EDITOR|
معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة PageV0MP001
معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة للامام الأكبر زعيم الحوزات العلمية السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي قدس سره الشريف الكتاب الأول PageV0MP003
الطبعة الخامسة طبعة منقحة ومزيدة السنة 1413 ه - 1992 م PageV0MP004
مقدمة الطبعة الأولى PageV0MP005
على أعتاب الكتاب بسم الله الرحمن الرحيم لقد أولاني الامام المؤلف أعباء النهوض بهذه الموسوعة العلمية الجبارة، فكان لي شرف الامتثال، والبدء بالاشراف على اخراجها.
ومن الطبيعي أن اعرض - بين يدي عملي هذا - عدة نقاط يهمني عرضها وتبسيطها، وهي من مستلزمات اخراج الجزء الأول منها. على أن استغناءها عن أية إشادة أو اطراء من أجلى ما يدركه الباحث عند وقوفه على محتوى الكتاب ومستواه. ويكفي به وزنا ومكانة أن تدفق به جهد الامام المؤلف، وفاضت به عبقريته وخبرته، ومراسه العلمي الطويل.
ولست مغاليا إذا قلت: أن عديدا من العلوم التي برع فيها الامام المؤلف قد ترك فيها أثرا بارزا من الابداع والتطوير، وترك - إلى جانب ذلك - عديدا من الرجال الذين يتدارسونها، ويحملون رسالتها العلمية عبر الأجيال.
وعلم الرجال.. أحد العلوم الاسلامية التي حررها، ومحص أصولها وبعثها - في الحوزة العلمية - بعثا جديدا ظهر عمقها وأصالتها، ولذلك أمكن الاخذ به أساسا علميا سليما لمختلف الاحكام الفقهية التي تعتمده، تستند إليه.
ولم تقتصر هذه المحاولة الرجالية البناءة على جانب زمني معين، ولا على مرحلة من أدوار نشوء هذا العلم أو تكامله، - مع أنه مني في فترات طوال بشئ كثير من الضياع والجمود - بل امتدت أبعادها وآثارها إلى المباني والقواعد العامة التي أسسها الرواد الأوائل لهذا العلم، بقطع النظر عن مستوياتهم وأقدارهم العلمية، وقيمة آرائهم ونظرياتهم، واجتهادهم في قوة أو ضعف هذه القواعد والمباني أو حجيتها. اللهم إلا ما ثبت اعتباره وقامت الحجة على أخذه أساسا يعول عليه. PageV0MP007
ولم تحدث هذه الموسوعة الرجالية الجبارة هزة فكرية في أروقة العلم فحسب، بل جلت عن صفحات هذا الفن ما ران عليها من صدأ كثيف ظل يتآكله عبر السنين، فبدأ - من جديد - يلوح طريقه إلى النمو والازدهار.
ولم يكن الباعث على إعداد هذه الموسوعة الرجالية إلا الفراغ الذي أدركه الامام المؤلف في المناهج والحقول التي تتدارسها الحوزة العلمية، وما استحوذ - أيضا - على هذا الفن من جمود وضياع. على أنه إحدى مقومات الاجتهاد ومعداته الرئيسة.
وقد مضى الدارسون للشريعة الاسلامية - في الأعم الأغلب - يقتصرون على مذاهبهم وآرائهم الرجالية التي يأخذون بها في حدود حاجتهم إلى استنباط حكم شرعي، أو دراسة فقهية، من دون ان يمارسوا هذا العلم في خط يمتد مع الفقه وأصول الفقه في كل ما مرا به من مراحل التطور والتكييف والملاءمة. وكان مرد ذلك إلى صعوبة الإحاطة بخطوط هذا الفن وخيوطه، واستيعاب جزئياته وفروعه، ثم اتباع الرأي والاجتهاد فيها ثم الجهد في جمعها وتدوينها بشكل متماسك ورصين.
ولم يقتصر جهد الامام المؤلف على تهذيب هذا العلم وتشذيبه فحسب. بل استطاع ان يفجر ينابيع العلم، ويبني صروحها وقواعدها على الاجتهاد الحر، والرأي الراجح، والتمحيص الدقيق.
فقد هذب علم الأصول، وحرر قواعده في سلسلة من التقريرات التي دونها تلامذته المجتهدون.
كما عالج - بهذا الطابع الأصيل - مختلف الموضوعات الفقهية التي لا تزال تتدفق في سلسلة بحوث وتقريرات متصلة الحلقات إلى آخر أبواب الفقه وأحكامه.
وعلى هذا النهج المتحرر وضع في تفسير القرآن مدخلا نموذجيا اخذ فيه - على خلاف المفسرين - بمبدأ تفسير القرآن بالقرآن، واستكناه معارفه، واستجلاء معانيه، والاهتداء إلى كنوزه واسراره العلمية التي انطلقت فيها حضارة الانسان ورقيه، وهو مبدأ تجلى فيه استغناء القرآن عن كل نوع من أنواع المعرفة PageV0MP008
الانسانية، وحاجتها هي إلى جميع طاقات القرآن وقدراته وآفاقه.
وحين رأى الامام المؤلف ضرورة الاهتمام بعلم الرجال، وما يمكن تطعيمه من عناصر واتجاهات حديثة تعالج جموده وانكماشه: فقد افرغ وسعا - طيلة خمس سنوات - للبحث عن جذور هذا الفن وأصوله بالمستوى الذي ينهض به، فاستطاع ان يقدم عشرين مجلدا ونيف، ومدخلا يتضمن تقريرا للقواعد الرجالية التي طورها وتبناها، وناقشها، تمهيدا للخوض في التعريف بالرجال، وتقرير مصيرهم، ودراسة أحوالهم.
علم الرجال إن حاجتنا إلى معرفة حال الرواة: جرحهم وتعديلهم هو الذي يجسد لنا الحاجة إلى علم الرجال، والوقوف على تفاصيله واحكامه، وهو علم يتوقف عليه الاجتهاد واستنباط الأحكام الشرعية من مصادرها وأصولها.
ويبدو ان هناك جذورا مشتركة بين علم الرجال، وعلم السير (تراجم الاعلام والمشاهير) كما يبدو ان هذه الجذور المشتركة تؤلف علاقة أخرى بينها وبين علم الأنساب، وان هذه الجذور بالذات تربط هذه الحقول الثلاثة بعضها مع بعض، وهي تمتد إلى أصل التاريخ بمعناه العام.
بين الرجال والسير إن ما يعنى به الرجال هو البحث عن حال الرجل من حيث صلاحه أو فساده، لامكان الاعتماد عليه، أو رفضه، وامكان الاخذ بروايته أو ضربها، عن ما يوجد في سند الحديث. فما يتصل بمعرفته من هذه الوجوه يكون دخيلا في ترجمته. وعلى هذا الأساس فقد يتعرض لخصوصية ميلاده أو وفاته، عند ما يوجد التباس أو اختلاط، أو بالأصح لئلا يوجد في الرواة مثل هذا الالتباس.
وأما علم السير: فيتضمن ترجمة الأشخاص الاعلام من حيث خصائصهم النفسية وشمائلهم، وما يتحلون به من فضائل، وما لهم من رذائل، كما يبحث عن PageV0MP009
مولد الشخص ووفاته، وسائر شؤونه الخاصة، وما يقع له من جسيم الأعمال.
والمقصود به: استيعاب مختلف اتجاهاته وميوله، ومراحل حياته لاكتمال صورة واضحة المعالم والخطوط لجوانب شخصيته.
