بارئها، بعد أن نفع الله به وبعلمه الأمة. وغسل وكفن وصلى عليه بكتمر المؤمن بأمر من السلطان جقمق. ودفن تجاه تربة الديلمي بتربة بني الخروبي بين مقام الشافعي، ومقام الشيخ مسلم السلمي. وشيع جنازته السلطان جقمق وحمل نعشه بنفسه، ولم يتخلف عنها واحد من الأكابر والعلماء. ولم يكن بعد جنارة ابن تيمية أحفل منها. ورثاه الكثير من هل العلم من معاصريه، ومن بعدهم، وأجمل ما قيل في رثائه قول ابن دريد:
إن المنية لم تتلف بها رجلا... بل أبلغت علما للدين منصوبا
كان الزمان به تصفو مشاربه... والآن أصبح بالتكدير مقطوبا
كلا وأيامه الغر التي جعلت... للعلم نورا وللتقوى محاريبا
أقوال علماء الجرح والتعديل:
أثنى العلماء على ابن حجر ثناء بالغا، شيوخه ومعاصروه من أقرانه وتلامذته والأئمة الكبار من بعده.
١ - قال شيخه العراقي: ولما كان الشيخ العالم، الكامل الفاضل، المحدث المفيد المجيد، الحافظ المتقن الضابط، الثقة المأمون، شهاب الدين أحمد أبو الفضل... فجمع الرواة والشيوخ، وميز بين الناسخ والمنسوخ، وجمع الموافقات والأبدال، وميز بين الثقات والضعفاء من الرجال، وأفرط بجده الحثيث حتى انخرط في سلك أهل الحديث، وحصل في الزمن اليسير على علم كثير.
٢ - قال السخاوي: ولم يخلف بعده في مجموعه مثله، ورثاه غير واحد ما مقامه أجل
منه ﵀ وإيانا -
٣ - قال تلميذه التقي المكي: وهو إمام علامة، حافظ متقن، متين الديانة، حسن الأخلاق لطيف المحاضرة، حسن التعبير، عديم النظير، لم تر العيون مثله، ولا رأي هو مثل نفسه.
٤ - قال الحافظ جلال الدين السيوطي: شيخ الإسلام، وإمام الحفاظ في زمانه، وحافظ الديار المصرية، بل حافظ الدنيا منطلقا. وقال مرة: فريد زمانه، وحامل لواء السنة في أوانه، ذهبي هذا العصر ونضاره، وجوهره الذي ثبت به على كثير من الأعصار فخاره،
1 / 29