فيؤمنني ويدعني في بلدي! فقال له اليهودي: يا مولاي، لا تفعل، فما آمنهم عليك! وجعل يحلف له بكل يمين يعتقده، أنه لو أقام عنده بقية عمره ما أَمَلَّه ذلك ولا ثقل عليه؛ فأبى إلا الخروج، فخلى بينه وبين ذلك؛ فخرج حتى أتى دار ذلك الكاتب بغَلَس١، فاستأذن عليه فأذن له، فلما دخل عليه رحب به وأدنى مجلسه، وسأله أين كان في هذه المدة؟ فقص عليه قصته مع اليهودي، ثم قال له: اشفع لي عند هذا الرجل حتى يؤمنني في نفسي ويَمُنَّ عليَّ بتركي في بلدي! فوعده بذلك، وركب من فوره ودخل على الحكم، فقال له كل ما سمع من طالوت، ووشى به إليه؛ فأحضره الحكم إليه فعنفه ووبخه، فقال له طالوت: كيف يحل لي أن أخرج عليك، وقد سمعت مالك بن أنس يقول: سلطان جائر مدة خير من فتنة ساعة؟ قال الحكم: الله تعالى! لقد سمعت هذا من مالك؟ قال طالوت: اللهم إني قد سمعته. قال: فانصرف إلى منزلك وأنت آمن. ثم سأله أين استتر؟ فقال: عند يهودي مدة عام، ثم إني قصدت هذا الوزير فغدر بي! فغضب الحكم على أبي البسَّام وعزله عن وزارته، وكتب عهدًا ألا يخدمه أبدًا؛ فرُئي أبو البسام الكاتب بعد ذلك في فاقة وذل، فقيل: استُجيبت فيه دعوة الفقيه طالوت -رحمه الله تعالى-.
_________
١- الغلس: ظلمة آخر الليل إذا اختلطت بضوء الصباح.
ولاية الحكم المُسْتَنْصر* من الوافر٢ ........................ ... ......................... _________ * يتضح من سياق الكلام أن هذه الترجمة للحكم المستنصر، وقد سقط القسم الأول منها، كما سقطت تراجم عدد من الأمراء الذين سبقوه، وهم: عبد الرحمن بن الحكم "ت ٢٣٨هـ/ ٨٥٣م"، ومحمد بن عبد الرحمن "ت ٢٧٣ هـ/ ٨٨٧م"، والمنذر بن محمد "ت ٢٧٥هـ/ ٨٨٩م"، وعبد الله بن محمد "ت ٣٠٠هـ/ ٩١٣م"، وعبد الرحمن الناصر "ت ٣٥٠ هـ/ ٩٦٢م"، ثم الحكم بن عبد الرحمن المستنصر بالله "ت ٣٦٦هـ/٩٧٧م". وهذا مطلع ترجمة الحكم المستنصر، نقلًا عن "بغية الملتمس" لابن عميرة الضبي: "ثم ولي بعده ابنه الحكم بن عبد الرحمن، ويلقب بالمستنصر بالله، وله إذ ولي سبع وأربعون سنة، يكنى أبا العاص، أمه أم ولد اسمها "مرجان". وكان حسن السيرة، جامعًا للعلوم، محبًّا لها، مكرمًا لأهلها. وجمع من الكتب في أنواعها ما لم يجمعه أحد من الملوك قبله هنالك، وذلك بإرساله عنها في الأقطار، واشترائه لها بأغلى الأثمان، ونفق ذلك عليه، فحُمل إليه. وكان قد رام قطع الخمر من الأندلس، وشاور في استئصال شجرة العنب من جميع أعماله، فقيل له: إنهم يعملونها من التين وغيره، فتوقف عن ذلك". ٢ هذه القصيدة لأبي عمر يوسف بن هارون الرمادي الكندي، وقد نظمها عندما أمر الحكم=
ولاية الحكم المُسْتَنْصر* من الوافر٢ ........................ ... ......................... _________ * يتضح من سياق الكلام أن هذه الترجمة للحكم المستنصر، وقد سقط القسم الأول منها، كما سقطت تراجم عدد من الأمراء الذين سبقوه، وهم: عبد الرحمن بن الحكم "ت ٢٣٨هـ/ ٨٥٣م"، ومحمد بن عبد الرحمن "ت ٢٧٣ هـ/ ٨٨٧م"، والمنذر بن محمد "ت ٢٧٥هـ/ ٨٨٩م"، وعبد الله بن محمد "ت ٣٠٠هـ/ ٩١٣م"، وعبد الرحمن الناصر "ت ٣٥٠ هـ/ ٩٦٢م"، ثم الحكم بن عبد الرحمن المستنصر بالله "ت ٣٦٦هـ/٩٧٧م". وهذا مطلع ترجمة الحكم المستنصر، نقلًا عن "بغية الملتمس" لابن عميرة الضبي: "ثم ولي بعده ابنه الحكم بن عبد الرحمن، ويلقب بالمستنصر بالله، وله إذ ولي سبع وأربعون سنة، يكنى أبا العاص، أمه أم ولد اسمها "مرجان". وكان حسن السيرة، جامعًا للعلوم، محبًّا لها، مكرمًا لأهلها. وجمع من الكتب في أنواعها ما لم يجمعه أحد من الملوك قبله هنالك، وذلك بإرساله عنها في الأقطار، واشترائه لها بأغلى الأثمان، ونفق ذلك عليه، فحُمل إليه. وكان قد رام قطع الخمر من الأندلس، وشاور في استئصال شجرة العنب من جميع أعماله، فقيل له: إنهم يعملونها من التين وغيره، فتوقف عن ذلك". ٢ هذه القصيدة لأبي عمر يوسف بن هارون الرمادي الكندي، وقد نظمها عندما أمر الحكم=
1 / 26