147

Muassis Misr Haditha

الاتجاه السياسي لمصر في عهد محمد علي: مؤسس مصر الحديثة

Nau'ikan

84

وليت البلوى وقفت عند هذا الحد؛ فإن الاتفاق عين الأسعار وحددها ولم يتركها تتراوح على حسب تقلبات السوق؛ ولهذا تبين عندما بدأ العمل بهذه الأسعار في سنة 1841م أنها 22٪ على حسب قيمة القطن وبين 20-25٪ على حسب سعر الصوف وأكثر بكثير من 2٪ على حسب سعر الحبوب، أما الضريبة على الواردات التي أريد بها ألا تزيد عن 5 في المائة فقد بلغت فعلا 9 في المائة، وكانت نتيجة ذلك كله أن الباشا وافق في النهاية أن يفرض ضريبة قدرها 12 في المائة على حسب سعر الصادرات و5 في المائة على حسب سعر الواردات تدفع بالعملة المصرية،

85

أما فيما يختص بما احتكره من الامتيازات، فقد وجد الباشا بأن يبيع حاصلاته في المستقبل بالمزاد العام.

86

ويتعذر على المرء ألا يعرض لهذه الأخطاء وما صحبها من المفاوضات الدالة على الغباء دون أن يحس بحرج للعزة القومية.

ولقد كان في طليعة الأمور التي دعمت مركز الباشا أن تتجمع كافة القوى القادرة على مناهضة قوات مولاه السلطان ومقاومتها؛ فسعيه إذن لإنشاء جيش كبير كما تسمح بذلك موارده كان أمرا طبيعيا ومعقولا، أما كونه يسعى لإنشاء أسطول؛ فدليل على نشاط عقله وعلى الهدف الذي يرمي إلى تحقيقه؛ فلقد كان إنشاء ذلك الأسطول عاملا رئيسيا في مشاريع محمد علي فيما لو اتجهت آماله يوما ما إلى السيطرة على شئون الإمبراطورية العثمانية، ولكن كان لا بد لإنشاء ذلك الأسطول من الابتداء بأول حجر في الأساس، وذلك في بلاد بلا تقاليد بحرية بتاتا وتحت إشراف حاكم لا يدري شيئا من المسائل الفنية الخاصة بالأساطيل. على أن الباشا قد بدأ إنشاء الأسطول بالتوصية في الخارج على بناء السفن، كما فعل في بمباي وليجهورن ومرسيليا، ثم ما لبث أن طلب إلى الحكومتين الإنجليزية والفرنسية في سنة 1821م أن تبنيا له عددا من الفرقاطات.

ثم لم يمض على ذلك زمن طويل حتى أنشأ حوضا كبيرا في الإسكندرية، ومن ثم بدأ يبني السفن لحسابه مستعينا بخدمات بنائي السفن الفرنسيين للإشراف على سير العمل، وفي سنة 1828م بدأ الباشا بإنشاء ترسانة بحرية لتزويد القوات البحرية بما تحتاجه من المهمات والعتاد. ولم يلبث أن شرع في إنشاء أسطول يحل محل الأسطول الذي دمر في موقعة نافارين، وكان على يقين بأن سفنه سوف تكون أحدث عهدا وأحكم رعاية؛ مما عسى أن ينشئه السلطان من السفن، وبدلا من أن يكتفي بالفرقاطات وجه عنايته إلى إنشاء بوارج كبيرة تحمل كل منها مائة مدفع أو أكثر.

87

وفي سنة 1829م جاء الباشا بالقومندان البحري «سيريسي» من الأحواض الملكية في طولون وعهد إليه الإشراف على أحواض الإسكندرية.

Shafi da ba'a sani ba