Littafin Mu'attirai da Mabudin Matsaloli
كتاب المؤثرات ومفتاح المشكلات
Nau'ikan
وأما أنه غير موجب فلأن الشرط لو كان موجبا لأدى ذلك إلى اجتماع المتضادات لأن كون الحي حيا مصحح لكونه عالما وجاهلا ومريدا وكارها وظانا وناظرا ومشتهيا ونافرا، فلو كان كونه حيا موجبا لم يكن بإيجاب بعض هذه الصفات أولى من بعض لأنه مصحح لها على سواء، فكان يجب أن يكون الحي عالما بالشيء جاهلا به على أخص ما يمكن، مريدا له كارها مشتهيا له نافرا عنه في وقت واحد، وذلك محال.
ومتى قيل: إن كونه حيا يصحح الضدين على البدل فلا يجب أن يوجبهما على الجمع.
قيل له: إن البدل لا يدخل في الصحة لأن صحتهما ثابتة قبل ثبوت أحدهما، وإنما البدل يدخل في الوقوع. فلو كان كونه حيا موجبا لأوجب الضدين على الجمع كما صححهما على الجمع. وكذلك فلو كان التحيز موجبا لوجود الأعراض كما أنه مصحح لوجودها للزم اجتماع المتضادات، وذلك محال. ولأن كونه حيا لو أوجب صفات الجملة وصححها أجمع لخرج عن كونه شرطا فيها ولكان مقتضيا لها لأن المقتضي هو كل صفة اختصت بها ذات وجب لأجلها لتلك الذات صفة أخرى. ولهذا جعلنا كونه حيا مقتضيا لكونه مدركا مع الشرائط المعتبرة في ذلك لما كان مصححا له وموجبا. وكذلك فلو كان وجود البنية موجبا لوجود الحياة مع أنه مصحح له لخرج عن باب الشروط وللحق بباب الأسباب لأن السبب يصحح المسبب ويوجبه وهما ذاتان. فعرفت أن من حق الشرط أن يكون تأثيره في تصحيح المشروط دون إيجابه.
[الكلام في النوع الرابع]
وأما النوع الرابع من المؤثرات وهو ما لا يكون له تأثير في تصحيح ولا إيجاب بل إنما يكون تأثيره في الاستمرار على طريقة واحدة فهو الداعي والصارف. فإن الداعي لا تأثير له في صحة الفعل ولا في وجوده بل إنما ذلك راجع إلى كون الفاعل قادرا كما تقدم. وكذلك فالصارف لا تأثير له في وجوب عدم الفعل ولا في استحالة وجوده ولا في صحة عدمه. بل إنما الداعي يقتضي كون الفعل أولى بالوجود منه بالعدم ويستمر ذلك عنده، أعني وجود الفعل، على طريقة واحدة دون أن يكون له تأثير في وجوب الفعل الذي يقتضي استحالة خلافه. إذ لو كان له تأثير في ذلك لأخرج الفاعل عن حد الاختيار، فإن من حق الفاعل أن يمكنه أن يوجد فعله وأن لا يوجده كما تقدم، ولأن الداعي قد يحصل ولا يقع الفعل، فلو كان موجبا لحصوله لما صح ذلك، ولأنه لو أوجبه لم يخل إيجابه له من أن يكون إيجاب العلل أو الأسباب لأن الذوات الموجبة ليست إلا هذين، ومحال إيجابه للفعل إيجاب العلل فإن العلل لا توجب الذوات، ومحال أن يوجبه إيجاب الأسباب لأن السبب لا يخلو إما أن يختص بجهة في التوليد أو لا يختص بجهة. فإن كان الداعي من قبيل ما لا يختص بجهة لم يجز أن يولد إلا في محله. إذ لو ولد في غير محله لم يكن بعض المحال بتوليده فيه أولى من بعض لفقد الاختصاص. ومعلوم أن الفعل المدعو إليه قد يكون من أفعال الجوارح والداعي في القلب فلا يصح طريقة التوليد بينهما لأنه لا يحل محله.
