قالوا: وعاش تيم الله بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفضى بن دُعمى بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار ابن مَعد خمسمائة سنة حتى أَخلق أربعة لُحُم حديد، وكان من دهاة العرب في زمانه.
فبلغنا أنه بعث بنيه ذات يوم في طلب إبل له ظلَّت، فهبت ريح بعدما خرجوا من عنده شديدة، وذلك في الشتاء، فقال لامرأته، أمَّ بنيه: انظري من أين هبت الريح.
فنظرت، ثم قالت: من مكان كذا وكذا.
فقال لها: أَخنتيني في بنيّ أم لا؟ فقالت لا والله ما خنتك فيهم.
فقال: ويحك، والله إني لأعلم أنها ريح تُدهدي البعر، وتعفوا الأثر فلا يعرفون منطلقا، وإنها لتسوق مطرا فلا يعرفون أَثرا، فإن رجعوا فإنهم بنيّ، وإياي أشبهوا، وإن مضوا فلن تريهم أبدا، وقد خنتني فيهم، ووالله لأقتلنَّكِ إذن قبل أن يرجعوا.
ثم لم يزل ليلة أجمع ما ينام وما تنام امرأته حتى إذا كان عند طلوع الفجر رجع أحدهم، فقال له أبوه، تيم الله: - ما ردك؟ قال: هبت ريح تدهدي العر، وتعفوا الأثر، وتسوق المطر فلم أر منطلقا. فتتابعوا على مثل مقالته كلَّهم، ورجعوا إلى أبيهم، فسرَّ بذلك، وقال: أنتم بنيَّ حقا، وإياي أَشبهتم.
فلما حضره الموت أمر بنيه أن يحفروا قبره بمكان يقال له " حضن ".
وقال في ذلك:
ها ذاك تيم الله يبني بيته ... بحضن حياته وموته
وكان الذي ولى كبرته من بنيه هلال، وبنو هلال بن تيم الله أقل بني تيم الله عددا، وأَخملهم ذكرا.
فقال في ذلك الأخنس بن عباس بن خنسا بن عبد العزى بن هلال بن تيم الله ابن ثعلبة:
حملنا الشَّيخ تيم الله عودا ... وكان وليَّ كبرته أَبونا
ولم يك طبُّ أَعمامي عُوقا ... ولكنا كفينا ما ولينا
جزيناه بنعمته علينا ... وأَطرفناه حتى مات فينا
" أطرفناه ابتدأناه بالنعم ".
قالوا: وعاش سويد بن خذاق، من عبد القيس بن أفضى بن دعمى بن أسد ابن ربيعة بن نزار مائتي سنة.
وقال في ذلك:
كبرتُ، وطال العمر حتَّى كأَنَّما ... رمى الدهر مني كل عضو بأَهزعا
غنمت بعيري شيخ من سئلت به ... فتاة بني من كان أَزمان تُبَّعا
قالوا: وقال عطاء الكلبي: عاش الجشع بن عوف بن جذيمة، من عبد القيس مائتي سنة حتى هرم، وملَّ الحياة، وهان على أهله.
فقال في ذلك: حتَّى متي الجشعم في الأحياء ليس بذي أيدٍ ولا غناء هيهات ما للموت من دواء قالوا: وعاش مجمِّع بن هلال بن خالد بن مالك بن هلال بن الحارث بن هلال ابن تيم الله بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل مائة سنة وتسع عشر سنة.
فقال في ذلك:
إن أُمسِ شيخا قد بليت فطالما ... عمرتُ، ولكن لا أَرى العيش ينفع
مضت مائة من مولدي فنضيتها وعشر وخمس بعد ذاك وأربع
فيا رب خيل كالقطا قد وزعتها ... لها سبل، فيه المنيَّة تلمع
شهدت، وغُنمٍ قد حويت ولذَّةٍ ... أَصبت، وماذا إلاَّ تمتُّعُ
قالوا: وعاش عمرو بن ثعلة من عبد القيس مائتي سنة.
وقال في ذلك حين كبر، وهان على أهله:
تهزَّأت عرسي واستنكرت ... شيبي، ففيها جنف وازورار
لا تكثري هزءا، ولا تعجبي ... فليس بالشيب على المرء عار
عمرك، هل تدرين أَنَّ الفتى ... شبابه ثوب عليه معارُ
قال أبو حاتم: وزعم عطاء بن مصعب الملط الأحمر وضع هذا البيت الآخر.
وعاش أنس بن مدرك الخشعمي بن كعيب بن عمرو بن يعد بن عوف ابن حارثة بن سعد بن عامر بن تيم الله بن مبشِّر بن أَكلب بن ربيعة بن عفرس بن حلف بن أَفتل، وهو خشعم أنمار بن بجيلة بن عمرو بن لحيان مائة وأربعا وخمسين سنة، وكان سيد خشعم في الجاهلية وفارسها، وأدرك الإسلام فأسلم.
وقال في كبره:
إذا ما امروء عاش النيدة سالما ... وخمسين عاما بعد ذاك وأربعا
تبدَّل مرَّ العيش من بعد حلوه ... وأَوشك أَن يبلى وأَن يتسعسعا
ويأذى به الأَدنى، يرضى به العبدا ... إذا صار مثل الرَّي أَحدب أَخضعا
رهينة قعر البيت ليس بريمه ... لقى ثاويا لا يبرح المهد مضجعا
1 / 13