Mucjiz Ahmad
اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي
Nau'ikan
Maganar Baka
المعنى: أشقى البلاد بك بلاد الروم، وأهلها أشقى الناس بك، لأنها أبدًا بك تخرب بلادهم، وتغير عليهم وتسبي نساءهم، وأهليهم، وهممع ذلك يقرون بفضلك، وشرفك حتى ليس فيهم أحد ينكر ذلك.
شننت بها الغارات حتّى تركتها ... وجفن الّذي خلف الفرنجة ساهد
شننت أي فرقت بها أي بالروم. والغارات هي التي تغير عليها. والفرنجة ناحية بأقصى بلاد الروم، تجاور الأندلس. وقيل: خلف الفرنجة أراد به قسطنطينية، وهي وراء الفرنجة. وأراد بالذي ملك الروم أو ملك الفرنجة. يعني أغرت على بلاد الروم وعممتها بخيلك وسراياك، حتى صاحب الفرنجة، أو ملك الروم، لا تنام عينه خوفًا منك.
مخضّبة والقوم صرعى كأنّها ... وإن لم يكونوا ساجدين، مساجد
مخضبة نصب على الحال. أي شنت بها الغارات، وسفكت فيها الدماء، حتى خضبت الأرض بدماء القتلى، فكأن الأرض مساجد مخلقه، والقوم الصرعى فيها، كأنهم ساجدون، وإن لم يكونوا سجودًا في الحقيقة.
شبه الدم بالخلوق الذي يكون في المساجد.
تنكّسهم والسّابقات جبالهم ... وتطعن فيهم والرّماح المكايد
قال الليث: طعنه بالرمح يطعنه طعنًا، وطعنه بالقول يطعنه طعانًا، ففرق بينهما في المصدر، وأما في المستقبل فمضموم العين. وقيل: يجوز طعانًا في الرمح أيضًا. وعن الليث عن بعضهم: يطعن بالرمح ويطعن بالقول. قال: وكلاهما يطعن. ومثله للكسائي بالضم فيهما. قال الفراء: سمعت يطعن بالرمح. ونكست الفارس عن فرسه: إذا طرحته عنه، على رأسه.
يقول: تحصنوا بالجبال فرارًا منك، فطاعنتهم برماح كيدك، حتى نكستهم عن رءوس الجبال، التي هي كالخيور لهم.
وقيل: أراد بالسابقات الخيل نفسها، أي تقلب بالقتل عن أفراسهم التي هي كالجبال الحصينة، ويصل طعنك إليهم، والذي يوصله إليهم هو رماح المكايد والتدابير. والأول هو الوجه.
وروى والسابقات حبالهم بالحاء. أي حبالك التي تصطادهم بها: خيلك. ومكايدك: رماحك تطعنهم بها.
وتضربهم هبرًا وقد سكنوا الكدى ... كما سكنت بطن التّراب الأساود
الهبر: أن يقطع اللحم ويبينه عن الجسم يقال: يضرب هبرًا. أي يقطع. وقيل: هو تجاوز الضريبه والكدى جمع الكدية، وهي الأرض الصلبة. والأساود جمع الأسود وهي الحية السوداء.
يقول: فروا منك إلى المغارات والمطامير ودخلوا تحت الأرض كالحية السوداء، فأخرجتهم منها وقتلتهم.
وقيل: معناه ضربتهم هبرًا حتى دخلوا الكدى، خوفا منك، فاستتروا بالمطامير، كالحيات تحت التراب.
وقيل: إن سيف الدولة أسرهم وأدخلهم المطامير.
وقيل: أراد بالكدى القلاع والحصون.
وتضحى الحصون المشمخّرات في الذّرى ... وخيلك في أعناقهن قلائد
الذرى: رءوس الجبال، الواحد: ذروة. يعني أن خيلك تصعد رءوس الجبال، فتحيط بحصونهم إحاطة القلائد بالأعناق.
عصفن بهم يوم اللّقان وسقتهم ... بهنزيط حتّى أبيضّ بالسّبي آمد
عصفن بهم أي هلكنهم، والكناية للخيل. وفي بهم للروم، وكذلك ناحية الأرض، من وراء آمد، لأنه ذهب به مذهب البلد أو الموضع، ولأن التأنيث إذا كان غير حقيقي يجوز تذكيره.
يقول: إن خيلك أهلكتهم يوم اللقان، ثم قدت خيلك إلى هنزيط حتى أغرن عليها وسببن ذراريهم ونساءهم، ثم عدت إلى آمد. حتى ابيضت من كثرة السبي الذي ملأها، لأن أهل الروم بيض الألوان وآمد سورها مبني بالحجارة السود، وكذلك دورها كلها سود.
وألحقن بالصّفصاف سابور فانهوى ... وذاق الرّدى أهلاهما والجلامد
الصفصاف وسابور حصنان. وانهوى أي سقط، والجلامد: الصخور.
يقول: ألحقت خيلك سابور بالصفصاف، لأنها هدمت الصفصاف أولا، ثم ألحقت سابور بها في الهدم والإخراب، وذاق أهلاهما، وصخورهما الهلاك.
وغلّس في الوادي بهنّ مشيّعٌ ... مبارك ما تحت اللّثامين عابد
1 / 263