وبتعبير آخر: إن الفارق الكبير بين طريقة الرجالي، ومؤرخ السير هو: ان الثاني يبحث عن حياة شخص باعتباره عالما، أو أديبا، أو شاعرا، أو كاتبا، أو مؤلفا: للإشادة بأفكاره وآثاره العلمية والأدبية، وضبطها بشكل مختصر أو مفصل.
وأما الرجالي: فيتقيد للراوي بذكر كتابه، وروايته من كل ما يتصف به من ثقافة أو علم، كما أنه يتقيد بالبحث عن الرجل من جهة تحليه بالصدق والأمانة، أو اتصافه بالكذب والخيانة، الامر الذي يقصد به تحري الصحة والاعتبار، وتفادي الوضع والاختلاق في الحديث، لما يترتب عليه من أثر شرعي، هو التوصل إلى معرفة حكم من احكام الله، وهي الغاية القصوى من الخوض في هذا العلم.
وبتعبير أخصر: ان الرجالي يتحرى أحوال الرواة، ومعرفة كونهم عدولا أو ثقات، أو ضعافا، أو مهملين، أو مجهولين. بينما يبحث مؤرخ السير عن أحوال الأشخاص باعتبار كونهم أعلاما ذوي شهرة وآثار في التاريخ.
علم الرجال والأنساب كثيرا ما تستند كتب الرجال في التمييز بين الأشخاص المختلطة وغير المختلطة إلى أنسابهم، وكثيرا ما يذكر وجه هذا النسب أيضا، كأن يكون نسبا صريحا، أو نسبا مشتهرا لحق بالرجل بسبب اختلاط بقبيلة، أو بسبب سكنى أو مجاورة، أو نسبة، أو لكونه من مواليهم، وعلى الرغم من اعتماد الرجل على شئ من معرفة الأنساب، الا ان علم الرجال لا يتوقف - عدا ذلك - على علم النسب، وتفاصيله وموضوعاته.
مهمة التاريخ وعلم الرجال والتاريخ - بصفة عامة - مقياس زمني دقيق لمختلف الوقائع والاحداث PageV0MP010
يتناول أحوال الطوائف والأشخاص والأنساب، ويقف على الحوادث الجديرة بالاعتبار، كما يقف على سير العلوم والفنون في مختلف مراحلها وأطوارها.
والتاريخ - بهذا المفهوم العام - يشتمل - فيما يشتمل - على الحقول والاختصاصات الثلاثة: (السير، الأنساب، الرجال) باعتباره يؤرخ الأشخاص، ويبحث عن أحوالها، وباعتباره يورخ الأنساب، ويعالج موضوعاتها، وباعتباره يؤرخ أشخاصا يقف على أحوالها وسلوكها، من قبيل صدقهم وأمانتهم، أو كذبهم وخيانتهم، وما إلى ذلك مما يستند إليه علم الرجال للوصول إلى غاياته وأغراضه.
منهج المؤلف ومنهجية التأليف موضوعة على أساس خطة علمية، تتركز على ناحيتين هامتين:
1 - المبادئ الاجتهادية التي قلبت المفاهيم الرجالية، القواعد التاريخية الموروثة في علم الرجال، وهي مقاييس عامة للتوثيق والتعديل، أو التجريح والاسقاط.
فقد ينسف الامام المؤلف قاعدة من قواعد هذا العلم لضعف في حجيتها، أو وجود حجة على خلافها. وقد يضرب تلك القاعدة عرض الحائط لضعف في تفسيرها، أو دلالتها، أو لكونها لازما أعم، كما هو الامر في قاعدة الوكالة، التي كان القدامى يوثقون من يجدونه موصوفا بها، فيختلف معهم في تفسيرها وتقديرها، وينتهي - على العكس منهم - إلى أن الوكالة من الإمام (ع) أمر لا يوجب التوثيق - وان أوجب الاعتماد فيما يوكل إليه - وان مالها من مداليل قد لا يشعر جميعها بأمانة الحديث باي حال من الأحوال.
2 - المزايا العلمية التي طعم بها الكتاب، مما فات المؤلفين السابقين ، من قبيل التركيز على المصدر الام، ومن قبيل استقصاء جميع روايات الراوي ومن حدث عنه، ومن قبيل التعرض للرواة من كتب الرجال والحديث معا، ومن قبيل عدم الاكتفاء بتوثيقات المتأخرين للرواة ان كان للقدماء فيهم رأي، ومن قبيل PageV0MP011
التدقيق على وجه علمي عن سبل وثاقتهم وحسنهم.
فقد يضعف من الرجال من مضى على توثيقه عدة قرون، أو يوثق من مشى تضعيفه في أكثر الكتب الرجالية وأخطرها، ثم قد يجد اتحادا بين كثير من الرجال الذين تعددت أسماؤهم وعناوينهم، أو يجد في كثير ممن رأوا اتحادهم تعددا واضحا أغفله القدامى والمحدثون.
وفي الواقع: ان الميزة العلمية التي برز بها هذا المشروع الجبار هي التجربة العلمية التي حاول بها المؤلف تطوير فكرة القواعد الرجالية التي تتبدل - على أساسها - مصائر رجال الحديث، وتتغير أقدارهم، وتتبلور شخصياتهم، وما يتفرع على ذلك من تبدل في الاحكام الفقهية المأخوذة من النصوص المأثورة عنهم.
وهكذا... غربل قواعد هذا العلم واحدة واحده، ووضع رجال الحديث في الميزان واحدا بعد واحد. فاما من خفت موازينه منهم فلم يملا فراغا، ولم يترك ظلا، واما من ثقلت موازينه، وتوفرت فيه شروط العدالة والتوثيق: تماسكت به عرى الحديث، وسلمت حلقاته من المؤاخذات الرجالية، وتم الاخذ به في طريق الاستنباط والتوصل إلى حكم من احكام الله.
وعلى هذا الأساس ترتكز السلسلة الرجالية المطولة التي يتألف منها هذا السفر الرجالي المستوعب.
وقد بسط الامام المؤلف - في المدخل - جميع مزايا الكتاب، وجلا فيه ما أمكن تطعيمه من آراء ونظريات، وخصائص علمية وفنية ترجع إلى تطوير هذا العلم وتيسيره، ودعم فاعليته وعطاه.
ماذا في المدخل؟
بحث الامام المؤلف عدة موضوعات رجالية أوضح فيها آراءه واحكامه ومبانية التي اخذ بها في كتابه هذا. وقد فصلها في مقدمات ست، تتلخص فكرتها في هذا الاستعراض الموجز:
في المقدمة الأولى: عالج الامام المؤلف الحاجة إلى علم الرجال، واستعرض PageV0MP012
سلسلة من المقدمات تدرج فيها إلى ضرورة الرجوع إلى هذا العلم، والاخذ به في طريق الاستنباط، كما تدرج فيها إلى زيف الآراء القائمة على انكار الحاجة إليه والاخذ بأحكامه.
وفند - في هذه المقدمة أيضا - المذهب القائل: ان الكتب الأربعة قطعية الصدور. وناقش - بعمق - آراء الأخباريين التي تدعى القطع بصدور جميع هذه الروايات من المعصومين (ع) وأوضح زيفها وفسادها بأدلة قاطعة، وشواهد صريحة لقادتهم، تناقض ما فسروه من أقوالهم، وبذلك دعم حقائق كثيرة أهمها ضرورة تمحيص الأحاديث، وتصنيفها، والاخذ بما يترتب على ذلك من الرجوع إلى علم الرجال وأحكامه.
وفي المقدمة الثانية: جلا عديدا من المعايير العلمية التي تثبت به الوثاقة أو الحسن، وحددها بدقة لا تقبل الخطأ والشذوذ، وبذلك محص قواعد التوثيق التي يعتمدها المجتهدون في عملياتهم ومحاولاتهم لاستنباط الأحكام الشرعية على وجه سليم.
