهمُ متباعدُ
1 / 13