بليت وقد كنت دهرا جديدا ... وقد عشت دهرا أَبيَّا جليدا
أَبعد ثمانين أَنضيتها ... وتسعين يا سلم أَرجو الخلودا
ومات أَبي وأَبو والدي ... وذهل فأَصبحت منهم وحيدا
قالوا: وعاش رجل من أسلم، وبقال هو أَوس بن ربيعة بن كعب بن أُمية الأسلميّ مائتي سنة وأربع عشر سنة.
وقال في ذلك:
لقد خلِّفت حتَّى ملَّ أَهلي ... ثوائي فيهم، وسئمت عمري
وحقّض لمن أتت مائتين عام ... عليه وأَربع من بعد عشر
يملُّ من الثَّواء وصبح يوم ... يغاديه، وليل بعد يسرى
فأَبلى جدَّتي وبقيت شلوا ... وباح بما أُجنُّ ضمير صدري
قالوا: وعاش حارثة بن عبيد الكلبيّ، ومن ولده بطون، منظور، ومنصور ابن جمهور من بني حارثة، وأدرك الإسلام، وقد حجب دهرا طويلا.
قال أبو حاتم، قال هشام، وكذا كانت العرب تفعل بالكبير منهم تحجبُه قال هشام: وقال لي شملة بن مغيث، رجل من ولده، قال، أظنه عاش خمسمائة سنة، قال، وأنشدني شملة له:
أَلا ليتني أَنضيت عمري ... وهل يجدى عليَّ اليوم ليتى
حنتني حانيات الدَّهر حتَّى ... بقيت رذيَّة في قعر بيتي
تأَذى بي الأقارب إِذ رأَوني ... بقيت، وأَين منِّي اليوم موتي
قالوا: وعاش حاثة بن مرّة بن حارثة بن عبد رضا بن جبيل الكلبي خمسين ومائة سنة، وأصابهم سنة أَجحفت بأموالهم فقال: لم يدع الدَّهر لنا ذخيرة ولم يدع شحما ولا مريرة ولا لنا حام ولا بحيرة وشيَّب العارض والغديرة فصرت كالنَّسر على الجذيرة براضة من عمر يسيرة الجديرة اصل حائط أو بناء، وجذر كل شيء أصله، براضة بقيَّة، ويقال تبرَّضت الماء وغيره إذا أخذت بقيَّة.
قالوا: وعاش المجاج بن خالد بن الحارث بن قيس بن نصر بن عائذة ابن ذهل بن مالك بن سعد بن ضبّة حتى هرم، وملّ من الحياة.
وزعموا أنه قال:
لقد طوَّفت في الآفاق حتَّى ... بليت وقد أَنى لي لو أَبيد
وأَفناني وما يفنى نهار ... وليل كلَّما يمضي يعود
وشهر مستهل بعد شهر ... وحول بعده حول جديد
ومفقود عزيز الفقد تأتى ... منيَّة ومأمول وليد
قالوا: وعاش القدار العنزي مائتي سنة فيما ذكر ابن الكلبي عن خراش، قال، حدَّثني به قوم من عنزة، وقال:
رُبَّ حيَّ رأَيتهم ورأَوني ... ثم قالوا، متى يموت قدار
رًبَّ نهب حويته ملث اللَّيل ... ظلاما تزينه الأبكار
وجياد كأنَّها قضب الثَّوحط ... تزجى اَمامهنَّ العشار
رذاك دهر افنيته وتعرتني ليال ينضينني ونهار قالوا: وعاش ربيعة بن عبد الله البجلي تسعين ومائة سنة.
قال أبو حاتم، قال ابن الكلبيّ حدثني به عُليل بن مجمدّ البجليّ، وقال:
أميم أُميم قد أَودى شبابي ... وأَخلفني البطالة والتَّصابي
وقد ذهب الّذين ولدت فيهم ... وقد رحلت لشَّقيتهم ركابي
وسلهبة وهبت لغير صهر ... فلم أَبكر أُميم على الثَّواب
قالوا: وعاش الحارث بن حبيب الباهلي من بني أَود بن معن ستين ومائة سنة فيما ذكر هشام عن طارق بن حمزة الغنويّ عن رجل من باهلة، كان عالما.
وقال الحارث:
كم من أسير تائه فديتُهُ ... ومن كميّ مُعلم أَرديته
ومسرع بسروه جازيته ... ومبطئ برفده كفيته
ومسرع يسروه جازيته ... ومبطئ برفده كفيته
ومعلن بضغنه كويتُهُ ... لو كان يشري الموت لاشتريته
وقال الحارث:
أَلا هل باب يشترى برغيب ... يدلُّ عليه الحارث بن حبيب
فمن لا سواد الرأس بعد ابيضاضه ... ومن لقوام الصلب بعد دبيب
قالوا: وعاش حامل بن حارثة بن عمرو بن مالك بن عكوة ثلاثين ومائتي سنة، قال، حدثنا شيخ من بني عكوة من طيء، وكان حامل يرحل إلى الملوك في قومه، فقال حين بلغ ثمانين ومائة سنة:
أَلا ليتني لم أَغن في النَّاس ساعة ... ولم أَلق أَيَّاما تشيب الحزوَّرا
1 / 30