Muassis Misr Haditha
الاتجاه السياسي لمصر في عهد محمد علي: مؤسس مصر الحديثة
Nau'ikan
وقد شهد بورنج من ناحيته بأن 100 ألف من الأفدنة البور قد أصبحت فعلا داخل منطقة الأراضي القابلة للزراعة،
53
وكان ساعد الباشا الأيمن في هذه المهمة المهندس الفرنسي المسيو لينانت الذي وضع المشروع الخالد لتوسيع دائرة أعمال الري في الدلتا وضبطها، والمشروع المشار إليه طبعا مشروع قناطر الدلتا المشهورة التي اتفق الرأي على إنشائها عند تفرع رياحي النيل فيما بعد القاهرة.
وقد كان المأمول عند وضع تصميم هذا المشروع أن يكفل ري أراضي الدلتا جميعا حتى في أسوأ أوقات الفيضان، وأن يساعد على ري ما لا يقل عن 200 ألف فدان إلى 300 ألف فدان من الأراضي الواقعة وراء القناطر المذكورة،
54
على أن وجه الصعوبة في إنشاء القناطر الخيرية كان يرجع إلى المسألة الفنية؛ فإن لينانت لم تكن له خبرة سابقة بمثل هذا المشروع؛ ولذا ظل البحث حول مشروع بناء القناطر، وتقرر في النهاية تحضير تصميم لعرضه على لجنة المهندسين في فرنسا،
55
وأظهر كثيرون من الناس ارتياحهم وقتذاك في إمكان تنفيذ المشروع الهائل الذي هو من هذا القبيل يستغرق إتمامه نحو خمسة أعوام ويتطلب من النفقات ما لا يقل عن مليون ونصف جنيه إنجليزي، على أن الحجر الأساسي للقناطر لم يوضع إلا في سنة 1247ه، ثم تبين بعد إتمام هذا العمل الكبير أنه لم يحقق ما كان معقودا عليه من الآمال؛ ذلك لأن عدم أحكام الأساس ساعد على تسرب مياه النيل، وهنا رفع المتشائمون عقائرهم، وقاموا يدللون على صواب رأيهم، ولكن المهندسين العصريين يوزعون المسئولية بين عدم تأني محمد علي وعدم خبرة لينانت، وعلى كل فإن هذه المسألة توضح أحسن توضيح قوة عزيمة محمد علي وضعفها في وقت واحد فإنها تكشف من جهة بعد نظره وفرط حبه للإصلاح والتحسين كما تكشف من الناحية الأخرى عن تعجله ونقص ما كان لديه من الوسائل.
وبالرغم من عدم تحقيق مشروع القناطر للآمال التي كانت معقودة عليها؛ فإن الأراضي الزراعية التي كانت تحت حكم الباشا قد زادت مساحتها زيادة عظيمة، وشرع الباشا في توزيع الأراضي على الأهالي كهبة لتشجيعهم على الإكثار من الزراعة، ولقد كانت الأراضي تعطى للأفراد من سنة 1829م فصاعدا على شريطة زرعها، وأسفرت هذه المنح في بداية الأمر عن إمكان استغلال ربع الأراضي فقط بواسطة الزراع وورثتهم إلى أن حل عام 1842م فتحولت الهبة من الانتفاع بغلة الأراضي إلى امتلاكها نهائيا، وحوالي ذلك الوقت أخذ الباشا في توزيع الأراضي التي أصبحت بفضل مشروعات الري الجديدة الكبرى صالحة للزراعة بشكل «جفالك»، بشرط توسيع دائرة الأعمال الزراعية فيها، وهذه الجفالك قد وزعها الباشا على أفراد أسرته،
56
Shafi da ba'a sani ba