وفي المقدمة الثالثة: تناول موضوع التوثيق الضمني، وساوى بين ان تكون الشهادة بوثاقة شخص بالدلالة المطابقية، أو بالدلالة التضمنية، وبهذا التوثيق الجماعي رأى وثاقة من وقع في أسناد كامل الزيارات وغيرهم ممن تنطبق عليهم هذه القاعدة الرجالية. حتى ولو كان مجروحا في مذهبه.
وناقش من جهة أخرى بعض صغريات هذا المبدأ، وزيف بعض تطبيقات العلماء التي أدت نتائجها إلى عدم توثيق أفراد أو جماعات.
وفي المقدمة الرابعة: ناقش سائر التوثيقات العامة التي اعتبرها البعض موجبا للتوثيق، ووقف على مناشيها، ومن بدأ بالقول بها، كما استعرض نصوصها وشواهدها، ونفى ان يكون منطوقها على وجه يفهمه المتمسك بها، وناقش هذه التوثيقات نقاشا موضوعيا انتهى إلى عدم اعتبارها وحجيتها، وأوصد الطريق على من يحاول التمسك بأمثال هذه الأمور التي لا تقوى على التوثيق. وبهذا أضاف عنصرا جديدا من التقييد والحصار على ما يوجب التوثيق أو الحسن.
وفي المقدمة الخامسة: صوب الامام المؤلف نظرته إلى صحة جميع روايات PageV0MP013
الكافي، وناقش النصوص والشواهد التي استدل بها المدعي على ذلك، واستدل بها على ما يناقضه، وما يتضح به الحق في المسألة. وهو ابطال ما قيل من صحة جميع روايات الكافي.
وبنفس الأسلوب ناقش الادعاء القائل بصحة جميع روايات من لا يحضره الفقيه، كما أبطل القول - كذلك - بصحة روايات التهذيبين. وبدد - بقوة - آراء القائلين بها وأدلتهم. وانتهى إلى القول بلا بدية النظر في سند كل رواية يجد ذاتها، فان توفرت فيها شروط الحجية اخذ بها، والا اخذ برفضها.
وفي المقدمة السادسة: استعرض الأصول الرجالية الخمسة المعتمدة وأبدى شكه في نسبة بعض الكتب إلى أصحابها، مثل الرجال المنسوب إلى ابن الغضائري، وغربل بعض ما أثير حوله من شبهات وأقوال دلت على عدم حجيته ونفي نسبته، وانتهى إلى القول يوضعه واختلاقه ولذلك لم يعتمد الامام المؤلف - في رجاله وفقهه - على هذا الكتاب، ولم ينقل عنه. وقد عرى هذا الكتاب، المنتحل للباحثين مما لم يدع شكا فيما ذهب إليه.
تخطيط الكتاب وأما من حيث تخطيطه وشكليته. فقد روعي في وضعه التنظيم الحديث الذي ينسجم وطبيعة الباحث المعاصر، وطراز ذوقه وتفكيره.
فقد استعرض المادة العلمية - بأبعادها وشمولها - مذيلة بالأصول والمصادر التي تعين الباحث على معرفة ما في الكتاب من نصوص وآراء ومناقشات.
كما وقد درج على ذكر الترجمة الرجالية الوافية في الحقل الرئيس من الأسماء، وتابع - بعد ذلك - كل ما وردت له من روايات في الكتب الأربعة وعناوين متفرقة في الأصول الرجالية الخمسة، ولذلك لا توجد في هذا المعجم ترجمة موزعة بين عنوانين أو أكثر، كما توجد روايات كثيرة متناثرة تحت هذه العناوين المتفرقة التي تعرضت لها كتب الحديث.
كما عالج - بدقة - الأسماء المتحدة: (وهي الأسماء المختلفة العناوين المتحدة الأشخاص) التي نشأ تعددها بسبب تعدد أسمائهم وأوصافهم واختلاف PageV0MP014
كتب الحديث والرجال في عناوينهم، حيث اتبع في هذه الموسوعة طريقة تمييزية لمعرفة ما إذا كان منشأه الحديث أو الرجال، فإذا كان الاسم عنوانا لترجمة رجالية - في هذا المعجم - فهو ممن عنونه الرجاليون. وأما إذا كان عنوانا لرواية أو أكثر فهو ممن ضبطته كتب الحديث، ونقلته معاجمها.
وهناك ما يسمى ب " المشتركات - وهو كل عنوان يقع في أسناد كثيرة من الروايات " عالجها بان: " تعرض في ترجمة كل شخص بذكر جميع رواياته ومن روى عنهم، ولذلك يحصل التميز الكامل بين المشتركات غالبا ".
وكذلك اتبع طريقة ثبت الرواة في حقل " طبقته في الحديث " ما لم تخرج كثرته عن خطة الكتاب، وأما إذا زادت هذه الطبقات فتثبت في هذا الحقل من دون مصدر، وتثبت - مذيلة بالمصادر - في " تفصيل طبقات الرواة) الملحق بالمعجم.
ولذلك عقد معجما تفصيليا لطبقات الرواة ومصادرها، أفرد له حقلا مستقلا لئلا يكون حاجزا كبيرا بين تسلسل الرجال وما يحاول المتتبع ملاحقته واستيعابه.
كما تابع - في هذا المعجم - موضوع: " اختلاف الكتب - وهو اختلاف الكتب الأربعة في أسانيد الروايات) حيث أخذ يعقبه بما هو المحرف وما فيه السقط، وبما هو الصحيح، أو الأقرب إلى الصحة.
وعني كذلك باختلاف النسخ، سواء ما يرجع منها إلى النصوص المختلفة التي يستشهد بها في تقرير الرجال، أو ما يرجع منها إلى الأسماء التي تظهر كثيرا في العناوين المبحوث عنها، فان ذلك مما تأرجحت به كتب الرجال وترددت فيه معاجمها.
ويمكن ان تجدد هذه الاختلافات في هذه الموارد:
1 - اختلاف الكتب: ويعني ذلك اختلاف الكتب الأربعة فيما بينها بخصوص الأسانيد.
2 - اختلاف النسخ: ويرجع ذلك إلى اختلاف النقل من الكتب الأربعة، كما إذا نقل صاحب الوسائل نقلا اختلف نصه - بكثير أو قليل - عما نقله الوافي PageV0MP015
من أحد هذه الكتب.
3 - اختلاف الأسماء: وهو اختلاف الرجاليين في ضبط الرجل باسم أو بآخر، أو بوصف أو آخر اشتهر به.
ولكل من هذه الموارد حساب خاص، عالجه الكتاب بدقة وتحقيق، وهذه الميزات العديدة هي التي كونت الطابع الأول لهذا الكتاب، ودفعت بصورة ملحة إلى وضعه واعداده وفق هذا التخطيط.
الاخراج ولعل المزية الفذة التي حاول مخرج الكتاب ان تمتاز بها جميع أجزائه هو التماس أفضل السبل إلى تنسيقه وهندسته بما يبهر القارئ ويعينه، ويزيد من اقباله على فهمه وهضمه بيسر وسهولة.
وأهم ما روعي في اخراجه هو تنظيم كشف داخلي، وارجاعات تشير إلى عديد من الرجال يعتبرهم الامام المؤلف مجرد عناوين ليس وراؤها إلا مسمى واحد.
وقد وضعت طريقة خاصة لهذه الارجاعات الكاشفة عن اتحادها ترشد الدارس إلى تجميع مصادر الترجمة والرواية، والإحاطة بها.
وهي - في واقعها - مصادر رجالية مكتملة الجوانب لواحد من الرواة تناثرت بين كتب الحديث والرجال.
