الله لا يقدر، إحنا اصطلحنا وحصل بيننا الاتفاق.
إلياس :
بالله عليك يا متري يا نجيب، تسمعنا المقالة أم كلام عجيب.
متري :
يا سي إلياس سمعا وطاعة، بس ما تقاطعونيش في الكلام يا جماعة. بقى أنا رايح أطلع في الكوميدية بصفة بانكيير، اللي في لعب البورصة عمره ما شافشي خير.
بطرس :
وتقول إيه يا متري؟ هات من تحايفك هات، يا قرة عين أولاد البلد يا مضحك الذوات.
متري :
أقول بعد ما اتنهدلي تنهيدة، تفلق الحجر وتتني الحديدة: لعنة الله يا بورصة على من أنشاك، يدخل الإنسان كافي شره ما يطلع منك إلا شاكي. عشرة آلاف جنيه مصري تمام، حوشتها بصداقة من ذواتنا الكرام، ومن شغل القطن والغلة، في أسيوط وفي المحلة.
وكنت - زي ما يقولوا - ألحس مسني، وأبات مهني. وكنت دايما أضحك ليل ونهار، وأحب التنكيت والهزار. وكل يوم أحد أطلع مع زوجتي وأولادي بعربية، نتنزه في سكة شبرا وبعدها ندخل الأزبكية. نسمع في قهوة عمر آغا نغمة الأوتار، ومن محمد سالم والشنطوري وداود ألطف الأدوار. وبعد العشا نروح للتياترو العربي العجيب، وننبسط في لعب متري واسطفان وحبيب، وعبد الخالق وبطرس وإلياس وحنين، ونصفق ونقول عفارم للبنين. ومن هناك نرجع بيتنا نشرب القهوة العظيمة، ونحبس بها نفس دخان شبقات اليسمينة. إنما اليوم الأحوال تغيرت، وأفكارنا الرايقة تحيرت. الله يلعن البورصة ويوم دخولي فيها، ارحم يا ربي عبادك واخفيها. الله يجازي السمسار اللي غواني، وأدخلني البورصة وبمكره عماني. وخلاني أشتري وأبيع أوراق وأترك أشغالي، المشترى يصبح رخيص والمبيع يصير غالي. هكذا الخسارة من الجهتين، عمري ما كسبت لي يوم في سنتين. أما صاحبي السمسار، بسلامته زي المنشار، ياكل نازل وطالع، وكدا صبح هو متحين وأنا والع. والله أستاهل، ما يصحش إلا أعمل بورصجي، على شان ما تبقى السماسرة تروح عندي وتجي. والواحد منهم يقول لي: نهارك سعيد، اليوم الأخبار عال بدنا نعمل شغل جديد. ونعوض الخسارة القديمة، اسكت يابو الدهب النهاردة التلغرافات عظيمة. البروسياني انكسر، والفرنساوي انتصر. هات لي إذن بمشترى قد ماية ألف رنديتا فرنساوي، ناكل بهم اللوز والسكر صدقني أنا ما نيش لهجاوي. أنا سمسار أحب ما علي أكسب الزباين، ما نيش زي السمسار إياه الخاين. وكان عندي خبر، سمعته من باشا معتبر. بس خليه في سرك، اسمع مني ده خبر يسرك. قال صاحبنا الفرنساوي دخل في عيون الوزير، وراح يتقدم للجندي الكبير. ويعمل له سلفة ويدفع بها الكوبون، فكدا الأسعار تطلع، إئذني أشتري لك من المصري قد مليون. آدي شغلتين، في ظرف جمعتين، تكسب فيهم بالقليل، عشرين ألف جنيه يابو خليل. آه وأنا كنت أصدق كل الأقوال، وعلى العمياني أعمل الأشغال. فكدا في أقل من سنتين، ضيعت ما ورائي وما قدامي وصبح علي دين. والأدهى إني خطبت بنتي الكبيرة، والمهر ألفين ليرة. وامبارح عم العريس الخواجة حبيب، قال لي يا بابا فرح أولادنا صار قريب. ودفع المهر، يستحق في آخر الشهر. بقى حضر لنا الخمسين ألف فرنك، نعدي ناخدهم بكرة من البنك. آه من الخمسين ألف فرنك، ما عندي ولا خمسين ألف بارة، الله يلعن البورصة ما نابني منها إلا الخسارة. يا ليت الخسارة بس إلا كمان نحول الجسم، والهتيكة والفضيحة وكسر الاسم. اشملني بكرمك وحلمك يا رحمن، الموت أفضل من دي العيشة اللي زي القطران.
Shafi da ba'a sani ba