Misira da Al'adun Musulunci
مصر والحضارة الإسلامية
Nau'ikan
فكان للمصريين شأن واضح في علم القراءات، وكانوا أساتذة القراء في الأندلس والمغرب، وفي علم الحديث زار أصحاب الكتب الستة مصر فيما زاروه من الأقاليم الإسلامية، واعتمدوا على رواية كثير من المصريين. وكان أحدهم - وهو النسائي صاحب «السنن» - عظيم الاتصال بمصر، فقد عاش فيها حقبة طويلة من عمره، ومن أقدم علماء الحديث عبد الله بن وهب المصري صاحب كتاب «الجامع في الحديث»، وقد عثر على نسخة بردية منه ترجع إلى القرن الثالث الهجري.
وممن نبغوا في علوم الدين من المدرسة المصرية في فجر الإسلام عبد الله بن لهيعة، والليث بن سعد. وقد انتشر مذهب الإمام مالك في مصر منذ البداية، والحق أن لوادي النيل الفضل الأكبر في انتشار هذا المذهب في إفريقية والمغرب والأندلس. وكذلك وفد الإمام الشافعي على مصر، وقويت مدرسته فيها، وأخذ عنه المصريون طريقته في المناظرات الفقهية، والكتابة العلمية، ولكنه تأثر بمصر، وكون مذهبه الجديد فيها.
2
وصفوة القول أن مصر مهد المذهب الشافعي، وأن من المصريين أعظم رجاله.
ونلاحظ في هذه المناسبة أن تغييرا كبيرا تم في وادي النيل منذ القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي)، فقد اندمج المسلمون اندماجا كليا في الأمة الإسلامية، وأصبحت الأغلبية العظمى في مصر تدين بالإسلام، كما أصبحت العربية لغة المصريين من مسيحيين ومسلمين، وتزوج العرب من بنات المصريين الذين اعتنقوا الإسلام، فهوى الحاجز الذي كان يفصل في البداية بين العرب وغير العرب.
وقد كان لمصر شأن يذكر في حياة المذهب الشيعي، وتطور تعاليمه، فلم تكن مصر حاضرة الإمبراطورية الفاطمية الشيعية فحسب، بل إن الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله ادعى الألوهية نتيجة للعقائد الفاطمية في أشد درجاتها غلوا، وأعلن أنصاره عبادته وتوحيده وتنزيهه، وكان على رأس هؤلاء الأنصار داع اسمه درزي، وإليه ينسب مذهب الدروز الذين يعيشون في الشام، ويعبدون الحاكم بأمر الله إلى اليوم، ويعتقدون بأنه لم يمت، وإنما اختفى وسيظهر يوما من الأيام.
3
وكذلك كان لمصر سبق مذكور في ميدان التصوف، فالمعروف أن ذا النون المصري كان من أكبر النساك في بداية التصوف، وقد عاش ذو النون في مصر وتوفي في الجيزة سنة 245ه/860م، ويعدونه من أقطاب الصوفية، بل يقال إنه أول شيخ أعلن اعتناقه العقيدة الصوفية، ومهما يكن من الأمر فإن لذي النون فضلا كبيرا في وضع كثير من التعاليم الصوفية كما نعرفها الآن، وإليه ينسب القول بأن الوجد وليس العلم هو السبيل الوحيد لمعرفة الله المعرفة الحقيقية.
وفضلا عن ذلك فإن أكبر الشعراء الصوفية هو ابن الفارض المصري (577-632ه/1181-1235م)، وقصيدته التائية الكبرى التي مطلعها:
نعم بالصبا قلبي صبا لأحبتي
Shafi da ba'a sani ba