وقد شاركت المرأة المسلمة في صدر الإسلام بالحدث السياسي، فهذه زينب بنت رسول الله، أسلمت قبل زوجها، وفرق الإسلام بينها وبينه، وعندما حصلت معركة بدر كان أبو العاص بن الربيع في صف قريش ضد المسلمين، فوقع في الأسر، ولما علمت زينب بذلك بعثت بقلادة لها لتفتدي بها زوجها، فلما رأى رسول الله ﷺ القلادة عرف أنها لزينب، فرق لها وقال: "إن أردتم أن تطلقوا لها أسيرها. فأطلقوه، وبعث رسول الله ﷺ من يأتيه بزينب من مكة، وحاول أهل زوجها منعها من ذلك، ولكنها استطاعت أخيرا أن تلحق بأبيها مع زيد بن حارثة، وبقي زوجها العاص بن الربيع بمكة حتى خرج مرة تاجرا إلى بلاد الشام، فلقيته سرية للرسول ﷺ، فأصابوا ما معه، وقفل هاربا حتى دخل على زينب تحت جنح الليل، فاستجار بها، فأجارته، وجاء في طلب ماله، فلما خرج رسول الله ﷺ إلى صلاة الصبح، فكبر وكبر الناس صرخت زينب من صفة النساء، وأخذت تقول: أيها الناس إني قد أجرت أبا العاص بن الربيع. قال: فلما سلم رسول الله ﷺ من الصلاة، أقبل على الناس فقال: أيها الناس؛ هل سمعتم ما سمعت؟ قالوا: نعم. قال: أما والذي نفس محمد بيده ما علمت بشيء من ذلك حتى سمعت ما سمعتم أنه يجير على المسلمين أدناهم. ثم انصرف رسول الله، فدخل على ابنته، فقال: أي بنية أكرمي مثواه، ولا يخلصن إليك، فإنك لا تحلين له. وخرج إلى المسلمين، فقال لهم: إن أردتم أن تردوا عليه ماله أو أن تأخذوه، فهو فيء الله، وأنتم أحق به. فقالوا: يا رسول الله، بل نرده عليه، فردوه عليه، ثم قفل راجعا إلى مكة، وأدى إلى كل ذي مال حقه، ثم قال: يا معشر قريش هل بقي لأحد عندي مال لم يأخذه؟ قالوا: لا! فجزاك الله خيرا، فقد وجدناك وفيا كريما قال: أما أنا، فأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، والله ما منعني من الإسلام عنده إلا تخوف أن تظنوا أني إنما أردت أكل أموالكم، فلما أداها الله إليكم، وفرغت منها أسلمت، ثم خرج حتى قدم على رسول الله يطلب زوجته فردها رسول الله ﷺ إليه"
وقد أجارت أم هانئ بنت أبي طالب عام الفتح رجلا، وقد أراد أخوها علي بن أبي طالب أن يقتله، فجاءت إلى الرسول ﷺ، فقالت: زعم ابن أبي وأمي علي
1 / 19