Misira: Zanen Mutane da Wuri da Lokaci
مصر: نسيج الناس والمكان والزمان
Nau'ikan
وفي أوائل التسعينيات نبه مجموعة من العلماء إلى مخاطر مناخية كثيرة ناجمة عن ممارسات بشرية، معلنين أن استخدام الطاقة والموارد بالصورة الحالية ثقيلة الأثر على البيئة العالمية، وتهدد باختلال التوازن في العمليات الطبيعية، وخاصة في دورة الكربون والنيتروجين في الجو. وفي باريس - يناير 2007 - عقد مئات العلماء اجتماعا أعادوا فيه التأكيد بأن مناخ العالم يتغير إلى الأسوأ، مطالبين الولايات المتحدة بالذات المصادقة على اتفاقية كيتو المناخية - تنتهي صلاحياتها 2012 - لكن الرد الأمريكي الرسمي كان باردا!
ودعا هؤلاء العلماء إلى إنقاص استخدام موارد الطاقة الحفرية: فحم وبترول وغاز بقدر يصل إلى أكثر من ثلاثة أرباع المستخدم منها في الدول الصناعية. ولكن قوة شركات الفحم والبترول الضخمة لا تجعل هذا الأمل قريبا . فالفحم المستخدم ما زال ينمو بنسبة نحو 125٪ للفترة 1977-1997، نتيجة لقوة شركات الفحم الأمريكية وحملاتها الدعائية عن أن مملكة الفحم هي الباقية. بينما الحقيقة أن مشكلة الفحم هي مشكلة اجتماعية؛ لأن البطالة سوف تهدد جانبا كبيرا من العاملين في مناجم الفحم، وهم كثر ولهم نقابات قوية، فضلا عن اعتماد دول كثيرة صناعية ونامية على الفحم في إنتاج الكهرباء. ونموذج ذلك أن نحو 55٪ من الكهرباء المنتجة في الولايات المتحدة وألمانيا ما زال مصدرها الفحم، وترتفع إلى نحو 75٪ في الصين وأستراليا والهند وإلى أكثر من 90٪ في بولندا وجنوب أفريقيا. وللفترة ذاتها (77-97) كان نمو استخدام البترول يتزايد بنسبة أقل من الفحم بلغت 118٪، بينما ارتفع استخدام الغاز الطبيعي إلى نحو 172٪؛ وذلك لأنه أقل تلويثا من البترول ومشتقاته، ولأن مناطق إنتاجه متعددة وموزعة بتعادلية نسبية عالميا، عكس حقول البترول التي تحتكرها أقاليم محدودة من العالم.
ويأمل البعض في إمكان تخفيض المستخدم من الطاقة والمعادن بمقدار النصف دون مشقة كبيرة بوسائل كثيرة وتشريعات قانونية. مثلا تحسين أداء الوقود في السيارات، وتخفيض وزن السيارات وجعلها أكثر انسيابية - إيروديناميك - لتقليل الاحتكاك بالهواء ومن ثم تقليل استهلاك الوقود، تحسين تقنية بناء الطرق أيضا لتقليل استهلاك الوقود، والتحول التدريجي إلى السيارة الكهربائية، وغيرها من الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
وفي هذا المجال نذكر أن الطاقة الكهربائية المولدة بالرياح ارتفعت بمعدل واحد إلى عشرة آلاف للفترة 1985-1997، وأن مبيع تجهيزات استخدام الطاقة الشمسية ارتفع بمقدار 435٪ للفترة ذاتها؛ نتيجة إدخال هذه التجهيزات في المباني أثناء بنائها أو المباني سابقة التجهيز. وغني عن البيان أن إنتاج غالبية هذه الطاقة النظيفة يتم في مجموعة الدول المتقدمة.
وأمام مخاطر الطاقة النووية فالملاحظ أنها تكاد تتوقف عن النمو عما هي عليه عالميا. ففي كل التسعينيات كان نموها هو الرقم المتواضع 104٪ فقط!
