قالوا: وعاش عديّ بن حاتم الطائي بن عبد الله بن حشرج بن امرئ القيس بن عدي بن أحزم، وهو هزومه بن ربيعة بن جرول بن ثعل بن عمرو ابن الغوث بن طيء مائة وثمانين سنة، فلما أَسنّ استأذن قومه وطاء يجلس عليه في ناديهم، وقال، إني أكره أن يظن أحدكم أنيّ أرى لي عليه فضلا، ولكني قد كبرت ورقّ عظمي.
فقالوا: ننظر.
فلما أبطأوا عليه أنشأ يقول:
أَجيبوا يا بني ثعل بن عمرو ... ولا تكموا الجواب من الحياء
فإنِّي قد كبرت ورقَّ عظمي ... وقلَّ اللَّحم من بعد النَّقاء
وأَصبحت الغداة أريد شيئا ... يقيني الأرض من برد الشتاء
وطاء يا بني ثعل بن عمرو ... وليس لشيخكم غير الوطاء
فإن ترضوا به فسرور راضٍ ... وإن تأبوا فإنيِّ ذو إباء
سترك ما أردت لما أَردتم ... وردُّك من عصاك من العناء
لأنِّي من مساءتكم بعيد ... كبعد الأرض من جوِّ السَّماء
وإني لا أكون بغير قومي ... فليس الدَّلو إلاَّ بالرِّشاء
فأذنوا له أن يبسط في ناديهم، وطابت به أنفسهم، وقالوا، أنت شيخنا وسيدنا وابن سيدنا، وما فينا أحد يكره ذلك ولا يدفعه.
قالوا: عاش عبد المسيح بن عمرو بن قيس بن حيان بن بقيلة الغساني ثلاثمائة سنة وخمسين سنة، وأدرك الإسلام فلم يسلم، وكان منزله الحيرة، وكان شريفا في الجاهلية.
وقال:
لقد بنيت للحدثان بيتا ... لو انّ المرء تنفعه الحصون
رفيع الرأس أَجوى مشمخرا ... لأنواع الرِّياح به حنين
وقال يذكر من كان معه من ملوك قومه الذين مضوا:
أَبعدَ المنذرين أَرى سواما ... تروَّح بالخورنق والَّدير
تحاماه فوارس كلِّ حيّ ... مخافة أَغضف عالي الزَّئير
وبعد فوارس النعمان أرعى ... رياضا بين مرَّة والفير
وصرنا بعد هلك أبى قبيس ... كجرب الشَّتاء في يوم مطير
تقسَّمنا القبائل من معدّ ... علانية كأَيسار الجزور
وكنا لا يرام لنا حريم فنحن كضرَّة الضَّرع الفخورنؤَدِّي الخرج بعد خراج بصري وخرج بني قريظة والنَّظير
كذاك الهر دولته سجال ... فيوم من مساة أَو سرور
قالوا: وخرج بقيلة في ثوبين أَخضرين، فقال له إنسان: ما أنت إلى بقيلة؛ فسمى بقيلة بذلك، واسمه ثعلبة بن سُنين.
قالوا: وعاش عدي بن واع بن العقي، الحارث بن مالك بن فهم بن غنم ابن دوس بن عبد الله، من الأزد، ثلاثمائة سنة، فأدرك الإسلام، وأسلم، وغزا.
وقال في ذلك:
لا عيش إلاَّ الجنَّة المخضرَّة ... من يدخل النَّار يلاق ضرَّه
وقال:
أَعلم أَنَّ كلَّ فتى مرَّة ... للتراب أَو بيت من الجندل
ذلك مكروه وأدعى، فإن ... أُحمل على الثِّقلة لا أَثقلُ
قالوا: وعاش شريح بن يزيد بن نهيك بن دريد بن سفيان بن سلمة، وهو الضَّباب بن الحارث بن كعب بن مذحج عشرين ومائة سنة فيما ذكر ابن الكلبي عن أبي مخنف، قال: أخبرنا أشياخنا من بني الحارث قالوا: ثم قتل في ولاية الحجاج بن يوسف مع ابن أبي بكرة: فقال وهو يرتجز قبل أن يُقتل:
قد عشت بين المشركين أَعصرا ... ثُمَّتَ أَدركت النَّبيَّ المنذرا
وبعده صدِّيقه وَعَمرا ... ويوم مهران ويوم تسترا
والجمع في صفَّيهم والنَّهرا ... هيهات ما أَطول هذا عُمرا
قالوا: وعاش شرية بن عبد الجعفيّ من ججُعفيّ بن سعد العشيرة بن مالك بن أدد بن مذحج ثلاثمائة سنة، وأدرك الإسلام.
حدثنا أبو حاتم قال: وذكر الكلبي قال: سمعت أبا بكر بن قيس الجعفيّ يذكر عن أشياخه، وقد ذكره غيره وقالوا: وهو شرية بن عبد الله الجُعفيّ، وقال في زمن عمر بن الخطاب، وهو بالمدينة: لقد رأيت هذا الوادي الذي أنتم به وما به قطرة ولا قصبة ولا شجرة مما ترون، وأدركت أخريات قومي يشهدون بمثل شهادتكم، يعني يقول " لا إله إلا الله " ومعه ابن له يهادي به في شجار، قد خرف، فقيل له: يا شرية، ما بال ابنك قد خرف وبك بقيّة؟
1 / 15