167

Mucjiz Ahmad

اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي

Nau'ikan

Maganar Baka
الجبوب. وجه الأرض. وحذيت: أي جعلت له حذاء، وهو النعل. والكناية في نجومه وقوائمه وعليه لليل فكأنه أراد أن يشبه الليل بفرس أدهم مثل ما بين السماء والأرض، فجعل النجوم عليه مركبة، والأرض نعلًا لرجله. فيقول: كأن نجوم هذا الليل حلى عليه، وكأن الليل قد جعل أنعال قوائمه الأرض؛ لطول امتلائه بين السماء والأرض. وقد سرق قوله: كأن نجومه حلىٌ عليه من قوله تعالى: " ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح " والبيت من قول امرىء القيس حيث يقول: كأن الثريا علقت في مصامها ... بأمراس كتانٍ إلى صم جندل كأن الجو قاسى ما أقاسي ... فصار سواده فيه شحوبا الهاء في سواده لليل. وفي فيه للجو. يقول: كأن الهوى لقي من العناء ما لقيته أنا في الحرب والأسفار، فتغير لونه كما تغير لوني، فهذا السواد تغيرٌ في لونه. كأن دجاه يجذبها سهادي ... فليس تغيب إلا أن يغيبا الهاء في دجاه لليل، أو للجو، وفي يجذبها: للدجى، وهي الظلم. يقول: كأن ظلم هذا الليل يجذبها سهري، فهي متعلقة بسهري، فليست تغيب هذه الظلمة إلا إذا غاب السهر، وكما أن سهادي لا يغيب، كذلك دجى الليل، لا يزول ولا يغيب. أقلب فيه أجفاني كأني ... أعد بها على الدهر الذنوبا الهاء في فيه: للجو، أو لليل. وفي بها: للأجفان. يقول: إني أقلب أجفاني في هذا الليل والجو، يمينًا وشمالًا، وأكثر من تقليبها، فكأني أعد بأجفاني عيوب الدهر، يعني: كما أن ذنوب الدهر كثيرة، لا تعداد لها، كذلك أجفاني لا انقطاع لتقليبها، ولا نوم لي هناك. وما ليلٌ بأطول من نهارٍ ... يظل بلحظ حسادي مشوبا أراد: بلحظي حسادي. فحذف الفاعل وأضاف المصدر إلى المفعول. يقول: هذا الليل مع تناهيه في الطول، وسهري فيه، ليس بأطول من نهارٍ ألاحظ فيه أعدائي، فيكون النهار مشوبًا برؤيتي حسادي. فيشكو الليل والنهار جميعًا. وما موتٌ بأبغض من حياةٍ ... أرى لهم معي فيها نصيبا أبغض: الوجه فيه أن يقول: اشد إبغاضًا، لكنه جاء به على حذف الزوائد. يقول: كما أكره الموت أكره الحياة التي شاركني فيها الحساد، فليست الحياة أحب من الموت، ولا الموت أكره من الحياة، إذا كان لحسادي نصيب في تلك الحياة. يعني: أني أحب الحياة إذا أفنيت حسادي. عرفت نوائب الحدثان حتى ... لو انتسبت لكنت لها نقيبا النوائب: حوادث الدهر. والنقيب: العارف بالأشياء. يقول: إني عرفت حوادث الدهر، حتى لو كانت الحوادث من الأحياء المنتسبين إلى الآباء لكنت العارف بها وبأنسابها، ومن أين تولد، وإلى من تنسب، كما يعرف النقيب الأنساب. ولماقلت الإبل امتطينا ... إلى ابن أبي سليمان الخطوبا امتطينا: ركبنا مطاها وظهورها. والخطوب: شدائد الأمور. يقول: لما لم نجد الإبل وقل ما نركبه، ركبنا إليه ما أصابنا من الشدائد، فجعلناها مطايانا، لا سبب قصدنا إياه وهو الشدائد. وقيل: لما حقرت الإبل في جنب قدره مشينا إليه بأقدامنا إعظامًا له وإجلالا. مطايا لا تذل لمن عليها ... ولا يبغي لها أحدٌ ركوبا يقول: إن الخطوب مطايا لا تطاوع راكبها؛ لشدتها وصعوبتها، ولا تنقاد لأحد، ولا يطلب أحد ركوبها؛ لصعوبتها لأنها غير ذلول. وترتع دون نبت الأرض فينا ... فما فارقتها إلا جديبا الجديب: المجدب. لما جعل الخطوب مطايا، جعلها ترعى في نفسه، فيقول: إنها تأكل من أبدانا، بدلًا من رعي الأرض، فما فارقت هذه المطايا جديبًا، من السقم والهزال كالأرض الجدبة. إلى ذي شيمةٍ شغفت فؤادي ... فلولاه لقلت بها النسيبا الشيمة: الخلق. وشغفت: أي ملأت فؤادي حبًا. والنسيب ذكر محاسن المرأة في الشعر. يقول: امتطيت الخطوب، حتى وصلت إلى ذي شيمة كريمة، فلولا مراقبته وجلالة قدره، لنسبت بهذه الشيمة، كما ينسب الشاعر بالمرأة المحاسن. تنازعني هواها كل نفسٍ ... وإن لم تشبه الرشأ الربيبا الرشأ: الذكر من أولاد الظباء. والربيب: المربى في البيوت. والهاء في هواها: للشيمة. يقول: ليس أحد يعشق هذه الشيمة كعشقي لها، وإن لم تشبه هذه الشيمة الغزال المربى في البيوت. أي الجواري الحسان، وإنما هي خلق وطبع، لا شخص وجسم.

1 / 167