تطبيق هذه المتطلبات سيؤدي إلى تقليل انبعاث الغازات الضارة، وتقليل أثر مناخ «الصوبة» عالميا. أما الوصول إلى نتائج أفضل فتقتضي خيار الانتقال الفردي بوسائل النقل العام أو التشارك في ملكية سيارة أو استخدام الدراجة الهوائية - أو الدراجة الكهربائية التي لا تزال في بداياتها في اليابان، ومن ثم فهي غالية الثمن - أو كل هذه مجتمعة. (2-2) أزمة المياه العذبة في مصر
موقع مصر في قلب النطاق الصحراوي يجعلها أكثر الدول اعتمادا على مياه النيل. وبافتراض أن الأمطار الموسمية على إثيوبيا - التي هي المصدر الأساسي لمياه النيل في مصر والسودان الشمالي - سوف ينتابها تغير طفيف أو تغير كبير، فإن الحاجة الملحة تدعو مصر إلى ترشيد حازم وفوري لاستعمالات الماء منذ الآن. وهناك قائمة طويلة من أجل الترشيد يعرفها الجميع، من الرجل العادي إلى الفنيين في أمور هيدرولوجية النيل، وإلى رجال الدولة القائمين بوضع السياسات وتقنينها تشريعا.
وفوق ذلك يقتضي الأمر إدراج موضوع «المياه» كمقرر مستمر يدرس في جميع مراحل التعليم، ليس فقط لإشاعة المعرفة بخطورة الموقف، ولكن أيضا لممارسة ذلك الترشيد في البيت والري ودور العبادة وجميع الأعمال الهندسية والصناعية وأعمال التنظيف ... إلخ. وجنبا إلى جنب يجب إعادة استخدام المياه بعد معالجتها؛ لكي تصبح مصدرا يضاعف حصة مصر من مياه النيل. هذا فضلا عن ضرورة عقد اتفاقية شاملة بين دول حوض النيل على ضوء المبادئ الدولية المعترف بها، وحق كل الناس حسب أعدادهم واحتياجاتاهم في تلك الدول ومراحل التنمية التي تمر بها.
ومن الأمور العاجلة ضرورة تكثيف البحوث حول المياه الجوفية في الصحاري المصرية، والدراسات في هذا المجال متوفرة بكثرة لدى خبراء المياه والجيولوجيا. وكل ما علينا استعادة الرؤية بإضافة استخدام الوسائل العلمية الجديدة، وبخاصة الاستشعار من بعد والصور الفضائية لاختيار أوفق الأماكن لعمل آبار الاستكشاف، وكل ما هو معروف لكل المختصين في هذه الشئون. تجربة شرق العوينات يمكن أن تكون رائدا في هذا المجال مع الترشيد، وكذلك ترشيد استخدام المياه الجوفية الوفيرة في واحتي الفرافرة والداخلة. الشيء الهام هو عدم المبالغة في تخطيط مشروعات التنمية؛ حتى لا نضخ من المياه ما يؤدي إلى سرعة نضوبها، كما حدث في واحة الخارجة. وبعبارة أخرى إقامة مشروعات زراعية متوسطة إلى صغيرة، غالبها خاص وليس حكوميا، تسمح باستخدام أمثل وأطول مدى. المشروعات الكبرى كما حدث في السعودية وليبيا ليست هي النموذج؛ لأنها مكلفة وغالبا هي قصيرة الأجل لبضع عشرات من السنين فقط. التوازن البيئي يجب أن يراعى من أجل استخدام كل نقطة ماء في محلها. فالعالم الآن في أزمة مياه، والبحوث كثيرة حول المياه الجوفية في أنحاء مختلفة، حتى تلك التي تتمتع بقدر وفير من الأمطار والأنهار كالولايات المتحدة والهند. ذلك أن عهد استخدام الأنهار للري أوشك على الانتهاء؛ لكثرة ما أقيم على الأنهار من السدود، وعهد القنوات والترع والجريان السطحي بالجاذبية والري بالغمر هو الآخر أوشك على الانتهاء، وما زالت مشروعات تحلية مياه البحر شديدة التكلفة وشديدة الاحتياج إلى طاقة رخيصة، إلا إذا كان الأمر يتعلق بسقاية مدينة أو مستوطنة صغيرة على ساحل البحر في المناطق الصحراوية.
هذا فيما يختص بالماء عنصر الحياة الأول. أما حول تلوث الهواء نتيجة استخدام الوقود الحفري، فإن مصر، لحسن الحظ، تفتقر إلى وجود الفحم باستثناء فحم المغارة في شمال سيناء، الذي هو من نوع رديء لا يساوي ما أنفق على استخراجه. كما أن مصر تشهد توفيقا جيدا في تحويل الكثير من محطات توليد الكهرباء إلى الغاز الطبيعي بدلا من مشتقات البترول.
Shafi da ba'a sani ba