Mucjiz Ahmad
اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي
Nau'ikan
Maganar Baka
فإن يكن العلق النّفيس فقدته ... فمن كفّ متلافٍ أغرّ وهوب
العلق خبر يكن والنفيس نعت له، واسمه مضمر. أي إن يك يماك العلق النفيس. يعني إن كان هذا العبد علقًا نفسيًا فقدته، فلا تأسف عليه، لأنك مالك، ومن عادتك إتلاف الأموال وهبة الأعلاق.
كأنّ الرّدى غادٍ على كلّ ماجدٍ ... لم يعوّذ مجده بعيوب
روى عاد أي ظالم. وروى من الغداة.
يقول: كأن الهلاك يتسلط على ماجد، إلى لم يجعل لمجده عوذة من العيب، تقيه عين الحساد، ومثله الكشاجم:
شخص الأنام لحسن وجهك فاستعذ ... من شرّ أعينهم بعيبٍ واحد
ولولا أيادي الدّهر في الجمع بيننا ... غفلنا فلم نشعر له بذنوب
يقول: إن كان الدهر قد أساء في التفريق بين الأحبة، فقد تقدم إحسانه في الجمع بينهم، فلولا ما سبق من إحسانه في الجمع بيننا وبين الأحبة، لما شعرنا بذنوبه في تفريقه شملنا، ولم نعد ذلك عليه ذنبا.
وللتّرك للإحسان خيرٌ لمحسنٍ ... إذا جعل الإحسان غير ربيب
ربيب: بمعنى مربوب، وربى الإحسان إذا رباه.
يقول: الدهر أحسن أولًا ثم أفسد إحسانه آخرًا، وترك الإحسان ابتداء، خير من أن يبتدئ به ثم لا يربيه بالمداومة عليه.
ورجع في هذا البيت إلى ذم الدهر.
وإنّ الذي أمست نزارٌ عبيده ... غنيّ عن استعباده لغريب
يقول: إنك ملكت نزارًا كلها بإحسانك، واستعبدتهم بفضلك، وهم قومك وعشيرتك، فلا حاجة بك إلى استعباد عبد غريب.
كفى بصفاء الودّ رقًّا لمثله ... وبالقرب منه مفخرًا للبيب
بين كيفية استعباده لنزار: أي هم عبيدك بالطاعة وصفاء المودة، وكفى بصفاء المودة منهم رقًا لك، فلا تريد منهم إلا أن تصفوا لك المودة، وكفى بالقرب منك فخر لمن كان لبيبًا.
فعوّض سيف الدّولة الأجر إنّه ... أجلّ مثابٍ من أجلّ مثيب
الهاء في إنه يعود إلى سيف الدولة، والمثاب: هو سيف الدولة أيضًا.
يقول: عوض سيف الدولة الأجر، على جهة الدعاء أي عوض الله ذلك أجل من أثيب الأجر، والله أجل مثيب.
وقيل: إن الهاء للأجر، أي إن الأجر أجل مثاب، أي أجل ثواب من أجل مثيب، وهو الله تعالى، والمثاب على هذا: مصدر كالإثابة.
فتى الخيل قد بلّ النّجيع نحورها ... يطاعن في ضنك المقام عصيب
النجيع: قيل: هو الدم الطري على الإطلاق، وقيل: دم الجوف والضنك: الضيق. والعصيب: الشديد الصعب. وروى يطاعن: أي فتى الخيل يطاعن وروى: تطاعن أي تتطاعن.
يقول: هو الفتى المشهور في الشجاعة، الذي يطعن في ضنك المقام عند اشتداد القتال، وابتلال نحور الخيل بالدم.
يعاف خيام الرّيط في غزواته ... فما خيمه إلاّ غبار حروب
يعاف: يكره. والرّيط: الملاء البيض.
يقول: يكره المبيت والتنعم في الخيام، وإنما يحب القتال، فليس له خيمة إلا غبار الحروب.
وقيل: معناه أنه لا يستظل في غزواته بخيمة، كما يفعله الملوك، وإنما يستظل بغبار الحروب.
علينا لك الإسعاد، إن كان نافعًا، ... بشقّ قلوبٍ لا بشقّ جيوب
الإسعاد: المساعدة. يعني لو كان شق الجيوب والبكاء يردان ميتًا. لأسعدناك بشق القلوب، عن شق الجيوب.
فربّ كئيبٍ ليس تندى جفونه ... وربّ كثير الدّمع غير كئيب
يقول: إن الدمع ليس دلالة الوجد، فكثير من الناس ينحرق قلبه ولا يجري منه دمع! وكثير منهم يجري دمعه ولا حزن في قلبه!
تسلّ بفكرٍ في أبيك فإنّما ... بكيتفكان الضّحك بعد قريب
يروى: أبيك بفتح الباء. وهو جمع قولهم أبًا. مثل: عصا، وكان في الأصل أبين فانقلبت الياء ألفًا، وبعدها ياء جمع، فحذفت لالتقاء الساكنين، فبقي أبين ثم أضافه إلى كاف الخطاب، فحذف النون للإضافة فصار أبيك، وفي حال الرفع: أبون والأبا لغة في الأب. فعلى هذا تقول: هذا أباك ورأيت أباك ومررت بأباك. ويجوز أن يكون تثنية بمعنى أبويك. وروى: أبيك فيجوز أن يكون واحدًا وجمعًا.
يقول: تفكر في آبائك فإنك بكيت عند موتهم، ثم سليت عن قريب وصبرت، فاعتبر حالك اليوم بحالهم حين فقدت أباك.
إذا استقبلت نفس الكريم مصابها ... بخبثٍ ثنت فاستدبرته بطيب
1 / 267