Mucjiz Ahmad
اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي
Nau'ikan
Maganar Baka
فاعل يرد ضمير الضجيع، وكذلك جميع الكنايات تعود إليه.
يقول: إذا خلوت معها رددت يدي عنها وأمسكتها عن ثوبها، ولو أردت لقدرت منها على ما اشتهيت، وإذا رأيت طيفها في النوم عصيت الهوى فيه، وعففت عنه، فحالي في النوم مع الطيف كحالي في اليقظة معها.
ومعناه: أن الفاحشة لا تخطر ببالي لاستعمال العفة في اليقظة، لأن الإنسان إنما يرى في المنام ما حدثته به نفسه في حال اليقظة، وأخذ منه التهامي هذا المعنى فقال:
إذا ما أراد الطّيف تقبيل ثغره ... ثنى وجهه عن لثمه بلثامه
فكيف يرجّى منه حال انتباهه ... حنوًّا، فهذا فعله في منامه
متى يشتفي من لاعج الشّوق في الحشى ... محبّ لها في قربه متباعد
لاعج الشوق محرقه، وفاعل يشتفي محب.
يقول: متى يشتفي العاشق من شوقه المحرق له، إذا كان في حال قربه من الحبيب متباعد منه. يعني أن العاشق إنما يداوي شوقه بلقاء حبيبه، فإذا باعده أيام قربه لم يشتف منه.
إذا كنت تخشى العار في كلّ خلوةٍ ... فلم تتصبّاك الحسان الخرائد؟!
تتصباك تستميل قلبك. وقيل: تحملك على الصبي. وتعرضك له، والخريدة: الجارية الناعمة.
يخاطب نفسه ويقول: إذا كنت تختار العفاف في كل خلوة وتعد القرب من الحسان عارًا، فلماذا تعشقك النساء الحسان؟! ومالك والتعرض للهوى! وقريب منه:
من راقب النّاس مات غمًّا ... وفاز باللّذة الجسور
ألحّ عليّ السّقم حتّى ألفته ... وملّ طبيبي جانبي والعوائد
ألح دام والعوائد جمع العائد؛ وخص النساء لأنهن أعطف قلوبًا، وأدوم على العيادة، فإذا ملت النساء من العيادة فالرجال أكثر ملالًا.
يقول: إن السقم قد لازمني حتى ألفته واستأنست به، وحتى ملني الطبيب والعوائد وأسلموني لما بي.
مررت على دار الحبيب فحمحمت ... جوادي، وهل تشجو الجياد المعاهد؟!
تشجو أي تحزن والجياد مفعوله والمعاهد الفاعل. وهي المنازل، والواحد معهد.
يقول: مررت بدار الحبيب فعرفت جوادي، فحمحمت لما تذكرت أيامها حين، كنت أزور الحبيب عليها. ثم تعجب وقال: كأن الجياد أيضًا تشتاق إلى الديار! وتشجوها المنازل ومفارقة الأحباب! ثم رجع عن التعجب في البيت الذي بعده.
وما تنكر الدّهماء من رسم منزلٍ ... سقتها ضريب الشّول فيها الولائد؟
الدهماء الفرس السوداء، وهي الجواد المذكورة قبل، والضريب: اللبن الخاثر والشول: جما شائل وهي الناقة التي قل لبنها، وذلك أحمد اللبن، وألطفه، والهاء في فيه للمنزل. والوليدة: الأمة والخادمة.
يقول: كيف تنكر فرسي أثر الموضع التي كانت الولائد تسقيها اللبن فيه من الشول حتى اعتادت ذلك؟ أي كان من الواجب عليها أن تعرف ذلك، وتحزن لفراق هذا المنزل.
أهمّ بشيٍ واللّيالي كأنّها ... تطاردني عن كونه وأطارد
أهم بشيء: أي عزم عليه وأريده. والمطاردة: المحاربة. وقوله: أطارد فيه محذوف، أي وأطاردها عن كونه، وأخبر عما يهم به بالنكرة، ليكون أعظم في النفوس.
يقول: إني أحاول أمرًا عظيمًا وأريد أن أحصل مرادي فيه، والأيام تدافع عنه وتحاربني عليه. ومثله لآخر:
يطردني دهري وأحداثه ... عن كون ما أبغي وما أطلب
وما ينال المرء مأموله ... ودهره عنه به يهرب
وحيدًا من الخلاّن في كلّ بلدةٍ ... إذا عظم المطلوب قلّ المساعد
نصب وحيدًا على الحال في الضمير الذي في أطارد أي أطارد الليالي وحيدًا. وروى: مرفوعًا، فيكون خبر ابتداء محذوف. أي أنا وحيد.
يقول: أحاول أمرًا عظيمًا وأنا وحيد فالليالي تدافعني عنه، ولا أجد خليلًا يساعدني عليه، والمطلوب إذا كان عظيمًا قل من أن يساعد طالبه.
وتسعدني في غمرةٍ بعد غمرةٍ ... سبوحٌ لها منها عليها شواهد
وروى: تساعدني، وهو معنى تسعدني والشواهد: الدلائل والهاء في لها وعليها ومنها للسبوح.
1 / 261