ثم إن هذه الارجاعات الكاشفة التي من شأنها أن تطوف بالباحث على مختلف الأسماء المترابطة، وجميع العناوين المختلفة التي يمكن أن يعرف بها أحد الرواة: مما يعين الباحث على معرفة أية رواية أو ترجمة ترجع إلى هذا الراوي في مختلف عناوينه الرجالية، ومصادره الروائية من دون جهل به، أو لبس بغيره.
على أن الامام المؤلف لا يكاد يفرغ من تفاصيل ترجمة أحد الرجال إلا ويلاحظ عليه اتحاده مع غيره، ان كان هناك اتحاد، أو تغايره معه ان كان ثمة تغاير.
ويمكن أن يلاحظ في هذا الكشف أمور: PageV0MP016
1 - ليس المقصود بعلامة التساوي: تطابق الأسماء واتحادها بل إشارة إلى مجرد ترابط واقع بينها.
2 - إن هذه الارجاعات: لا تكشف - بما لها من رمز - عن نوعية أي ترابط واتحاد ما لم يكشف عنها الامام المؤلف، وما لم يجتهد في تحديدها بمقياس الحجة التي يتذرع بها في تقرير هذا الاتحاد واثباته، فمرة ينتهي إلى الحكم بالاتحاد على أساس الاستظهار، وأخرى على أساس الرجحان والقوة، وثالثة على أساس الاتحاد الناجز الذي لا يقبل الشك والجدل. وقد يتوقف أيضا عن الحكم بالاتحاد.
3 - وتستقطب هذه الارجاعات اسما رئيسا ترجع إليه الأسماء العديدة الأخرى التي تتحد معها، وذلك تبعا للاسم الذي استقطبه الكتاب، وارجع إليه، كما يلاحظ ذلك - مثلا - في إبراهيم بن إسحاق. وإبراهيم بن عثمان الخزاز. أضف إلى ذلك: ان كل اسم فرعي منها يرجع في هذا التقسيم إلى اسم متقدم، واسم متأخر، وبذلك يقف المتتبع على جميع الأسماء المترابطة، ويدور عليها، ويتدرج في الإحاطة بجميعها.
4 - إذا كان اسمان - أو أكثر - موضوعي ترابط. واتحاد فلا يشير الاسم المترجم إلى الاسم المجرد عن الترجمة أو الرواية، ولا يرجع إليه، كما هو الامر - مثلا - في إبراهيم بن يحيى الثوري، وإبراهيم بن يحيى الدوري، إذ لم يعنون الكتاب أمثال هذه الأسماء المجردة عن الترجمة أو الرواية إلا اتباعا لكتب الرجال، وقياسا عليها. PageV0MP017
التدقيق والتنسيق وقد أنيط أمر هذا السفر الجليل - بعد اعداده - إلى جملة من الأفاضل لتعمل على:
أ - تنظيم المتفرقات من الرواة.
ب - التأكد من سلامة النقل وملاحظة الأرقام.
ج - تنظيم الارجاعات الكاشفة في الأسماء المترابطة.
د - ملاحظة التنسيق والاخراج.
ه - الاستنساخ.
و - مقابلة الاستنساخ.
ز - الاشراف على التصحيح.
لجنة الضبط والتصحيح:
1 - الشيخ محمد المظفري: لتنظيم المتفرقات من الرواة 2 - الشيخ حيدر علي هاشميان: لتنظيم المتفرقات من الرواة 3 - الشيخ يحيى الأراكي: للتأكد من سلامة النقل وملاحظة الأرقام 4 - السيد مرتضى النخجواني: للاستنساخ 5 - السيد عبد العزيز الطباطبائي: للتصحيح 6 - السيد جواد الكلبايكاني: للاشراف على التصحيح 7 - الشيخ محمد كاظم الخوانساري: لتدقيق التصحيح 8 - الشيخ فخر الدين الزنجاني: لمقابلة الاستنساخ 9 - الشيخ محمد التبريزي: لمقابلة الاستنساخ 10 - الشيخ غلام رضا الرحماني: لمقابلة الاستنساخ 11 - السيد مرتضى الحكمي: للاخراج والارجاعات الرجالية الكاشفة PageV0MP018
نموذج الكتاب الخطي:
ومما ينبغي ان أكلل به اخراج الكتاب - لاعتبارات لا تخفى - هو ان أثبت هنا نموذجا من خط الامام المؤلف، دون به معظم موسوعته هذه:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه وأفضل بريته محمد وعترته الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين وبعد يقول العبد المفتقر إلى رحمة ربه أبو القاسم بن العلامة الجليل الحجة السيد على أكبر الموسوي الخوئي قدس الله أسراره وحشره مع أجداده الكرام حجج الله على خلقه و امناء الله على وحيه وسره ان علم الرجال كان من العلوم التي اهتم بشأنه علماؤنا الأقدمون وفقهاؤنا السابقون ولكن قد أهمل امره في الاعصار المتأخرة حتى كأنه لا يتوقف عليه الاجتهاد واستنباط الأحكام الشرعية لأجل ذلك عزمت على تأليف كتاب جامع كاف بمزايا هذا العلم وطلبت من الله سبحانه ان يوفقني لذلك فاستجاب بفضله دعوتي ووفقني وله الحمد والشكر لاتمامه كما أردت على ما انا عليه من كبر السن وضعف الحال وكثرة الاشتغال ولولا توفيق المولى وتأييده جل شأنه لم يتيسر لي ذلك ولابد لي قبل الشروع في المقصود من ذكر مزايا الكتاب وتقديم مقدمات: PageV0MP019
وقد وقع الفراغ من هذا السفر الجليل ليلة التاسع عشر (19) من رمضان المبارك سنة (1390) في بحبوحة من المسؤوليات الدينية وشؤون المرجعية العليا.
غير أن الامام المؤلف لم يستبدل - في حال من الأحوال - بجهده العلمي المتواصل، ودفعه للحركة العلمية مهمة أخرى مهما تعاظمت. بل إن الدأب على العلم والبحث عن الحقيقة من أهم ما ظل يمارسه ويتفرغ له، الامر الذي خلد له آثارا عظيمة برزت في كثير من حقول العلم والمعرفة.
ومما يجدر التنويه عنه هو: ان الكتاب يقع في عشرين مجلدا أو يزيد ويبدأ الجزء الأول منه ب (أبان) وينتهي ب (أحكم) كما يبدأ القسم الأول من تفصيل طبقات الرواة الملحق بالمعجم ب (أبان) وينتهي ب (إبراهيم الكرخي).
ومن الانصاف أن نذكر بالتقدير:
أ - جهد الأفاضل الذين أعانوا على تيسير هذه الموسوعة الرجالية الجليلة في أيدي القراء والباحثين.
ب - اهتمام مطبعة الآداب بضبط الكتاب، وحرصها على اخراجه بهذا المظهر الأنيق الرائع.
ومن الله نستمد العون، ونستلهم التوفيق، لاكمال هذا المشروع العلمي الجبار، ليبقى نموذجا حيا في هذا الحقل من المعرفة، تسترشد به الأجيال الواعية التي يهمها الاحتفاظ بتراثها الاسلامي الحي. والله من وراء القصد.
النجف الأشرف مرتضى الحكمي PageV0MP020
مقدمة الطبعة الخامسة حول مستحدثات الكتاب ومستجداته PageV0MP021
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين.
