فُرِّجَت كُربته (١).
فائدة أخرى: قولُهُ: "إِمَامَا المُحَدِّثين" هو باعتِبار ما كانا عليه مِن الزُّهدِ والورعِ والجِدِّ والاجتهاد في تخريج "الصحيح" حتى ائتمَّ بهما من جاء بعدهما، كابن خُزيمة، وابنُ حِبَّان، وأبي عَوانة وغيرهم.
وقوله: "اللَّذَيْنِ هُمَا أَصَحُّ الكُتُبِ المُصَنَّفةِ" لا شَكَّ في ذلكَ ولا مِريَةَ.
وقولُ الشَّافعي ﵁ مِثْل ذلك في "المُوَطَّأ" كان قَبْلَ وُجُودِهما (٢).
ثمَّ "كتاب البخاري" أصحُّ من "كتاب مُسْلِمٍ" كما ذَكَرَهُ الإسماعيلي.
وخالفَ أبو علي النيسابوري فقال: "مَا تحتَ أديمِ السَّماء أصح مِن كتاب مسلم" (٣).
_________
(١) إن كانت القراءة من باب طلب العلم وما فيها من الصلاة على النبي ﷺ والعمل بما فيها، فنعم هي سببٌ لتفريج الكربات في الدنيا والآخرة؛ لأنها طاعة من الطاعات، أَمَّا إن كانت القراءة للتبرك فقط بكتاب فلان من الناس؛ لأنه ولي من أولياء الله، أو إمام من أئمة المسلمين فهذا لا يجوز شرعًا، وهي بدعةٌ مِن البدع التي شوَّهت جمال الإسلام، وهذا الذي غَلَب على أهل البدع في القرون المتأخرة، فقد كانت تنزل بهم المُصيبة، ويأتي العدو فيحتَل أرض المسلمين فيستبدلون جهاده بالاجتماع على قراءة "صحيح البخاري"؛ لعل الكُربة تُرفع!
انظر: "قواعد التحديث" (٢٦٤)، و"إصلاح المساجد" (٢٥٦) كلاهما للشيخ محمد جمال الدين القاسمي.
(٢) قال الشافعي: "ما في الأرض -بعد كتاب الله- ﷿ أكثر صوابًا من "موطأ" مالك".
رواه ابن أبي حاتم في "مناقب الشافعي" (١٩٥ - ١٩٦)، وأبو نعيم في "الحلية" (٦/ ٣٢٩)، وابن عبد البر في "التمهيد" (١/ ٧٦ - ٧٧)، والقاضي في "ترتيب المدارك" (٢/ ٧٠)، وابن الصلاح في "مقدمته" (١٨) ومَن شرحَ "المقدمة" ذَكَرَ قول الشافعي، وقد تناقلته كتب "مصطلح الحديث" في مسألة التفضيل بين كتب السنة.
(٣) رواه الخطيب في "تاريخ بغداد" (١٣/ ١٠١)، وابن الصلاح في "مقدمته" (١٨ - ١٩)، و"صيانة صحيح مسلم" (٦٨ - ٦٩)، وذكره النووي في "شرحه لمسلم" (١/ ١٢٠) =
1 / 78