وإن قيل بأن الداعي يختص في التوليد بجهة فمعلوم أن الذي يختص في التوليد بجهة إنما هو نوع الاعتماد. فلو اختص الداعي في التوليد بجهة لكان يجب أن يكون من قبيل الاعتمادات، فإن هذا القبيل يختص بهذا الحكم من بين سائر الأسباب، وكونه من قبيل الاعتماد محال لأنه مما يوجب للجملة حالا والاعتماد حكمه مقصور على محله.
وبعد فمن حق ما يختص في التوليد بجهة أن لا يصح توليده لمسببه إلا بشرط مماسة محله لمحل المسبب. وإلا لزم أن يصح من أحدنا أن يمنع الضعيف الذي يمشي على بعد منه من المشي بما يفعله في يده من الاعتماد، وإن فقد الاتصال والمماسة بأن يولد الاعتماد السكون في جسم الضعيف وذلك محال. ولأن من حقه إذا اختص في التوليد بجهة أن لا يولد إلا في محله أو في المحل المجاور لمحله دون ما عداهما. إذ لو تعداهما لم يكن بعض المحال بالتوليد فيه أولى من بعض، وذلك باطل لأنه يقتضي توليده في جميع المحال وهو محال. فثبت أنه لا بد من مماسة بين محله ومحل مسببه، ومعلوم أن أحدنا قد يفعل الأفعال بحسب الداعي في محال ليست مجاورة لمحله ولا هي نفس محله، فبطل إيجابه لها.
وكذلك فالصارف إنما يقتضي كون الفعل أولى بالعدم منه بالوجود لا استحالة وجوده لأن ذلك يخرج الفاعل أيضا عن حد الاختيار. فإن من حقه أن يمكنه أن يفعل وأن لا يفعل، وبين استحالة أن يفعل وإمكان أن يفعل تناف ظاهر، ولأن الفعل قد يوجد مع الصارف بأن يعارضه الداعي، فكيف يقضى باستحالة وجوده لأجله؟ وذلك ظاهر. فثبت أن من حق الدواعي والصوارف أن لا يكون لها تأثير في صحة الأفعال ولا في وجودها، بل إنما يكون الفعل أولى بالوجود منه بالعدم عند الداعي ويستمر وجوده عند خلوصه وارتفاع المانع مع إمكان أن لا يوجد. وكذلك فالفعل يكون عند الصارف أولى بالعدم منه بالوجود ويستمر عدمه عند خلوصه على طريقة واحدة مع إمكان وجوده.
ومتى قيل: إذا صار الفعل واجب الوجود بعد أن كان يمكن وجوده ويمكن أن لا يوجد ويمكن وجود ضده بدلا منه فهلا دلكم ذلك على افتقاره في وجوده إلى أمر زائد على كونه قادرا لأن كونه قادرا كان ثابتا من قبل ولم يجب مع ذلك وجود الفعل؟
قيل له: إن المؤثر في وجوب وجود الفعل هو كونه قادرا كما قدمنا أن ذلك لا يصح رجوعه إلى صفة من صفات الحي سوى كونه قادرا، وإنما يؤثر في وقوع الفعل على جهة الصحة والاختيار دون الإيجاب كما تقدم أن الفاعل يؤثر في وجود الفعل على وجه تتقدمه الصحة، ولا يصح تعليل وقوعه بأمور موجبة لأن ذلك يخرجه عن حد الاختيار ويزيل أحكام الفعل الراجعة إلى الفاعل من حسن الأمر بالواجبات من الأفعال والنهي عن القبائح منها والمدح على وجوه الإحسان والذم على الإساءات إلى غير ذلك. وكل تعليل يعود على ما علمناه من أحكام الفاعلين بالنقض والإبطال وجب كونه باطلا. ولأن الكلام في ذلك الأمر الموجب للفعل كالكلام في الفعل وأنه لم وجب بعد أن لم يجب فيجب أن يحتاج إلى علة أخرى ثم كذلك حتى تتسلسل العلل إلى ما لا يتناهى، وذلك محال. فيجب أن نقتصر هاهنا وأن نقضي بأن فعل الفاعل يستحيل تعليله بأمر زائد على كونه قادرا.
Shafi da ba'a sani ba