وبعد... فمما ينبغي التنويه عنه هو ما طرأ على هذا المعجم من تطوير وتغيير، وتنقيح وتكامل، تميزت به هذه الطبعة عن سابقاتها من حيث الشكل والمضمون في أمور:
أ - من حيث المضمون:
1 - جرت تعديلات أساسية على الكتاب في بعض المباني الرجالية والأصول العامة المتخذة في مقدمة المعجم أدت إلى تغييرات جذرية على مواقع بعض رجال الحديث واعتباراتهم من حيث التوثيق والتضعيف، وعلى بعض طرق الرواية من حيث الصحة والضعف شملت جميع أجزاء الكتاب، استنادا إلى رجوع الامام المؤلف عن توثيق رواة كتاب (كامل الزيارات لابن قولويه " قده ")، وقد استدرك الامام المؤلف ذلك بقوله: (فلا مناص من العدول عما بينا عليه سابقا، والالتزام باختصاص التوثيق بمشايخه بلا واسطة).
2 - إضافة رجال لم يترجم لهم سابقا واجراء زيادات وتعديلات في أبواب اختلاف الكتب واختلاف النسخ وطبقات الرواة مما أدى إلى تغيير في تسلسل الرجال وتعدادهم.
كل هذه التغييرات والتعديلات جرت في إطار لجنة علمية ضمت كبار العلماء بتصدي العلامة الشيخ مسلم داوري، حيث كانت تعرض على السيد الإمام ما التبس عليها من نصوص واردة في المعجم تختلف اختلافا يسيرا عما في بعض نسخ المصادر فيؤكد لهم الامام المؤلف سلامة ما في المعجم من نصوص PageV0MP023
أخذها عن نسخ حققها بنفسه رغم تشتت البال، وضعف الحال وشدة النوائب وكثرة الكوارث والمفاجآت وثقل المسؤوليات الملقاة على عاتق إمامته للمسلمين وزعامته للحوزة العلمية.
ب - من حيث الشكل:
طرأت عليه تغييرات فنية من حيث الشكل والاخراج، شملت:
1 - تصحيح الأخطاء المطبعية لا سيما في أسماء الرجال.
2 - التأكد من النصوص المنقولة، ووضعها بين قوسين، دفعا لاختلاطها.
3 - مقابلة أكثر النصوص المنقولة على عدة نسخ من المصادر الموثوق بها، وتثبيت موارد الاختلاف.
3 - تصحيحات في أرقام الروايات في متن الكتاب والطبقات.
4 - تنظيم أجزاء الكتاب في 24 جزء بدلا من 23 جزء للإضافات الكثيرة التي لحقت الاجزاء الأربعة الأولى، وتخصيص جزء مستقل بالفهرست العام للكتاب.
6 - إضافة فهرست خاص لكل جزء منفرد من الرجال والارجاعات الكاشفة إلى جانب فهرست تفصيلي عام لكل الاجزاء كدليل عام للمعجم. وقد أثبت أمام كل إرجاع رقم الجزء والصفحة على هذا النمط (2 / 214) تسهيلا لمراجعة الأسماء المتشابهة.
ولا يفوتنا أن نزجي بالشكر الجزيل إلى الفاضل الأديب محمد سعيد الطريحي صاحب الفكرة في إعداد أول فهرست عام لهذه الموسوعة الرجالية الجليلة لطبعته السابقة كما لا يسعنا إلا أن نقدر جهود الأستاذ إحسان الأمين المتواصلة في تقديم هذه الطبعة الأنيقة.
وأسأله تعالى أن يوفقنا - جميعا - لما يحب ويرضى إنه ولي التوفيق والسداد.
عبد الصاحب الخوئي PageV0MP024
معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة للامام الأكبر زعيم الحوزات العلمية السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي قدس سره الشريف الكتاب الأول
Shafi 1
معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة دورة في 24 كتابا تأليف الامام الأكبر السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي (قدس سره الشريف) صفت الحروف في دار الحسن (ع) وطبع في مطابع مركز نشر الثقافة الاسلامية وتم التجليد في مؤسسة مهر آئين
Shafi 2
بسم الله الرحمن الرحيم من المؤمنين رجال صدقوا ما عهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا (23) ليجزى الله الصدقين بصدقهم ويعذب المنفقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفورا رحيما (24) (سورة الأحزاب)
Shafi 3
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد واله الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين من الان إلى قيام يوم الدين
Shafi 5
المدخل * الحاجة إلى علم الرجال.
* بماذا تثبت الوثاقة أو الحسن.
* التوثيقات العامة.
* مناقشة سائر التوثيقات العامة.
* نظرة في روايات الكتب الأربعة.
* الأصول الرجالية
Shafi 7
خطبة الكتاب ومزاياه
Shafi 9
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه وأفضل بريته محمد وعترته الطاهرين، واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.
وبعد: يقول العبد المفتقر إلى رحمة ربه أبو القاسم ابن العلامة الجليل الحجة السيد علي أكبر الموسوي الخوئي، قدس الله أسراره، وحشره مع أجداده الكرام، حجج الله على خلقه، وأمناء الله على وحيه وسره:
إن علم الرجال كان من العلوم التي اهتم بشأنه علماؤنا الأقدمون، وفقهاؤنا السابقون، ولكن قد أهمل أمره في الاعصار المتأخرة، حتى كأنه لا يتوقف عليه الاجتهاد، واستنباط الأحكام الشرعية.
لأجل ذلك عزمت على تأليف كتاب جامع كاف بمزايا هذا العلم، وطلبت من الله سبحانه أن يوفقني لذلك، فاستجاب بفضله دعوتي ووفقني، وله الحمد والشكر لاتمامه كما أردت - على ما أنا عليه من كبر السن، وضعف الحال، وكثرة الاشغال - ولولا توفيق المولى وتأييده جل شأنه لم يتيسر لي ذلك.
ولا بد لي قبل الشروع في المقصود من ذكر مزايا الكتاب وتقديم مقدمات:
Shafi 11
مزايا الكتاب في هذا الكتاب خصائص ومزايا أساسية دعت الضرورة إلى أخذها في صلب الكتاب. وإلى الباحث البصير تفصيل ذلك:
الأولى: كل ما نقلنا في الكتاب عن أحد، فإنما نقلناه عن أصل المصدر، وقد يتفق أنه لا يوجد فيه، أو نحن لم نجده فيه، أو لم نراجعه فننقله عمن نقله عن المصدر مع التصريح بذلك. ولا ننسب شيئا إلى أحد اعتمادا على حكاية ذلك في كتب الرجال أو غيرها. فإن ذلك يوقع في الاشتباه كثيرا، كما وقع ذلك لغيرنا، ولا سيما في بعض كتب المتأخرين.
الثانية: بما أن نسخة رجال ابن الغضائري لم توجد لدينا، فكل ما نقلناه عنه، فإنما نقلناه عن الخلاصة للعلامة، أو رجال ابن داود، أو مجمع الرجال للمولى عناية الله القهبائي.
الثالثة: قد ذكرنا في ترجمة كل شخص جميع رواته ومن روى هو عنهم في الكتب الأربعة، وقد نذكر ما في غيرها أيضا، ولا سيما رجال الكشي، فقد ذكرنا أكثر ما فيه من الرواة والمروي عنهم، وبذلك يحصل التمييز الكامل بين المشتركات غالبا، كما أنا تعرضنا لبيان موارد الروايات في الكتب الأربعة، فإن لم تكن الروايات كثيرة، ولم يوجب التعرض لبيان مواردها الاخلال بوضع الكتاب، أدرجناه في ذيل الترجمة وإلا أخرناه وذكرنا في آخر كل جزء ما يناسب ذكره فيه.
ثم إنا ذكرنا في الكتاب كل من له رواية في الكتب الأربعة، سواء أكان
Shafi 12
مذكورا في كتب الرجال أم لم يكن، وذكرنا موارد الاختلاف بين الكتب الأربعة في السند، وكثيرا ما نبين ما هو الصحيح منها وما فيه تحريف أو سقط.
