Mucjiz Ahmad
اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي
Nau'ikan
Maganar Baka
من خص بالذم الفراق فإنني ... من لا يرى في الدهر شيئًا يحمد
يقول: إن كان الناس يذمون الفراق خاصة، فأنا أذم جميع الدهر، ولا أرى في الدهر شيئًا يستحق الحمد والمدح.
وقال يمدح أبا بكر علي بن صالحٍ الروذباري الكاتب بدمشق:
كفرندي فرند سيفي الجراز ... لذة العين عدةٌ للبراز
الفرند، والإفرند: جوهر السيف، وهو خضرته التي تردد فيه والجراز: القاطع. والبراز: المبازة.
يقول: إن جوهر سيفي مثل مضاء حده، ومثل مضاء عزمي، وهو لذة العين حين تنظر إليه، وعدتي ليوم القتال، والحرب.
تحسب الماء خط في لهب النا ... ر أدق الخطوط في الأحراز
أدق: نصب على المصدر. وأراد: تحسب الماء في سيفي، فحذف للعلم به. والأحراز: جمع حرز، وهو التعويذة. شبه السيف بالنار، وفرنده بالماء.
يقول: إذا نظرت إليه حسبت أن الماء خط في لهيب النار! فهذا عجيب لأنهما لا يجتمعان، وإن ذلك الخط في الدقة أدق من خطوط الأحراز.
كلما رمت لونه منع النا ... ظر موجٌ كأنه منك هازي
أصله هازىء بالهمزة فقلبها ياء فصار مثل هازي.
يقول: إن ما يموج في صفحته، مرة تراه أصفر، وأخرى أخضر، وأخرى أزرق، ويجيء مرة ويذهب أخرى، فإذا نظرته لا يعطيك حقيقة لونه، فكأنه يهزأ منك.
ودقيقٌ قدى الهباء أنيقٌ ... متوالٍ في مستوٍ هزهاز
قوله: ودقيق أراد به: الغبرة التي تعلو متن السيف. وقيل أراد: جوهره الدقيق. والهباء: ما تراه في الشمس إذا دخلت البيت، من كوة. وقدى الهباء: بالفتاح والكسر أي مقداره. والأنيق: المعجب. والهزهاز: كثير الاهتزاز. وقيل هو الذي يجيء ماؤه ويذهب. قوله: في مستوٍ: أي متن مستوٍ. ومتوالٍ: أي غبار متوال.
يقول. عطفًا على ما تقدم: إن الناظر يمنعه غبار دقيق، أو جوهر دقيق كأنه الهباء وهو أنيق متتابع غير منقطع، في متنٍ مستوٍ يجيء ماؤه ويذهب لكثرة اهتزازه وجود صقاله.
ورد الماء فالجوانب قدرًا ... شربت والتي تليها جوازي
جوازي: أصله بالهمزة.
يقول: ورد الجوازىء، أي الإبل التي تجتزىء بالرطب عن ماء هذا السيف، فشربت شفرتاه منه قدر الحاجة، واجترىء متنه وصفحته بما فيها من الرونق والصفاء، ولم يشرب الماء كله؛ ليكون أثبت له فلا ينكسر.
حملته حمائل الدهر حتى ... هي محتاجةٌ إلى خراز
حمائل السيف، وحمالته، ونجاده، ومحله: بمعنى.
يقول: كانت حمائله الدهور، فأخلقها وأبلاها فهي محتاجة إلى خراز: يرمم مارث. يعني: أنه قديم عتيق قد أبلى الأعوام، ومرت عليه الدهور؛ والسيف إذا كان أعتق، كان أجود وأقطع.
وهو لا تلحق الدماء غراري ... هـ ولا عرض منتضيه المخازي
غراري السيف: حداه. والمخازي: جمع مخزاة، وهي المذلة. والمنتضى: المخرج له من الغمد.
يقول: لا تلحق الدماء غراريه؛ لسرعة مضائه، فيسبق الدم ويخرج الدم بعده! وقيل: أراد أنه جيد الصقل، ولا يقبل الدم لصقالته، وكما لا يلحق غراريه الدم، كذلك لا يلحق حامله الذي ينتضيه في الحرب؛ لفضله وشجاعته.
يا مزيل الظلام عني، وروضي ... يوم شربي ومعقلي في البراز
المعقل: الحصن. والبراز: الصحراء.
يقول مخاطبًا لسيفه: أنت تزيل عني ظلم الخطوب والشدائد، وأنت روضي يوم أشرب: أي نظري إليك، وإلى جوهرك، يقوم لي مقام الروض. وأنت معقلي: ألجأ إليك إذا التجأ غيري إلى الحصون.
وقيل: أراد به أن رونقه وصقاله يضيء له الظلام. وكذلك أراد أنه في خضرته يشبه الروض.
واليماني الذي لو اسطعت كانت ... مقلتي غمده م الإعزاز
اليماني: صفة للسيف، أي أنه منسوب إلى اليمن.
يقول: لو استطعت أن أجعل مقلتي غمدك لفعلت؛ صيانة لك وإعزازًا.
إن برقي إذا برقت فعالي ... وصليلي إذا صللت ارتجازي
الصليل: صوت وقع الحديد بعضه على بعض. والارتجاز: من الرجز.
يقول: إذا لمعت في الحرب بروقك برقت أنا بفعلي وظهرت به كما ظهرت بلمعك، وإذا صللت عند الضراب ارتجزت أنا بشعري، فرجزي يقوم مقام صليك.
ولم أحملك معلمًا هكذا إلا ... لضرب الرقاب والأجواز
المعلم: الذي يجعل من نفسه إشارة إلى الحال، وهو نصب على الحال.
يقول: لم أحملك يا سيف في حال ما أنا معلم، وهي حال الحروب، إلا لضرب رقاب الناس، وأوساطهم.
1 / 173