Misira Daga Nasir Zuwa Yaki
مصر من ناصر إلى حرب
Nau'ikan
عندما سعى الاتحاد السوفييتي لكي لا يشارك في مؤتمر السلام، إلى جانب الأطراف المعنية بالصراع، سوى الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية، لم يكن السبب هو الخوف من موقف جمهورية الصين الشعبية (في حالة ما إذا شارك في المؤتمر كل أعضاء مجلس الأمن)، وإنما لسبب آخر. إن مشاركة الدول الإمبريالية الأخرى، مثل إنجلترا وفرنسا، كان من الممكن أن يؤدي إلى أن هذه الدول لم تكن لتقف في اللحظات الصعبة والحاسمة للدفاع عن مصالح العرب، كما أنها لم تكن لتقف أيضا، بطبيعة الحال، إلى جانب الحركة العربية التقدمية؛ ولذلك ولصالح العرب، كان من الضروري الاكتفاء بمشاركة الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي. بالنسبة للقوميين، مثل هيكل والسادات، كان من الواضح أنهما لا يدركان الفارق بين السياسة الخارجية للاتحاد السوفييتي والسياسة الخارجية للدول الرأسمالية.
يختلق الكاتب كثيرا من التلفيقات، وهو يصف الحديث الذي دار بين القيادة السوفييتية ونيكسون، وهي أمور لا تتفق إطلاقا مع الواقع، وبصفة خاصة عندما يزعم أن الاتحاد السوفييتي كان يدير مباحثاته مع الأمريكيين حول وقف عمل «الجسور الجوية»؛ السوفييتية إلى مصر، والأمريكية إلى إسرائيل.
ص248:
لقد وصل الاستهتار بالسادات، أقولها بلطف، إلى حد أنه، بينما كانت الأسلحة الأمريكية الحديثة التي تسلمتها إسرائيل لتوها لا تزال تقتل المصريين، كان السادات يتحدث بتفاخر أنه يقاتل الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، وفي هذا الوقت أرسل السادات دعوة إلى كيسينجر، من وراء ظهر الاتحاد السوفييتي، لزيارة القاهرة! وهي الحقيقة التي عرفت، فضلا عن الدعم السياسي الكامل، وكان يصرخ من نفاد الصبر والخوف، بينما ظل الإسرائيليون يواصلون تقدمهم في مصر غير عابئين بقرار مجلس الأمن بشأن وقف إطلاق النار.
من الطريف أن هيكل في هذه المرة يؤكد على الاتصالات المستمرة، التي راحت تساندها أجهزة المخابرات المصرية والأمريكية طوال فترة الأحداث العسكرية.
ص250:
من المدهش جهل هيكل وعدم إحاطته علما بالحقائق المهمة للتاريخ، الذي أخذ على عاتقه كتابته! كتب هيكل يقول: إن أكبر عيب في قرار مجلس الأمن رقم 339 أنه لم يطلب عودة القوات إلى المواقع التي كانت تحتلها في الثاني والعشرين من أكتوبر! بينما كان البند الوحيد العملي في هذا القرار هو تضمنه طلب عودة القوات إلى المواقع التي كانت تحتلها في الثاني والعشرين من أكتوبر! ففي هذا البند يتلخص مغزى هذا القرار، بل والمغزى الوحيد له. كان القرار مهما ومثل انتصارا كبيرا للاتحاد السوفييتي، وربما كان ذلك تحديدا ما دفع هيكل لتحريفه. أما السادات فقد قرر أن يتنصل منه بعد أن صاغ فيما بعد «اتفاقا (مشوها) من ست نقاط» مع كيسينجر، بدلا من هذا القرار الذي تم إعداده على نحو جيد ومحكم، والذي تبين أنه لا يلزم الإسرائيليين ب «الفصل بين القوات».
وعلاوة على ذلك، فقد اخترع الكاتب أيضا حديثا دار بين السادات والسفير السوفييتي بخصوص موضوع وقف إطلاق النار.
ص251:
تحريف جديد لهيكل لأحداث واقعية، ينفي هيكل عنها مغزاها السياسي الكبير. لقد طلب المصريون من الاتحاد السوفييتي إرسال قواته. نعم طلبوا، والذي طلب هو السادات نفسه، حيث إن الإسرائيليين لم يلتزموا بوقف إطلاق النار، واندفعوا إلى الأمام لكي يطوقوا الجيش الثالث المصري والاستيلاء على مدينة السويس، بينما راح نيكسون يؤكد للسادات والاتحاد السوفييتي، أنه بناء على المعلومات المتوافرة لدى الأمريكيين، فإن إسرائيل ملتزمة بوقف إطلاق النار. لقد توجه السادات إلى الاتحاد السوفييتي وإلى الولايات المتحدة بطلب إرسال قواتهما و، أو، مراقبين لإجبار إسرائيل بالقوة على وقف تقدمها، وعندما رفض الأمريكيون توجه السادات إلى الاتحاد السوفييتي عبر السفير السوفييتي، وطلب من الاتحاد السوفييتي أن يرسل منفردا قواته. وقد كان لإعلان الاتحاد السوفييتي تحديدا استعداده لتلبية طلب السادات أثره في دفع الأمريكيين «لحفظ ماء وجههم»، ومن ثم إعلان «حالة التأهب النووي»، عندئذ أدركت إسرائيل ومعها الولايات المتحدة الأمريكية أن العبث مع الاتحاد السوفييتي أمر خطير، وهنا توقف الإسرائيليون. وللمرة الثانية في تاريخ مصر الحديثة ينقذ الاتحاد السوفييتي بخطواته الحاسمة مصر من هزيمة كاملة.
Shafi da ba'a sani ba