الرابعة: اتبعنا في الكتاب العناوين المذكورة في كتب الرجال، والعناوين المذكورة في الروايات، فربما نذكر رجلا واحدا مرتين أو مرات، فمثلا: نذكر أحمد البرقي، وأحمد بن أبي عبد الله، وأحمد بن أبي عبد الله البرقي، وأحمد بن محمد البرقي، أحمد بن محمد بن خالد، وأحمد بن محمد بن خالد البرقي، وابن البرقي، والبرقي، ونذكر في كل من هذه العناوين جميع الرواة عنه بذلك العنوان والمروي عنهم، وموارد رواياته، وكذلك نجري في ذكر الراوي والمروي عنه.
هذا بالنسبة إلى الروايات، وأما في التراجم، فلا نترجم الرجل في الغالب إلا مرة واحدة وبعنوان واحد، وهو عنوان النجاشي غالبا. ونذكر في ذيله ما ذكره غيره وإن كان بعنوان آخر، ونكرر ذكره بذلك العنوان في المحل المناسب له من غير ترجمة، مع الإشارة إلى محل ذكره. الخامسة: لاحظنا في تقديم العناوين وتأخيرها حروف التهجي في كل اسم وأوصافه حتى الأبوة والبنوة، فقدمنا إبراهيم أبا رافع على إبراهيم الأوسي، كما قدمنا إبراهيم بن هاشم على إبراهيم الجزري، وهكذا.
السادسة: قدمنا - في بيان المروي عنهم في كل مورد - الأئمة عليهم السلام مع رعاية الترتيب بينهم، وبعد ذلك ذكرنا الكنى، وبعدها الأسماء على ترتيب حروف التهجي، وبعدها الألقاب، ثم المرسلات، ثم المضمرات وكذلك في ذكر الرواة، فذكرنا الكنى، ثم الأسماء على الترتيب، ثم الألقاب. وقدمنا ما لم يذكر فيه الراوي إما من جهة الارسال أو التعليق أو من جهة ذكره في المشيخة على ما ذكر فيه.
السابعة: التدقيق في أحوال الرواة والبحث عن وثاقتهم أو حسنهم على وجه علمي.
الثامنة: لم نتعرض لتوثيقات المتأخرين فيما إذا كان توثيق من القدماء لعدم
Shafi 13
ترتب فائدة على ذلك، نعم تعرضنا لها في موارد لم نجد فيها توثيقا من القدماء، فإنا وإن كنا لا نعتمد على توثيقات المتأخرين، إلا أن جماعة يعتمدون عليها، فلا مناص من التعرض لها.
التاسعة: تعرضنا - في ترجمة كل شخص كان للصدوق أو الشيخ قدس سرهما طريق إليه - للطريق وبيان صحته وعدمها، وذلك لان المراجع قد يراجع الرواية فيرى أن جميع رواتها ثقات، فيحكم بصحتها، ولكنه يغفل عن أن طريق الصدوق أو الشيخ إليه ضعيف، والرواية ضعيفة.
مثال ذلك: أن الصدوق روى عن محمد بن مسلم وبريد بن معاوية عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام، قالا: (إذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات، فصلها ما لم تتخوف أن يذهب وقت الفريضة..) (1).
وقد عبر عنها صاحب الحدائق - رحمه الله - ومن تأخر عنه بصحيحة محمد ابن مسلم وبريد بن معاوية اغترارا بجلالتها، وغفلة عن أن طريق الصدوق إلى بريد مجهول، وإلى محمد بن مسلم ضعيف، والرواية ضعيفة.
ثم أن الصحة والضعف - متى أطلقا في هذا الكتاب - فليس المراد بهما الصحة والضعف باصطلاح المتأخرين، بل المراد بهما الاعتبار وعدمه، فإذا قلنا إن الحديث أو الطريق صحيح، فمعناه أنه معتبر وحجة، وإن كان بعض رواته حسنا أو موثقا. وإن قلنا إنه ضعيف فمعناه أنه ليس بحجة، ولو لأجل أن بعض رواته مهمل أو مجهول.
العاشرة: بما أن المذكورين في الفهرست ورجالي الشيخ والكشي مرقمون بالأرقام الهندسية، فلذلك نذكر الأرقام عند ذكرهم تسهيلا على المراجعين.
الحادية عشرة: عند ذكر موارد الروايات من الفقيه والتهذيب والاستبصار نذكر عنوان الباب، ورقم الجزء، ورقم الحديث المذكور فيه في النسخ المطبوعة
Shafi 14
حديثا من الكتب المذكورة، ولكن كتاب الكافي حيث أن أرقام رواياته في غير الروضة ليست بمتسلسلة، فنذكر عند ذكر مورد الرواية فيه عنوان الباب ورقم الجزء، ورقم الباب، ورقم الكتاب، ورقم الحديث من ذاك الباب، فنقول مثلا:
(الكافي: الجزء 2، الكتاب 1، باب المؤمن وعلاماته وصفاته 99، الحديث 18) يعني الحديث الثامن عشر من الباب التاسع والتسعين من الكتاب الأول من الجزء الثاني. وسنبين بعد هذا ما تشتمل عليه أجزاء الكافي من الكتب. وأما الروضة فنقتصر فيها على ذكر رقم الحديث فقط.
هذا كله في نفس الكتاب، وأما ما نؤخره إلى آخر كل جزء، فلا نذكر فيه عنوان الباب، بل نقتصر على بقية ما ذكرناه.
الثانية عشرة: عندما نريد تعيين موارد رواية شخص مع رعاية الراوي والمروي عنه، كرواية إبراهيم بن هاشم عن ابن أبي عمير التي رواها عنه ابنه علي، فنذكر أولا ما في الكافي على ترتيب مجلداته، ثم نذكر ما في الفقيه، ثم ما في التهذيب، وكل ما كان من روايات التهذيب موجودا في الاستبصار، فنشير إليه بعد ذكره عن التهذيب.
Shafi 15
المقدمة الأولى * استعراض سلسلة من المقدمات تفضي إلى ضرورة الرجوع إلى علم الرجال.
* زيف الآراء القائمة على إنكار الحاجة إليه.
* تفنيد المذهب القائل: إن الكتب الأربعة قطعية الصدور.
Shafi 17
الحاجة إلى علم الرجال قد ثبت بالأدلة الأربعة حرمة العمل بالظن، وأنه لا يجوز نسبة حكم إلى الله سبحانه ما لم يثبت ذلك بدليل قطعي، أو بما ينتهي إلى الدليل القطعي، وناهيك في ذلك قوله سبحانه: (آلله أذن لكم أم على الله تفترون).
دلت الآية المباركة على أن كل ما لم يثبت فيه إذن من الله تعالى، فنسبته إليه افتراء عليه سبحانه، كما ثبت بتلك الأدلة أن الظن بنفسه لا يكون منجزا للواقع، ولا معذرا عن مخالفته في ما نتجز بمنجز، ويكفي في ذلك قوله تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم)، وقوله تعالى: (وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغني من الحق شيئا).
وأما الروايات الناهية عن العمل بغير العلم: فهي فوق حد الاحصاء، ففي صحيح أبي بصير: (قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ترد علينا أشياء ليس نعرفها في كتاب الله ولا سنة فننظر فيها؟ فقال: لا، أما أنك إن أصبت لم تؤجر، وإن أخطأت كذبت على الله) (1).
