Mucjiz Ahmad
اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي
Nau'ikan
Maganar Baka
المفاضة: الدرع الواسعة. والتريكة: البيضة. والأرقم: ضرب من الحيات منقط كأنه مرقوم، بما عليه من النقط. والهاء في يديه يعود إلى الفتى، وقيل: إلى الضيغم. وفي عينيه إلى الأرقم؛ لأنه المقدم في المعنى، وإن تأخر في اللفظ. وعينيه عطفًا على يديه شبه ساعدي الفتى في الدرع، بساعدي الأسد، وعينيه تحت البيضة، بعيني الحية.
كأجناسها راياتها وشعارها ... وما لبسته والسّلاح المسمّ؟ م.
الشعار: العلامة التي يتعارف بها أهل الحرب. والمسمم: المسقى السم. وروى: المسه وهي التأنيث كله للخيل. وقيل في معنى البيت وجوه.
أحدها: أن هذا الجيش كثير مختلف، اجتمع فيه كل أمة من الجند، وكما اختلفت هذه الأجناد، كذلك اختلفت شعارها وأعلامها وسلاحها. فكل طائفة على هيئة مخالفة لغيرها من الطوائف. كقوله:
في موضع تجمع فيه كل إنس وأمة
هذا ما ذكره المخزومي.
وثانيها: أنه كلما اختلفت ألوان الخيل وأجناسها وأنواع الرجال وأجنادها، كذلك الرايات والسلاح والشعار فإنهم في هيئات الأسود والعقبان، فالأسود من جنس الرجال، والعقبان من جنس الأفراس، وشعارها مختلفة الألوان كألوان هذه الخيل، وما لبسته من الحديد، ففي الخيل والرجال صلابة مثله:
وهم في النفاد واله ... لاك كالسلاح المسمم
وثالثها: معناه أن جنسها كالحديد في صبره على التعب والقتال، ونداؤهم باسم الحديد لأنهم يتنادون بشعار سيف الدولة المنصور، والسيف: حديد، وما لبسته من التجافيف والجواشن، وهي أيضًا حديد، والسلاح حديد، وعلى الرايات اسم سيف الدولة وهو حديد، ولأنه جعل الرماح رايات.
وقال ابن جني: معناه أن عسكره كله عربي. خيله وشعاره وملبوسه وسلاحه.
وأدّبها طول القتال فطرفه ... يشير إليها من بعيدٍ فتفهم
الهاء في أدبها وإليها للخيل. وتفهم فعل الخيل، والهاء في طرفه لك فتى.
يقول: إن خيله تأدبت بآداب القتال، فإذا أشار صاحبها إليها من بعيد فهمت مراده، فجاءت إليه مسرعة. وروى: طول القياد وطول الطراد.
تجاوبه فعلًا وما تسمع الوحى ... ويسمعها لحظًا وما يتكلّم
الوحى: الصوت. يقول: إن صاحبها إذا دعاها بلحظه وإشارته، أجابت بالفعل والمجيء، وإن لم تسمع صوته.
تجانف عن ذات اليمين كأنّها ... ترقّ لميّا فارقين وترحم
تجانف: أي تتجانف، فحذف التاء، أي تميل.
يقول: إن الخيل عدلت عن ميا فارقين وأخذت في جانب فكأنها ترحمها، وكانت ميا فارقين عن يمين هذه الخيل وهي من جملة ممالكه فلم يتعرض لها لأن القصد كان إلى ديار الروم.
ولو زحمتها بالمناكب زحمةً ... درت أيّ سورينا الضّعيف المهدّم
يقول: لو زحمت الخيل ميا فارقين بمناكبها، لكانت تدري أي السورين أضعف سورها أم سور الخيل؟ يعني جعل الخيل سورًا؛ لثباتها وبعد انزعاجها عن موضعها بإزعاج مزعج، والتصاقها للحرب، ومعناه: لو لم تعدل عنها، ونزلت عليها؛ لهدمت سورها.
قال ابن حني: وحكى أن المتنبي أنشده هذه القصيدة عصرًا، فسقط سور ميا فارقين ليلًا، وكان السور جاهليًا.
على كلّ طاوٍ تحت طاوٍ كأنّه ... من الدّم يسقى أو من اللّحم يطعم
الطاوي: الضامر، واللطيف البطن، وقوله: كأنه يرجع إلى الطاوي الأول، وهي الفرس.
يقول: على كل فرس ضامر، فارسٌ مثله في الضمور. فكأن هذا الفرس سقى من الدم، وأطعم من اللحم.
قيل فيه وجوه: منها: كأنه ذئب يأكل اللحم ويشرب الدم، فهو يهجم بفارسه على الحرب كما يهجم الذئب على الصيد.
وثانيها: كأنه يأكل لحم نفسه، ويشرب دم نفسه. مبالغة في وصفة بالضمور، والهزال؛ لاعتياده القتال.
والثالث: أراد أنه أطعم لحوم الأعداء وسقى دماؤهم، فهو مجد في طلبهم اقتداء بما مضى من العادة.
لها في الوغى زيّ الفوارس فوقها ... فكلّ حصانٍ دارعٌ متلثّم
يقول: زي هذه الخيل مثل زي فوارسها؛ لأن كل فارس عليه درع ومغفر ولثام، وفرسه مغطى بالتجافيف، والبرقع.
وما ذاك بخلًا بالنّفوس على القنا ... ولكنّ صدم الشّرّ بالشّرّ أحزم
بخلًا: نصب لأنه خبر ما واسمه ذاك وهو في موضع الرفع.
يقول: تغطيتهم أنفسهم وخيلهم ليس لجبنهم وبخلهم بالحياة، ولكنه مقابلة الشر بالشر، ودفع الشر بمثله، هو الحزم وجودة الرأي.
1 / 249