Muassis Misr Haditha

Cali Ahmad Shukri d. 1360 AH
65

Muassis Misr Haditha

الاتجاه السياسي لمصر في عهد محمد علي: مؤسس مصر الحديثة

Nau'ikan

8

وبينما كان البحث يدور حول هذا الاقتراح المراد به عرقلة الأمور إذا بوزير خارجية تركيا يشعر سفير بريطانيا السير روبرت غوردون بحقيقة ما هو جار خلف الستار، وقد أصاب في تقديره بأن هذه هي أخطر طريق لإحباط أي مشروع بغيض للديوان العالي.

9

وأعلن محمد علي في الإسكندرية بأنه على استعداد لإرسال نحو 20000 جندي نظامي ومثلهم من رجال البدو بقيادة ابنه إبراهيم، ولكنه يطالب على الأقل بضعف المبلغ الذي سمح للقنصل العام ميمو للمفاوضة على أساسه. وفوق ذلك كله فقد طلب كشرط أساسي في المساومة أن تعطيه فرنسا - بمقتضى عقد بيع صوري - أربع بوارج حربية تحمل كل منها 80 مدفعا، وقد صرح بأن هذه السفن لا محيص من الحصول عليها لضمان نجاح الحملة بسرعة وللحيلولة دون أي تدخل أجنبي، وقد ذهب عبثا كل ما بذله ميمو وهيدرا، وقد أرسل خصيصا لمساعدة ميمو - من المساعي لحمل محمد علي على العدول عن طلب البوارج الأربع التي قال إنها كانت جزءا لا يتجزأ من المباحثات التي دارت بينه وبين دوروفيش.

10

ومن ثم قفل هيدرا راجعا إلى باريس ليبسط هذه المطالب على بوليناك الذي أطلع عليها في 26 ديسمبر.

ومع أن معاهدة الصلح التي عقدت في أدرنة قد أخرجت وقتئذ مسألة تعديل الحدود الأوروبية من دائرة الاحتمال العملية فإن بوليناك كان ما يزال يعلل نفسه بالحصول على تأييد روسيا لضم الولايات البلجيكية إلى فرنسا.

ولهذا صحت عزيمته على قبول اقتراحات محمد علي وعرضها على زملائه في الوزارة، ولكنهم تشددوا في معارضة الاقتراحات وأعلن أغلبهم أن الموافقة على نقل بوارج تحمل العلم الفرنسي إلى دولة أجنبية يعتبر عملا غامضا، بل يكون متنافيا مع مقتضيات الشرف.

ثم إن وزير البحرية عارض أشد معارضة في إضعاف الأسطول إلى هذا الحد، وأعلن أنه لا يتأخر عن تقديم استقالته فيما لو قبل الاقتراح المذكور، أما وزير الحربية بورمون فقد مر بخاطره طيف المجد الشخصي فيما لو ذهب إلى الجزائر على رأس حملة؛ ولذا رفض بتاتا أن يحل محله إبراهيم باشا في قيادة الحملة. وبعد محاولات عديدة لم يستطع بوليناك أن يقنع زملاءه بأكثر من الموافقة على اعتماد بمبلغ 38 مليون فرنك يسلم منه 20 مليون فرنك لمحمد علي كطلبه ويخصص الثمانية الملايين الباقية لإنشاء أربع بوارج له في الحال، ولكن لا بد إلى جانب هذا من إبقاء عمارة فرنسية على قدم الاستعداد لتقديم مساعدتها لإبراهيم فيما لو اقتضى الأمر ذلك. ثم عاد هيدرا إلى الإسكندرية حاملا هذه الشروط المعدلة، وصدرت في الوقت نفسه التعليمات إلى قائد العمارة الفرنسية في شرقي البحر المتوسط بالحيلولة دون تهديد الأسطول التركي للإسكندرية أو مهاجمة النقالات المصرية المتجهة نحو ولايات البربر، ولما آن وقت العمل على المكشوف وأصبح قاب قوسين أو أدنى رأى بوليناك أن لا حرج عليه من مفاتحة الدول الأوروبية في الموضوع.

وعلى الرغم مما أبدته دوائر باريس السياسية من التكتم فإن الوزارة البريطانية لم تكن تجهل المشروعات التي استقر عليها الرأي، فلقد أبلغها باركر فحوى محادثاته مع دوروفيش في سنة 1829م، ثم إن السفير غوردون أرسل من الآستانة الأنباء المهمة التي أبلغها له الرئيس أفندي. يضاف إلى ذلك أن مستر نينج أوقف الرسائل الفرنسية التي بعث بها جيبومينو من الآستانة إلى باريس وبادر بتقديم نسخ منها إلى سفيرنا لورد كولي، وكانت الحكومة الفرنسية في الوقت نفسه تجيب على كل سؤال توجهه إليها الحكومة البريطانية بالنفي البات، ولم يكن من شأن هذا التصرف أن يحمل أبردين أو ولنجتون على الاقتناع بما أبدى لهما من البيانات في النهاية أو أن يوافقا على السياسة الصورية التي أعلنت أمامها. وفي 23 يناير ذهب الدوق دي لافال - سفير فرنسا في لندن - لزيارة لورد ولنجتون، وتلا عليه رسالة صورية تلقاها من بوليناك. وقد استقبل السفير بشيء من الجفاء وقيل له إن محمد علي لا يمكن قانونيا أن يمتشق الحسام ضد ولايات البربر إلا باسم مولاه السلطان ونزولا على أمره الهمايوني. وأبديت للسفير الرغبة في أن تعدل الوزارة الفرنسية عن العمل المشترك مع والي مصر،

Shafi da ba'a sani ba