Mucjiz Ahmad
اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي
Nau'ikan
Maganar Baka
يقول: أنت أجل من أن تنالك الأيدي فتدخرك، كما تدخر سائر السيوف والأموال، ولكن صيرتك في اعتقادي عدة لي لكل شدة، وذخرًا لكل نائبة.
لقد رفع الله من دولةٍ ... لها منك يا سيفها، منصل
يقول: رفع الله دولة أنت سيفها، وأبان على جميع الدول فضلها، والهاء في لها وسيفها للدولة. والكاف في منك خطاب لسيف الدولة.
فإن طبعت قبلك المرهفات ... فإنّك من قبلها المقصل
المرهفات: السيوف المرققة الحد، والمقصل: القاطع.
يقول: إن كانت السيوف سبقتك بالطبع، فأنت سبقتها في جودة الجوهر والقطع، فأنت أول سيف قاطع.
وإن جاد بقلك قومٌ مضوا ... فإنّك في الكرم الأوّل
يقول: إن تقدمك الأجواد في الجود، فأنت سبقتهم في الفعال، وتقدمتهم في كرم الخلال، فأنت وإن تأخرت عنهم وجودًا، تقدمتهم كرمًا وجودًا.
وكيف تقصّر عن غايةٍ ... وأمّك من ليثها مشبل
المشبل: التي معها أشبال، وأراد بالليث: أباه. والهاء في ليثها للأم فجعلهما أسدين، وجعله شبلهما.
يقول: فكيف تقصر عن غاية ترويها، وأنت ليث ابن ليث ابن لبؤة.
وقد ولدتك فقال الورى ... ألم تكن الشّمس لا تنجل؟!
تنجل: أي تلد.
يقول: إنها في شرفها شمس، فلما ولدتك تعجب الناس وقالوا: أليس الشمس لا تلد؟ فكيف ولدت الآن! فجعله شمسًا مولودًا من شمس.
فتبّاّ لدين عبيد النّجو ... م ومن يدّعي أنّها تعقل
تباّ: نصب على المصدر وعلى الذم بفعل مضمر، ومعناه: ضلالًا وخسرانا لدين من يعبد النجوم، ومن يدعي أنها تعقل وتختار وتميز. بين العلة في الذم.
وقد عرفتك فما بالها ... تراك تراها فلا تنزل؟!
يعني: لو كانت النجوم تعقل، لكانت إذا رأتك تراها، وتنظر إليها نزلت إليك وخضعت لك، لأنك أعلى منها محلا، فلما لم تفعل علم أنها غير عاقلة.
ولو بتّما عند قدريكما ... لبتّ وأعلاكما الأسفل
يقول: لو حل كل واحد منكما المحل الذي يستحقه، لعلوت عليها وصرت في الفلك، وسفلت هي عنك، فصار أعلاكما الآن وهو النجم: الأسفل.
أنلت عبادك ما أمّلت ... أنا لك ربّك ما تأمل
التاء في أملت، تعود إلى العباد.
يقول: أنلت عبادك وهم الخلق ما أملوه منك، فبلغك الله آمالك في دنياك وآخرتك. وقيل: الضمير في قوله: ما أملت راجع إلى النجوم: أي أن ما فعلته من تبليغ الناس مناهم، كانت النجوم تأمله، فلا تقدر عليه فأملت ما أملته النجوم.
قال ابن جني: ولما أطلق على الناس لفظ العبودية له، بين في آخر البيت أنه من جملة العباد وأنه محتاج كسائر الناس فقال:
أنا لك ربّك ما تأمل
فجعله مثل سائر الناس في الحاجة. صنعة وحذاقة.
وقال وقد ركب سيف الدولة في بلد الروم، من منزل يعرف بالسنبوس في جمادي الأولى سنة تسع وثلاثين وثلاث مئة فأصبح وقد صف الجيش يريد سمندو. وكان أبو الطيب متقدمًا، فالتفت فرأى سيف الدولة خارجًا من الصفوف يدير رمحًا، فعرفه فرد الفرس إليه. فسايره وأنشده:
لهذا اليوم بعد غدٍ أريج ... ونارٌ في العدوّ لها أجيج
الأريج، والأرج: الرائحة الطيبة. والأجيج: من تأجج النار وهو التهابها.
يقول: سيكون لهذا اليوم الذي ركبت فيه، بعد غد أريج: أي ذكرى حسن يسر المسلمين، ويسوء المشركين، ويكون في العدو نار لها توقد والتهاب: أي حروب ووقائع تلتهب مثل النار.
تبيت به الحواصن آمناتٍ ... وتسلم في مسالكها الحجيج
الحواصن: جمع الحاصن وهي العفيفة من النساء. وقيل: المتزوجة.
وروى: الحواضر: جمع الحاضرة بخلاف البادية. وروى: الحواضن: جمع الحاضنة لأولادها.
يقول: يأمن بركوبك هذا بعد غد: من في الثغور من النساء، ويأمن أهل الحضر والبدو من الغارات، ويسلم الحجاج والمسافرون في أسفارهم وطرقهم من اللصوص وقطاع الطرق.
فلا زالت عداتك حيث كانت ... فرائس أيّها الأسد المهيج
المهيج: هو الهائج: تقول هيجته أهيجه هيجا، وهاج هو بنفسه.
يقول: جعل الله أعداءك حيث كانوا، فرائسك أيّها الأسد.
عرفتك والصّفوف معبّآتٌ ... وأنت بغير سيرك لا تعيج
لا تعيج: أي لا تبالي. تقول: ما عجت بكلامه أي ما باليت به. وعبأت الجيش وعبيته: إذا زينته وسويت صفوفه.
1 / 252