والطاعات: إِمَّا قلبيَّة كالإخلاص والإيمان، وإِمَّا بالجوارح كالعبادات العمليَّة. وهذه الأربعون التي جَمَعَها مُشْتَمِلةٌ على أصولِ ذلك كلِّه، وحاصلها أنها راجعةٌ إلى تصحيح النيات، والتقوى في السّرِّ والعَلَن، والزهد في الدنيا، وقِصَرِ الأمل، وتركِ ما لا يعني مِن الفُضولِ، والاشتغالِ بالذِّكر، والاستعداد للقاء الله، والتواضع للخَلْق، وحُسْنِ التَّخَلُق معهم بالآداب الشرعية، والانقباض عنهم فيما لا يعني، وإرادة الخير لهم باطنًا، ومساعدتهم ظاهرًا حسب الإمكان.
وقوله: "وكُلُّ حَديثٍ منها قاعدة" أي: أساس كما سَتعلَمهُ في مَوْضِعِهِ. وذَكَرَها محذوفة الأسانيد "لِيَسهُل حِفْظُها" كما ذَكَرَ؛ ولأَنَّ المقصودَ مِن ذِكْرِ الإسناد صحَّةُ الحديث، وهي معلومة بدونه.
وهذا آخر ما يسَّرَهُ الله تعالى مِنَ الكلام على مواضع من الخطبة يحتاج إليها.
ثُمَّ نَشْرَع الآن في المقصود أعاننا الله تعالى على إكماله بمُحَمَّدٍ وآلهِ (١).
_________
(١) لا يجوز سؤال الله بجاه محمدٍ ﷺ ولا بجاه غيره من الأنبياء، وهذا النوع من السؤال بدعة، وهو من وسائل الشرك، وكان الواجب على المؤلف -غفر الله لهُ- أن يُنزِّه كتابه عن مثل هذه المخالفات، ولكن: كل أحد يؤخذ من قوله ويُرَدُّ، والمعصوم من عصمه الله ﷿، وليس ثمَّةَ دليلٌ على قوله سوى ما دَرَجَ عليه أهل زمانه، فالله يغفر له.
1 / 72