Mucjiz Ahmad
اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي
Nau'ikan
Maganar Baka
الضمير في بهن للخيل. وفاعل غلس: مشيع أي جرى، شجاع يشيعه قلبه، ومبارك. بدل من المشيع، وما تحت اللثامين الوجه. أي مبارك الوجه، ميمون النقية. واللثامان: أحدهما، لثام الفم، والآخر لثام الأنف وقيل: أراد بهما الشيب، واللثام المعهود. وقيل: الغبار واللثام. وقيل: تلثم بلثامين. وقيل، أحدهما لثام الفم، الذي هو طرف العمامة، والآخر لثام البيضة. أي سار بخيله بالغلس في الوادي، وهو شجاع مبارك الوجه، عابد متورع، أو لأنه جهاد وغزو، فجميع ما يفعله طاعة وعبادة.
فتىً يشتهي طول البلاد ووقته ... تضيق به أوقاته والمقاصد
ووقته جر عطفًا على البلاد وفتى بدل من مشيع وما بعده صفة له.
يقول: هو يتمنى طول البلاد التي يقتحمها، أو يتمنى طولها، لتسع جيشه، ويتمنى طول وقته: أي طول عمره، ليدرك غاية همه، فأوقاته تضيق به، لأنه يطلب غاية لا تتسع لها الأوقات، وجيشه عظيم ضاقت عليه البلاد، وقوله: تضيق به يجوز أن يكون حالًا من يشتهى أي يشتهي به ضائقًا به أوقاته، ويجوز أن يكون خبرًا آخر كما كان يشتهي خبرًا وجميعه صفة للفتى، وهو في موضع رفع، وهذا أولى.
أخو غزواتٍ ما تغبّ سيوفه ... رقابهم إلاّ وسيحان جامد
أخو غزات نعت لفتى وقيل: خبر ابتداء محذوف: أي هو أخو غزوات. ما تغب أي ما تقصر وما تتأخر وسيحان نهر في بلاد الروم. وقيل بحر.
يقول: هو أبدًا يغزوهم ويسفك دماءهم ولا يرجع عن بلادهم، إلا عند شدة البرد وجمد الماء، وإن حملته على البحر كان معناه: أن سيوفه لا تغب رقابهم أبدًا، لأن البحر لا يجمد، فعلق ذلك بأمر محال.
فلم يبق إلاّ من حماها من الظّبي ... لمى شفتيها والثّديّ النّواهد
الضمير في حماها راجع إلى معنى من إذ المراد به المرأة المسبيه.
يقول: لم يبق من الروم إلا نساؤهم الحسان الوجوه اللمى الشفاة، حماها من السيوف حسنهن وملاحتهن، ونهود ثديهن، فسبين ولم يقتلن.
يبكّى عليهنّ البطاريق في الدّجى ... وهنّ لدينا ملقياتٌ كواسد
يقول: إن النساء اللاتي سبيناهن، بنات الكبار من الروم ونساؤهم؛ فهم يبكون عليهن، عندما يخلون بأنفسهم في ظلمة الليل، لأنهن أقاربهم، وهو مع ذلك عندنا مهانات ملقيات كواسد، لا يلتفت إليهن لكثرتهن.
بذا قضت الأيام ما بين أهلها: ... مصائب قومٍ عند قومٍ فوائد
بذا إشارة إلى ما وصفه فيما تقدم، وقيل: إشارة إلى الحال، وهو يذكر ويؤنث.
يقول: هكذا حكم الأيام فيما بين الناس. أن يجعل مصيبة قوم فائدة لقوم؛ لأن هذه السبايا لنا فوائد، وعلى أهلها مصائب.
ومن شرف الإقدام أنّك فيهم ... على القتل موموقٌ كأنّك شاكر
الموموق المحبوب، من ومقته. والشاكد المعطى.
يقول: شرف الشجاعة أنك تقتلهم، وهم يحبونك! كأنك تعطيهم وتحسن إليهم.
وأنّ دمًا أجريته بك فاخرٌ ... وأنّ فؤادًا رعته لك حامد
وأن بالفتح عطفا على قوله: أنك فيهم يقول: من شرف الإقدام أن كل دم تجريه يفتخر بك، وكل إنسان قتلته أكسبته شرفًا، وكل فؤاد خوفته وملأته خوفًا يحمدك ويثنى عليك؛ لما يرى من شجاعتك وإقدامك ومثله لآخر:
فإن أك مقتولًا فكن أنت قاتلي ... فبعض منايا القوم أكرم من بعض
وكلّ يرى طرق الشّجاعة والنّدى ... ولكنّ طبع النّفس للنّفس قائد
يقول: كل أحد يعرف فضل الشجاعة والسخاء ويعرف الطريق إليهما، ولكن طبع اللئيم يقوده إلى الجبن والبخل، وطبع الكريم يحثه على الشجاعة والبذل، فطبع كل إنسان يقوده إلى ما يميل إليه، إذ الإنسان طوع الطبع.
نهبت من الأعمار ما لو حويته ... لهنئت الدّنيا بأنّك خالد
يقول نهبت من أعمار الأعداء ما لو جمعته وملكته، وزيد في عمرك، لبقيت في الدنيا خالدًا دائمًا.
وفيه إشارة إلى أن الدنيا مسرورة بكونه فيها، فلو رزق هذه الأعمار، لدام سرورها، وفيه مدح من وجهين: أحدهما: وصفه بالشجاعة المؤدية إلى قتل جماعة الأعداء.
والثاني: أن سرور الدنيا ببقائه، إذ هو زينتها. وقيل: معناه لهنئ أهل الدنيا. حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، كقوله تعالى: " واسْألِ القَرْية " أي أهل القرية.
فأنت حسام الملك والله ضاربٌ ... وأنت لواء الدّين والله عاقد
1 / 264