ثم إنه لا ريب في أن العقل لا طريق له إلى إثبات الأحكام الشرعية لعدم إحاطته بالجهات الواقعية الداعية إلى جعل الأحكام الشرعية. نعم يمكن ذلك في موارد قليلة، وهي إدراك العقل الملازمة بين حكم شرعي وحكم آخر، كإدراكه
Shafi 19
الملازمة بين النهي عن عبادة: كالصوم يومي العيدين وفساده.
وأما الكتاب العزيز: فهو غير متكفل ببيان جميع الأحكام، ولا بخصوصيات ما تكفل ببيانه من العبادات، كالصلاة والصوم والحج والزكاة فلم يتعرض لبيان الاجزاء والشرائط والموانع.
وأما الاجماع الكاشف عن قول المعصوم عليه السلام: فهو نادر الوجود.
وأما غير الكاشف عن قوله عليه السلام، فهو لا يكون حجة لأنه غير خارج عن حدود الظن غير المعتبر.
والمتحصل: أن استنباط الحكم الشرعي في الغالب لا يكون إلا من الروايات المأثورة عن أهل بيت العصمة صلوات الله عليهم. والاستدلال بها على ثبوت حكم شرعي يتوقف على إثبات أمرين:
الأول: إثبات حجية خبر الواحد، فإنا إذا لم نقل بحجيته، إنتهى الامر إلى الالتزام بانسداد باب العلم والعلمي. ونتيجة ذلك هو التنزل في مرحلة الامتثال إلى الامتثال الظني، أو القول بحجية الظن في هذا الحال، على ما ذهب إليه بعضهم.
الثاني: إثبات حجية ظواهر الروايات بالإضافة إلينا أيضا، فإنا إذا قلنا باختصاصها بمن قصد بالافهام، وإنهم المخاطبون فقط، لم يكن الاستدلال بها على ثبوت حكم من الاحكام أصلا.
وهذان الأمران قد أشبعنا الكلام فيهما في مباحثنا الأصولية. ولكن ذكرنا أن كل خبر عن معصوم لا يكون حجة، وإنما الحجة هو خصوص خبر الثقة أو الحسن. ومن الظاهر أن تشخيص ذلك لا يكون إلا بمراجعة علم الرجال ومعرفة أحوالهم وتمييز الثقة والحسن عن الضعيف. وكذلك الحال لو قلنا بحجية خبر العادل فقط. فإن الجزم بعدالة رجل أو الوثوق بها لا يكاد يحصل إلا بمراجعته.
هذا.، والحاجة إلى معرفة حال الرواة موجودة. حتى لو قلنا بعدم حجية خبر
Shafi 20
الواحد، أو قلنا باختصاص حجية الظهور بمن قصد افهامه، فانتهى الامر إلى القول بحجية الظن الانسدادي أو لزوم التنزل إلى الامتثال الظني، فإن دخل توثيق علماء الرجال رواة رواية في حصول الظن بصدورها غير قابل للانكار.
ومن الغريب - بعد ذلك - إنكار بعض المتأخرين الحاجة إلى علم الرجال بتوهم أن كل رواية عمل بها المشهور فهي حجة. وكل رواية لم يعمل بها المشهور ليست بحجة، سواء أكانت رواتها ثقات أم ضعفاء.
فإنه مع تسليم ما ذكره من الكلية - وهي غير مسلمة وقد أوضحنا بطلانها في مباحثنا الأصولية - فالحاجة إلى علم الرجال باقية بحالها، فإن جملة من المسائل لا طريق لنا إلى معرفة فتاوى المشهور فيها، لعدم التعرض لها في كلماتهم، وجملة منها لا شهرة فيها على أحد الطرفين، فهما متساويان. أو أن أحدهما أشهر من الاخر، وليست كل مسألة فقهية كان أحد القولين، أو الأقوال فيها مشهورا، وكان ما يقابله شاذا.
بل الحال كذلك حتى لو قلنا بأن صدور روايات الكتب الأربعة قطعي، فإن أدلة الأحكام الشرعية لا تختص بالكتب الأربعة، فنحتاج - في تشخيص الحجة من الروايات الموجودة في غيرها عن غير الحجة - إلى علم الرجال.
ومن الضروري التكلم على هذا القول بما يناسب المقام:
Shafi 21
روايات الكتب الأربعة ليست قطعية الصدور ذهب جماعة من المحدثين إلى أن روايات الكتب الأربعة قطعية الصدور.
وهذا القول باطل من أصله؟ إذ كيف يمكن دعوى القطع بصدور رواية رواها واحد عن واحد. ولا سيما أن في رواة الكتب الأربعة من هو معروف بالكذب والوضع، على ما ستقف عليه قريبا وفي موارده إن شاء الله تعالى.
ودعوى القطع بصدقهم في خصوص روايات الكتب الأربعة - لقرائن دلت على ذلك - لا أساس لها، فإنها بلا بينة وبرهان، فإن ما ذكروه في المقام - وادعوا أنها قرائن تدلنا على صدور هذا الروايات من المعصوم - عليه السلام - لا يرجع شئ منها إلى محصل.
وأحسن ما قيل في ذلك هو: أن اهتمام أصحاب الأئمة عليهم السلام وأرباب الأصول والكتب بأمر الحديث إلى زمان المحمدين الثلاثة - قدس الله أسرارهم - يدلنا على أن الروايات التي أثبتوها في كتبهم قد صدرت عن المعصومين عليهم السلام، فإن الاهتمام المزبور يوجب - في العادة - العلم بصحة ما أودعوه في كتبهم، وصدوره من المعصومين عليهم السلام.
ولكن هذه الدعوى فارغة من وجوه:
أولا: إن أصحاب الأئمة عليهم السلام وإن بذلوا غاية جهدهم واهتمامهم في أمر الحديث وحفظه من الضياع والاندراس حسبما أمرهم به الأئمة عليهم السلام، إلا أنهم عاشوا في دور التقية، ولم يتمكنوا من نشر الأحاديث علنا، فكيف بلغت هذه الأحاديث حد التواتر أو قريبا منه! وهذا ابن أبي عمير حبس
Shafi 22
أيام الرشيد، وطلب منه أن يدل على مواضع الشيعة وأصحاب موسى بن جعفر عليه السلام، وأن أخته دفنت كتبه عندما كان في الحبس فهلكت، أو تركها في غرفته، فسال عليها المطر فهلكت. وهكذا حال سائر أصحاب الأئمة عليهم السلام، فإن شدتهم في ما كانوا عليه، وعدم تمكنهم من نشر الأحاديث علنا مما لا شك فيه ذو مسكة. ومع ذلك كيف يمكن دعوى: أنها قطعية الصدور؟
ثانيا: إن الاهتمام المزبور لو سلمنا أنه يورث العلم، فغاية الامر أنه يورث العلم بصدور هذه الأصول والكتب عن أربابها، فنسلم أنها متواترة، ولكنه مع ذلك لا يحصل لنا العلم بصدور رواياتها عن المعصومين عليهم السلام، وذلك فإن أرباب الأصول والكتب لم يكونوا كلهم ثقات وعدولا، فيحتمل فيهم الكذب.
وإذا كان صاحب الأصل ممن لا يحتمل الكذب في حقه، فيحتمل فيه السهو والاشتباه.
وهذا حذيفة بن منصور قد روى عنه الشيخ بعدة طرق:
منها: ما رواه بطرقه المعتبرة عن محمد بن أبي عمير عنه رواية: أن شهر رمضان لا ينقص عن ثلاثين يوما (1) ثم قال: (وهذا الخبر لا يصح العمل به من وجوه: أحدها أن متن هذا الحديث لا يوجد في شئ من الأصول المصنفة، وإنما هو موجود في الشواذ من الاخبار. ومنها: أن كتاب حذيفة بن منصور عري منه، والكتاب معروف مشهور، ولو كان هذا الحديث صحيحا عنه لضمنه كتابه).
