237

Mucjiz Ahmad

اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي

Nau'ikan

Maganar Baka
يقول: إن همم الممدوح فوق الكواكب، وهو قد نال ما هو أبعد منها، فتغيب الكواكب دون همته، وتطلع دون مناله، فهو أعلى منالًا منها في كل حال. والله يسعد كلّ يومٍ جدّه ... ويزيد من أعدائه في آله يقول: إن الله تعالى يخصه كل يوم بسعادة، ويظفره بأعدائه، فينعم عليهم ويعفو عنهم، فيعودون أولياءه بعد أن كانوا أعداءه، وعلى هذا معناه: الخبر. وقيل: إنه دعاء أن الله تعالى يوفقه للسعادة ويزيد الله من أعدائه في أوليائه. لو لم تكن تجري على أسيافه ... مهجاتهم لجرت على إقباله الهاء في إقباله لجده: أي على إقبال جده. وقيل: إنه راجع إلى الممدوح. يقول: لو لم يقتل أعداءه بسيوفه، لقتلهم إقباله وسعادة جده، وبلغته الأقدار مراده. فلمثله جمع العرمرم نفسه ... وبمثله انقصمت عرى أقتاله العرمرم: الكثير. والأقتال: جمع القتل، وهو النظير في الحرب. ويقال أيضًا للعدو: قتل. يقول: لمثل هذا الممدوح يجمع الجيش الكثير: يعني أن من كان مثله في الإقدام يفنى الجيش العظيم، ويفرق جمعه، ويقتل أبطاله. وقيل: جمع العرمرم نفسه: معناه الفزع. يقال: جمع فلان نفسه: إذا فزع. يعني: أن العسكر العظيم من مثله يفزع، وبمثله يقتل. لم يتركوا أثرًا عليه من الوغى ... إلا دماءهم على سرباله يقول: إن أعداءه في الحرب لم يقدروا له على شيء، سوى أنهم خصبوا ثوبه بدمائهم؛ من جرحه إياهم، وانتضاح دمائهم إليه. يا أيّها القمر المباهى وجهه ... لا تكذبنّ فلست من أشكاله يقول للقمر: لا تكذبن. أي لا تغتر بما سولت نفسك من الكذب، ولا تباهى، ولا تفاخر وجهه في الحسن والبهاء، ولا تغتر بما حدثتك نفسك: بأنك مثله في الحسن والعلاء، فإنها كذبتك فسلت من أمثاله. وإذا طما البحر المحيط فقل له ... دع ذا فإنّك عاجزٌ عن حاله وهب الّذي ورث الجدود وما رأى ... أفعالهم لابنٍ بلا أفعاله يقول: وهب ما ورث عن آبائه من الأموال، لأنه لم ير ما بنوه من المجد وشيدوه من الفخر فخرًا ما لم يفعل هو لنفسه فوق ما ورث لنفسه ما هو فخر له. كما قال بعضهم: إنّا وإن أحسابنا كرمت ... لسنا على الأحساب نتّكل نبني كما كانت أوائلنا ... تبني ونفعل مثل ما فعلوا ومثله لابن الرومي. وما الحسب الموروث لادر دره ... بمحتسب إلا بآخر مكتسب إذا لم يكن وإن كان شعبه ... من المثمرات اعتده الناس من خطب حتى إذا فنى التراث سوى العلا ... قصد العداة من القنا بطواله يقول: لما أفنى بهباته ما ورث من آبائه، فلم يبق منه شيء، إلا معالي آبائه، فإنه شحيح بها، قصد الأعداء وأغار عليهم، فاحتوى على أموالهم ووهبها. وبأرعنٍ لبس العجاج إليهم ... فوق الحديد وجرّ من أذياله الأرعن: الجيش العظيم، والهاء في أذياله للأرعن. يقول: قصد الأعداء بجيش عظيم، قد لبس الغبار فوق الدرع، يعني أن الغبار قد علا الفرسان، حتى صار لها كالدرع السابغة وجر من أذياله يعني به التجافيف، وأنه يسحبها لطولها. فكأنّما قذى النّهار بنقعه ... أو غضّ عنه الطّرف من إجلاله يقول: إن غبار الجيش قد غير ضوء النهار، وكأن الشمس قد قذيت بهذا الغبار، أو غض عينه؛ من الإعظام للممدوح؛ فالهاء: للممدوح، وقيل للجيش، وقيل للغبار. الجيش جيشك غير أنّك جيشه ... في قلبه ويمينه وشماله يقول: الجيش لك، وأنت عليه أمير؛ لأنك تحميه بنفسك وتذب عنه بسيفك، فكأنك جيش الجيش. والكنايات للجيش. ترد الطّعان المرّ عن فرسانه ... وتنازل الأبطال عن أبطاله هذا تفسير البيت الأول. يقول: إنك تباشر الطعان الصعب عن فرسان جيشك، وتقاتل شجعان العدو عن شجعان جيشك. كلّ يريد رجاله لحياته ... يا من يريد حياته لرجاله يقول: كل الملوك إنما يريدون الجنود لحياة نفوسهم، حتى يدفعوا عنها الأعداء، وهو يريد الحياة؛ ليدفع عن جيشه ويصونهم. دون الحلاوة في الزّمان مرارةٌ ... لا تحتظى إلاّ على أهواله الهاء في أهواله للزمان.

1 / 237