Muassis Misr Haditha
الاتجاه السياسي لمصر في عهد محمد علي: مؤسس مصر الحديثة
Nau'ikan
لذلك عمل كلما مكنته الفرصة على أن يستبدل بأولئك الموظفين الأتراك غيرهم من المصريين، وكان دورفيني القنصل الفرنسي أول من اقترح عليه هذه الفكرة التي تعتبر وقتئذ جريئة.
وكان الباشا قد أرسل إلى المدارس الفرنسية في سنة 1826م ما لا يقل عن 45 شابا من أبناء مشايخ القرى وغيرهم للتعليم على نفقة الحكومة المصرية على أمل أن يصبحوا صالحين فيما بعد للوظائف العمومية.
30
وتصادف أن الباشا في أثناء زيارته لأقاليم الدلتا في سنة 1833م أن عرج وبصحبته «الفلقة » على صغار الموظفين الأتراك الذين يعملون في تحصيل الضرائب، فراعه عدم حدبهم على الأهالي الفلاحين وتشددهم معهم في أخذ الأموال لشئونهم الخاصة، وهنا أعلن الباشا أن مشايخ القرى الفلاحين ينبغي من الآن فصاعدا أن يرفعوا شكاياتهم إليه رأسا،
31
وكانت إحدى نتائج هذا القرار اجتماع رهط من المشايخ في الإسكندرية بعد ذلك ببضعة أشهر، ويؤخذ من بيانات سكرتير الباشا للقناصل العموميين أن الباشا أراد انتهاز هذه الفرصة ليلفت أنظار المشايخ إلى ضرورة القيام بواجباتهم على الوجه الأكمل.
وقد ذكر كامبل في تقرير له نص محادثة ودية دارت مع المشايخ المذكورين، وقد أقسموا ليبذلن كل جهد في سبيل تنفيذ أوامر الباشا حرفيا،
32
على أن ما نشر من البيانات لا يدل على شيء.
ويظهر أن محمد علي قد أدرك أنه لا يستطيع الاسترسال طويلا في سياسة استبدال الموظفين المصريين بالموظفين الأتراك؛ ذلك لأن الموظفين الأتراك كما لاحظ أحد الأجانب متمرنون أكثر من الموظفين المصريين على السرقة بلباقة، يضاف إلى ذلك أن الدساسين ومحبي الصيد في الماء العكر، وهم الذين يكثر عددهم عادة في ظل الحكم الفردي مهما كان ذلك الحكم نافعا وصالحا، كانوا يعملون على استغلال ميول الباشا الصالحة في قضاء لباناتهم، فإن مشايخ القرى - كما علم الباشا بعد ذلك - كانوا يحرضون إخوانهم على التلكؤ في تحصيل الضرائب أملا في أن يقع اللوم على عاتق الموظفين الأتراك، فيطردهم محمد علي ويعين مكانهم المشايخ، فصمم الباشا على وضع حد لهذه الحالة فورا، وكان من رأيه عدم إضاعة الوقت في القيام بتحقيقات مملة وغير منتجة لن تؤدي إلا إلى جملة أكاذيب؛ ولذا قرر معاقبة كل شيخ متهم بمثل ذلك المسلك الخطير بدون إضاعة الوقت سدى،
Shafi da ba'a sani ba