إلى آخر ما ذكره - قدس سره -.
فنرى أن الشيخ - قدس سره - يناقش في صحة هذا الحديث عن حذيفة مع أن في رواتها عنه محمد بن أبي عمير. وقد رواها الشيخ عنه بطرق معتبرة، ولا يكون منشأ ذلك إلا احتمال وقوع السهو والاشتباه من الرواة، فإذا كانت مثل هذه الرواية لا يحكم بصحتها، فما حال الروايات التي يرويها الضعفاء أو
Shafi 23
المجهولون؟!.
ثالثا: لو سلمنا أن صاحب الكتاب أو الأصل لم يكذب ولم يشتبه عليه الامر، فمن الممكن أن من روى عنه صاحب الكتاب قد كذب عليه في روايته، أو أنه اشتبه عليه الامر، وهكذا..
ومن هنا قال الشيخ - قدس سره - في كتاب العدة عند بحثه عن حجية خبر الواحد.
والذي يدل على ذلك: إجماع الفرقة المحقة على العمل بهذه الاخبار التي رووها في تصانيفهم ودونوها في أصولهم لا يتناكرون ذلك، ولا يتدافعونه حتى أن واحدا منهم إذا أفتى بشئ لا يعرفونه سألوه من أين قلت هذا؟ فإذا أحالهم إلى كتاب معروف أو أصل مشهور، وكان راوية ثقة لا ينكر حديثه سكتوا، وسلموا الامر في ذلك وقبلوا قوله.
فإن دلالة هذا الكلام على أن روايات الكتب المعروفة والأصول المشهورة لم تكن قطعية الصدور، وإنما يلزم قبولها بشرط أن تكون رواتها ثقات، للاجماع على حجيتها - حينئذ - واضحة ظاهرة.
رابعا: إن الأصول والكتب المعتبرة لو سلمنا أنها كانت مشهورة ومعروفة إلا أنها كانت كذلك على إجمالها، وإلا فمن الضروري أن كل نسخة منها لم تكن معروفة ومشهورة، وإنما ينقلها واحد إلى آخر قراءة أو سماعا، أو مناولة مع الإجازة في روايتها، فالواصل إلى المحمدين الثلاثة إنما وصل إليهم من طريق الآحاد، ولذلك ترى أن الشيخ الصدوق بعد ما ذكر في خطبة كتابه من لا يحضره الفقيه أن: جميع ما أورده فيه مستخرج من كتب مشهورة معروفة أشار إلى طريقه إليها، وقال: (وطرقي إليها معروفة في فهرس الكتب التي رويتها عن مشايخي وأسلافي رضي الله عنهم).
فإنه يظهر من ذلك أنه - قدس سره - كان قد ألف فهرسا ذكر فيه طرقه إلى الكتب التي رواها عن مشايخه وأسلافه، فهو إنما يروي الكتب بتلك الطرق المعروفة في ذلك الفهرس، ولكنه لم يصل إلينا،
Shafi 24
فلا نعرف من طرقه غير ما ذكره في المشيخة من طرقه إلى من روى عنهم في كتابه.
وأما طرقه إلى أرباب الكتب فهي مجهولة عندنا، ولا ندري أن أيا منها كان صحيحا، وأيا منها غير صحيح. ومع ذلك كيف يمكن دعوى العلم بصدور جميع هذه الروايات من المعصومين عليهم السلام.
وعلى الجملة: إن دعوى القطع بصدور جميع روايات الكتب الأربعة من المعصومين عليهم السلام واضحة البطلان. ويؤكد ذلك أن أرباب هذه الكتب بأنفسهم لم يكونوا يعتقدون ذلك.
وهذا محمد بن يعقوب - قدس الله تعالى سره - بعد ما ذكر أنه طلب منه تأليف كتاب كاف يجمع فيه من جميع فنون علم الدين ما يكتفي به المتعلم ويرجع إليه المسترشد، ويأخذ منه من يريد علم الدين والعمل بالآثار الصحيحة عن الصادقين عليهما السلام، قال بعد كلام له:
(فاعلم يا أخي أرشدك الله أنه لا يسع أحدا تمييز شئ مما اختلف الرواية فيه عن العلماء - عليهم السلام - برأيه إلا على ما أطلقه العالم بقوله عليه السلام: أعرضوها على كتاب الله فما وافق كتاب الله عز وجل فخذوه، وما خالف كتاب الله فردوه. وقوله: دعوا ما وافق القوم فإن الرشد في خلافهم. وقوله عليه السلام: خذوا بالمجمع عليه، فإن المجمع عليه لا ريب فيه. ونحن لا نعرف من جميع ذلك إلا أقله، ولا نجد شيئا أحوط ولا أوسع من رد علم ذلك كله إلى العالم عليه السلام: وقبول ما وسع من الامر فيه بقوله: بأيما أخذتم من باب التسليم وسعكم. وقد يسر الله - ولله الحمد - تأليف ما سألت، وأرجو أن يكون بحيث توخيت).
وهذا الكلام ظاهر في أن محمد بن يعقوب لم يكن يعتقد صدور روايات كتابه عن المعصومين عليهم السلام جزما، وإلا لم يكن مجال للاستشهاد بالرواية على لزوم الاخذ بالمشهور من الروايتين عند التعارض، فان هذا لا يجتمع مع الجزم
Shafi 25
بصدور كلتيهما، فإن الشهرة إنما تكون مرجحة لتمييز الصادر عن غيره، ولا مجال للترجيح بها مع الجزم بالصدور.
وأما الشيخ الصدوق - قدس سره - فقد قال في خطبة كتابه:
(ولم أقصد فيه قصد المصنفين من إيراد جميع ما رووه، بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به وأحكم بصحته وأعتقد أنه حجة فيما بيني وبين ربي).
فإن هذا الكلام ظاهر في أن كتاب الكافي في اعتقاد الصدوق كان مشتملا على الصحيح وغير الصحيح كسائر المصنفات، فكيف يمكن أن يدعى أن جميع رواياته قطعية الصدور؟.
وأيضا، فإن الشيخ الصدوق إنما كتب كتابه: من لا يحضره الفقيه، إجابة لطلب السيد الشريف أبي عبد الله المعروف ب (نعمة الله) فإنه قد طلب من الشيخ الصدوق أن يصنف له كتابا في الفقه ليكون إليه مرجعه، وعليه معتمده، ويكون شافيا في معناه مثل ما صنفه محمد بن زكريا الرازي وترجمه بكتاب: من لا يحضره الطبيب.
ولا شك أن كتاب الكافي أوسع وأشمل من كتاب من لا يحضره الفقيه، فلو كانت جميع روايات الكافي صحيحة عند الشيخ الصدوق - قدس سره - فضلا عن أن تكون قطعية الصدور لم تكن حاجة إلى كتابة كتاب: من لا يحضره الفقيه، بل كان على الشيخ الصدوق أن يرجع السيد الشريف إلى كتاب الكافي، ويقول له: إن كتاب الكافي في - بابه - ككتاب من لا يحضره الطبيب في بابه في أنه شاف في معناه.
ويزيد ذلك وضوحا: أن الشيخ الصدوق قال في باب الوصي يمنع الوارث:
(ما وجدت هذا الحديث إلا في كتاب محمد بن يعقوب، ولا رويته إلا من طريقه) فلو كانت روايات الكافي كلها قطعية الصدور، فكيف يصح ذلك القول من الشيخ الصدوق - قدس سره -.
بقي هنا شئ، وهو: أنه قد يتوهم أن شهادة الشيخ الصدوق بصحة جميع
Shafi 26